مرسي ظالماً ومظلوماً
عبدالفتاح علي البنوس
اختلفنا كثيرا مع السياسة التي أدار بها الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي مصر عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية المصرية التي سرعان ما انقلب عليها تحالف الشر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة الشر ، ودويلة الإمارات ، والتي عملت على إسقاط مرسي وتمكين العسكر من حكم مصر وإيداع مرسي السجن بتهم عدة لعل أكثرها سخافة تلك التي تحدثت عن تخابره مع حركة حماس ، مرسي الذي خضع لسياسة مكتب المرشد وفشل في التخلص من سطوة المرشد وتسلطه على سلطة القرار داخل القصر الرئاسي المصري ، وجد نفسه في زاوية ضيقة بعد أن شعر الشارع المصري بأنه يسير بسياسته نحو أخونة مصر وهو ما شكل خطراً لدى الأمريكان وصهاينة العرب من آل سعود وآل نهيان ، فحاكوا المؤامرة عليه ، ودعموا الانقلاب ضده ، ونجحوا في عزله ومن ثم سجنه والشروع في محاكمته ، بعد أن نصبّوا عبدالفتاح السيسي رئيسا ، وهو من حلف اليمين أمام مرسي عند تعيينه وزيرا للدفاع ؛ ولكن ورغم اختلافنا مع مرسي إلا أن ذلك لا يلغي الحقيقة الدامغة التي لا لبس فيها ولا غموض والتي تقول بأن محمد مرسي هو الرئيس الشرعي لجمهورية مصر ، وأن نظام العسكر المدعوم أمريكيا برئاسة عبدالفتاح السيسي هو من عمل على تصفيته نتيجة سوء المعاملة التي كان يتعرض لها داخل السجن ، وهو ما أثر سلبا على حالته الصحية مما أدى إلى تدهورها ليفارق الحياة يوم أمس الأول في ظروف غامضة ، وسط تشكيك الرواية الرسمية المصرية التي تحدثت عن سقوطه المفاجئ داخل قاعة المحكمة أثناء حضوره جلسة محاكمة له.
يحاكمون مرسي بتهمة التخابر مع حماس ، ويصفقون للسيسي ويتغزلون في مدحه والثناء عليه ،وهو من باع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية ، وهو من تاجر باسم ومكانة مصر ، وجعل منها مجرد أداة بيد مهفوف السعودية وغُرِّ الإمارات من أجل المال المدنس ، لقد مات مرسي ، ولكنه مات مظلوما وسينتظر من ظلمه هناك بين يدي الحكم العدل ، سيحاسب على الظلم الذي مارسه وارتكبه في حق الشيخ حسن شحاتة وطلابه والمذبحة التي ارتكبت في حقهم خلال فترة حكمه ، وسيحاسب على دعمه ومساندته للعدوان والحرب على سوريا وعلى كل المواقف السلبية التي تورط فيها ، وفي المقابل سيحاسب السيسي ومن دار في فلكه على الانقلاب عليه وإسقاط شرعيته ، التي لا يمكن مقارنتها بشرعية هادي المزعومة التي تحالف السيسي مع السعودية والإمارات من أجل استعادتها حسب زعمهم ، في الوقت الذي جاء هو إلى السلطة من خلال انقلابه على الشرعية المصرية الحقيقية ، سيحاسب السيسي وآل سعود وآل نهيان على عزل مرسي وسجنه وتصفيته ، قد يفلتوا من العقاب في الدنيا ، إذا لم تنقلب عليهم أمريكا وتدور الدائرة عليهم كما حصل لمبارك والبشير ، ولكنهم لن يفلتوا من عقاب الآخرة ، فهناك ستكون العدالة الإلهية حاضرة ، لا وساطات خليجية ، ولا ضغوطات أمريكية ، ولا تأثير للوبي اليهودي ، هناك سيحصحص الحق وينتصر الله للمظلومين من الظالمين وينزل عليهم عقابه ويحل عليهم سخطه ومقته ، ويواجهون مصيرهم المحتوم.
بالمختصر المفيد، مات مرسي مظلوما في ظروف غامضة لا يعلم تفاصيلها إلا الله ، ومثلما كانت دماء الشيخ حسن شحاتة وطلابه هي من عجلت بسقوط مرسي وتسلَّط السيسي والعسكر عليه وإدخاله السجن ومحاكمته ليلاقي ربه مسجونا مظلوما ، فإنه ينتظر السيسي ذات المصير وقد ربما يكون مصيره أكثر بشاعة قياسا على حجم الجرائم التي ارتكبها ، وتبعا للسياسة الرعناء التي يدير بها مصر ، سياسة التجويع والتجريع والإفقار ، والعمالة والخيانة والإرتزاق ، ولو لم يكفه سوى مشاركته المشبوهة في تمرير صفقة القرن ودوره المحوري في إيجاد أرض بديلة للفلسطينيين في سيناء لإقامة دولتهم عليها حسب التسريبات الأولية لمضامين هذه المؤامرة الكبرى على القضية الفلسطينية المسماه (صفقة القرن) ، علاوة على مشاركته في العدوان على اليمن ، وتحويله مصر إلى دولة تابعة للسعودية والإمارات تأتمر بأمرهما وتنتهي بنهيهما وتدين لهما بالولاء والسمع والطاعة.
رحمك الله يا محمد مرسي ، وعند الله تجتمع الخصوم ، “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”، والعاقبة للمتقين.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.