تــــعز. . محطات للنضال الوطني


لقد ع◌ْرفت (تعز) منذ وقت مبكر¡ كواحدة من أبرز محطات الإبداع والتميز والنضال الوطني¡ على مختلف الأصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسية¡ وخصوصا◌ٍ في تلك المراحل التي كانت فيها عاصمة لدويلات يمنية وأنظمة حكم مختلفة.
لعل هذا التميز يرجع إلى وسطية الموقع الجغرافي الذي تحتله (تعز)¡ حيث تبدو كحلقة وصل ونقطة التقاء بين محافظات مختلفة في نفس الدولة¡ أو بين دولتين منفصلتين بنظامي حكم مختلفين¡ والمقصود هنا التماس بين (تعز) و(عدن)¡ بما مثلته هاتان المحافظتان من أهمية لبعضهما رغم تناقض الأنظمة السياسية والاقتصادية فيهما خلال مرحلة تاريخية تشطيرية.
لقد أسهم أبناء تعز بشكل كبير في الأداء السياسي والاقتصادي (التجاري) الذي شهدته عدن المستعمرة البريطانية¡ بعد أن صقلت التجارب المختلفة لأبناء عدن شخصيات القادمين إليها من أبناء تعز المحدودي التعليم التقليدي¡ في ظل حكم إمامي¡ ولينتج عن هذا التمازج والتداخل والارتباط التكاملي بين هاتين المدينتين¡ نماذج من الإبداع الفني والثقافي¡ ونماء للنشاط التجاري¡ والأهم من ذلك كله النضال السياسي¡ الذي كانت (تعز) و(عدن) ساحتيه الأوليتين¡ حيث تنطلق من إحداهما الأفكار والحركات السياسية لتستقر في الأخرى¡ وما تلبث أن تعود تلك الحركات إلى منطلقها الأول في صيغة أحداث بالغة الأهمية¡ سواء كانت حركات شعبية¡ أم انقلابات عسكرية¡ أو ثورات سياسية.
لذا يبرز ذلك الارتباط الوثيق بين 26 سبتمبر 1962¡ و14 أكتوبر 1963¡ وهو ارتباط قديم حديث¡ استند على حالة التناقض بين الأنظمة السياسية¡ لينطلق من خلالها إلى صناعة أحداث منسجمة شعبيا◌ٍ¡ وكان من أهمها أن مهدت لإعادة تحقيق وحدة الوطن.
هذا الدور البارز لتعز لم يكن منحصرا◌ٍ في أبنائها¡ فقد شكلت حضنا◌ٍ دافئا◌ٍ وحصنا◌ٍ حصينا◌ٍ لكل من لجأ إليها من أبناء المحافظات الأخرى¡ كما كانت الرحم الحقيقي الذي أنجب العديد من القيادات في مختلف المناحي الحياتية ومن مختلف محافظات اليمن (شماله وجنوبه).
إذن.. ينبغي الإشارة إلى أهمية هذه المحافظة ودورها الحيوي¡ بالتكامل مع عدد من المحافظات الأخرى¡ في صياغة الكثير من معالم الحياة التي تعيشها اليوم بلادنا اليمن¡ أيا◌ٍ كانت تلك المعالم¡ وبغض النظر عن نتائجها.
• أكاديمي – جامعة تعز

قد يعجبك ايضا