الأمم المتحدة مسؤولة عن استهداف المدنيين في اليمن

عبدالرحمن علي الزبيب
يتساقط المدنيون في اليمن ضحايا حرب منفلتة من الضوابط والقيود القانونية للحروب كل يوم نستيقظ على أصوات أنين الضحايا من المدنيين وننام على إيقاع تدمير المساكن والمنشآت المدنية التي تستهدفها آلات الحرب المنفلتة المجنونة وسط المدن الآهلة بالسكان والذي يعتبر انتهاكاً و جريمة حرب ضد الإنسانية ويستوجب تحييد المدن واخراجها من أي مربع لأي عمليات عسكرية، لا يوجد مبرر لاستهداف المدن، وتبريرها جريمة ابشع من مرتكبها، قلوبنا موجوعة بألم الضحايا الذي لا حدود له وصدورنا مختنقة ومحتقنة من استمرار استهداف المدنيين وسقوط أطفال اليمن ونسائه والمدنيين تحت طاحونة الحرب والأمم المتحدة صامتة وإن تكلمت شجبت واستنكرت وأدانت وعادت بعدها لنومها العميق جداً.
نتألم باستمرار وكل يوم نفجع بجريمة بشعة تتساقط دماء المدنيين وتتناثر أشلاء الأطفال والنساء وتمتزج ببقايا منازل استهدفها قصف هستيري مجنون لا ضابط له ولا كابح لجماحه.
يجب أن يضع الجميع أنفسهم في موقع والد طفل سقط ابنه ضحية هذه الحرب المنفلتة المجنونة، في موقع زوج امرأة، والد بنت، أخيها، أبيها وهي ممزقة الأشلاء وجدران بقايا المنزل مخضبة بدماء الأبرياء.
هل بالإمكان أن يضع الجميع أنفسهم مكان ذلك الإنسان المكلوم وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة وممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وموظفو الأمم المتحدة، هل هؤلاء بشر مثلنا هل هم من فصيلة الإنسان، أم أنهم من كوكب آخر خلف المريخ بأميال؟.
الحرب لاتعني استباحة الدماء والممتلكات والحقوق والحريات في كل مكان وزمان فالحروب لها ميادينها وأي خروج عنها يعتبر جريمة حرب ضد الانسانية يساءل ويعاقب مرتكبوها ولكن ؟
في اليمن يتم استهداف المدنيين واستباحة دمائهم البريئة وتدمير المنشآت المدنية المحمية وفقا للقانون الدولي الإنساني باستمرار دون ردع ولا مساءلة ولا عقاب ؟
الأمم المتحدة هي المسؤولة عن سقوط جميع الضحايا من المدنيين في اليمن وهي ايضاً المسؤولة عن تدمير المنشآت المدنية وتحويل المدن الى ميادين حرب كارثية لأنها المختصة ومن يمتلك صلاحيات توقيف انفلات هذه الحرب المجنونة، فلماذا لا توقفها ؟
الأمم المتحدة أمام مفترق طرق، إما أن تقوم بتفعيل دورها لإيقاف انفلات جنون الحرب في اليمن وتكبح جماحها أو تقدم استقالتها وتفسح المجال لمنظومات عالمية أخرى تحمي الإنسان.
بإمكان الأمم المتحدة إعادة تقييم دورها الفاشل في اليمن وتصحيح مسار تدخلها في اليمن والانتقال من وضع السكون والصمت الى وضع الكلام والفعل والعمل على ايقاف كوارث طاحونة الحرب المنفلتة في اليمن أو على الأقل الحد من سقوط ضحايا مدنيين وتدمير المنشآت المدنية.
خطوات بسيطة جداً ستوقف شلالات دماء المدنيين الأبرياء ستوقف معاناة الإنسان المنتهكة حقوقه الإنسانية وحرياته نوجزها في نقطتين :
أولاً : اعداد مصفوفة تنفيذية لجميع نصوص القانون الدولي الانساني والزام الجميع بالتقيد بها وعدم انتهاكها :
يعتبر القانون الدولي الإنساني هو الناظم لإيقاع الحروب في العالم بمافيها اليمن بما تضمنته نصوصه من قيود وضمانات تحمي الحدود الدنيا لكرامة الإنسان وحقوقه وحرياته لأن الإنسان له حقوق لا تبرر الحروب انتهاكها وتجاوزها والذي اوضحت ذلك اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الملحقة والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالحروب والمصادقة عليها جميع الدول المشاركة في الحرب في اليمن بما فيها اليمن، بمعنى أن الموضوع فقط يحتاج الى إرادة حقيقية وصادقة من الأمم المتحدة لترجمه نصوص القانون الدولي الإنساني من بطون الكتب الى الواقع الملموس.
بإمكان شخص بسيط جداً في الأمم المتحدة من آلاف الموظفين والخبراء والاكاديميين الذين تكتظ بهم مكاتب الأمم المتحدة أن يقوم بإعداد مصفوفة تنفيذية بسيطة جداً وإلزام الجميع بالتقيد بها وعدم انتهاكها أو تجاوزها.
كم ستكون ثمرة هذا العمل كبيرة جداً ستتوقف الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان وحرياته، سينخفض منسوب شلالات دماء المدنيين الأبرياء، ستنجو الكثير من المنشآت المدنية من دمار الحرب.
ثانياً : تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن:
من العجيب والغريب المريب عدم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن حتى الآن وتلكؤ الأمم المتحدة بمنظوماتها واجهزتها العملاقة وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي عن القيام بدور إيجابي لتشكيل لجنة التحقيق والذي سيكون لهذه اللجنة دور كبير في انخفاض استهداف المدنيين والمنشآت المدنية وحصر الحرب في ميادين الحرب وجبهاته العسكرية على الأقل، سيعيد التفكير من يستهدف مدنيين في إيقاف عملياته قبل وقوعها خشية من لجنة التحقيق المستقلة واجراءاتها الرادعة بدلاً مما هو حاصل الآن من استهتار كبير بدماء المدنيين والمنشآت المدنية وعدم اتخاذ أي اجراءات وقائية لحماية المدنيين وتحييدهم من الحرب وويلاتها والمسؤول عن ذلك هو الأمم المتحدة التي لم تقرر حتى الآن تشكيل لجنة التحقيق لحفظ حقوق الإنسان وكرامتهم المنتهكة باستمرار وهي مسؤولة ومساءلة حتى تشكيلها وشروعها في اجراءات المساءلة والعقاب لكل من ينتهك حقوق الإنسان في اليمن.
وفي الأخير :
قلبي موجوع من كوارث واهوال استهداف المدنيين في اليمن باستمرار لأني إنسان ونؤكد على أن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن سقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء نتيجة حرب مجنونة منفلتة وامم متحدة فاشلة ومستمرة بتكرار الفشل ليتساقط المدنيون باستمرار دون توقف.
اين القانون الدولي الإنساني؟ اين اتفاقيات جنيف؟ اين لجان التحقيق المستقلة؟ اين المصفوفة التنفيذية لنصوص القانون الدولي الإنساني المصادق عليها الجميع وملتزم بها خلف كاميرات التلفزيون فقط والواقع عكس ذلك؟ أين الإنسان في هذا العالم المتوحش الذي يعجز عن حماية طفل في وطني نائم في منزله وسط مدينة محمية وفقاً للقانون، ذلك الطفل ينام دون استيقاظ لأن جنون الحرب المنفلتة استهدفته ليستمر في نومه مقطعاً وممزق الأشلاء ودماءه متناثرة في جدران بقايا منزل احتضنه لينام قرير العين باطمئنان ويتحول ذلك المنزل الى قبر يلملم بقايا جسده الممزق المشبع بدمائه البريئة التي ستكون لعنة ووصمة عار في جبين الأمم المتحدة الخانعة الفاشلة باستمرار واستمرار واستمرار.
هل ستستيقظ الأمم المتحدة لتفعيل دورها في ايقاف ويلات وكوراث الحرب الحرب المنفلتة المجنونة وتحمي الإنسان ؟ أم أنها ستوقف مهزلتها بتقديم استقالتها وافساح المجال لمنظومة أخرى تحترم حقوق الإنسان وتحمي الإنسان وتوقف ويلات الحروب المنفلتة المجنونة؟، على الأمم المتحدة أن تختار فلا يوجد هناك خيار آخر، يكفي استهتاراً بدماء وحقوق الانسان وحتى تحدد الأمم المتحدة موقفها بخيار من تلك الخيارات المطروحة إما التفعيل أو الاستقالة ما لم فإن الأمم المتحدة مسؤولة عن استهداف المدنيين في اليمن.

قد يعجبك ايضا