رمضان الأروع في تاريخ اليمنيين.. لماذا؟
حميد رزق (*)
مر شهر رمضان المبارك على اليمنيين هذا العام ليس كما قبله في السنوات السابقة، صحيح ان الحرب والحصار مستمران في التأثير على حياتهم وتفاقم معاناتهم في مختلف المجالات، غير ان المعادلة العسكرية تتبدل بمرور الوقت وظهرت تجليات ذلك في العمليات النوعية التي نفذها سلاح الطيران المسير في العمق السعودي، وكانت العملية الفارقة في هذا المسار ما عرف بعملية الطائرات السبع التي استهدفت خزانات الوقود التابع لشركة ارامكو في الدوادمي والعفيف قرب الرياض في التاسع من شهر رمضان الموافق 14 مايو.
الظرف الإقليمي والتوتر الحاصل في المنطقة على خلفية التهديدات المتبادلة بين إيران وامريكا أعطى عملية الطائرات السبع أهمية استثنائية وأبعاداً واسعة وكبيرة بالإضافة إلى كونها العملية الاولى التي تطال بنجاح أهدافا نفطية سعودية مركزية وحساسة بدقة عالية، بعد يومين فقط من حادثة الفجيرة واشتعال النيران في عدد من ناقلات النفط في الميناء الإماراتي النفطي الاستراتيجي.
توقيت عملية الطائرات السبع دفع بعض المراقبين للربط بينها وبين حادثة الفجيرة وتصوير المسألة باعتبارها رسائل ايرانية متزامنة إلى الادارة الامريكية غرضها الضغط لرفع الحصار الاقتصادي عن طهران، غير أن اليمنيين باعتقادي استفادوا من الظروف الإقليمية ومن التوقيت بشكل ذكي فهدف العملية ليس الإصابة المباشرة للهدف النفطي السعودي فقط (كما هو حال عمليات يمنية أخرى غير معلنة)، كان المطلوب لعملية الدوادمي والعفيف أن تأخذ صدى إعلامياً وسياسياً واسعاً وبالتالي فالظرف وطبيعة الهدف والتوقيت تخدم الاجندة السابقة وأسهمت في تحقيق كامل أهداف العملية الميدانية والسياسية والإعلامية .
لم يكتف الجيش بالعملية السابقة وبعد أيام قليلة أعلنت قناة المسيرة عن عرض مقاطع مسجلة تظهر لأول مرة عملية قصف الطيران المسير لمطار ابو ظبي في شهر يناير العام الماضي، ولقيت المشاهد تفاعلا كبيراً وواسعا في الإعلام العالمي والأهم من ذلك أنها عززت من رسالة الردع والاقتدار الذي وصل اليه اليمنيون في مجال التطوير والتصنيع العسكري الأمر الذي يشير إلى تغيير كبير في قواعد المواجهة مع النظامين السعودي والإماراتي خلال المراحل القادمة برغم مرور أربع سنوات من الحرب والحصار التي حصدت الفشل المدوي.
السلطات الإماراتية التي نفت العام الماضي حدوث أي ضربة يمنية في مطار ابو ظبي، اكتفت بالصمت وتجاهلت التعليق على المشاهد التي عرضتها قناة المسيرة، في دلالة واضحة على صدمة وإرباك كبيرين لدى صانع القرار في مشيخة الإمارات ولم يكتف اليمنيين بالإنجازات العسكرية السابقة ولم ترهبهم حالة التجييش والصراخ السعودي الإماراتي الأمريكي فعاود الطيران المسير ممارسة مهامه التي صارت شبه يومية في العمق السعودي فنفذ هجمات مزدوجة استهدفت مرابض الطائرات في مطار نجران الإقليمي يوم السادس عشر من شهر رمضان قبل أن يعود في اليوم التالي وينفذ ضربة ثالثة استهدفت مخازن الأسلحة في ذات المطار، وبعد أيام قليلة وفي نهاية شهر رمضان المبارك نفذ سلاح الطيران المسير هجمات مركزة استهدفت مطار جيزان الذي صار شبه قاعدة عسكرية أمريكية بحسب مصادر عسكرية يمينة.
العمليات التي نفذها الجيش بواسطة سلاح الطيران المسير في شهر رمضان المبارك حظيت بترحيب واسع في اوساط اليمنيين فكان عيدهم عيدين وارتفعت معنويات ملايين المواطنين الذين انطلقوا في حملة تبرعات لدعم التصنيع الحربي في ظل أجواء يسودها الشوق لسماع المزيد من الأخبار عن ضربات نوعية وموجعة ضد النظامين السعودي والإماراتي.
لقد كان شهر رمضان المبارك هذا العام متميزا عند اليمنيين تذوقوا فيه طعم الانتصار وعاشوا لحظات عزة وتفاؤل بقرب الخلاص والاقتصاص من آل سعود ومشيخة الإمارات بعكس السنوات السابقة التي استمر فيها القصف والتدمير من جانب واحد، وبات اليمنيون أكثر تفاؤلا وثقة في جيشهم ولجانهم الشعبية وفي القيادة الثورية والسياسية التي تمكنت بفضل الله من تحويل المستحيل إلى حقيقة لتقر أعين الشعب المكلوم بضربات نوعية ومفصلية لدول الجريمة والعدوان على يمن الحضارة والمجد والتاريخ ..
(*) مدير البرامج السياسية في قناة المسيرة