الثورة نت/..
“راتبي لا يكفي سوى الاحتياجات الأساسية ولا أملك رفاهية شراء ملابس جديدة”، هكذا يوضح الشاب المصري محمد أسباب اتجاهه مع العديد من المصريين إلى شراء الملابس المستعملة أو ما يطلق عليه “البالة”.
و”البالة” تعني الجراب الضخم الذي يحوي ثيابا مضغوطة، كما تستخدم أيضا للدلالة على الملابس البالية والقديمة والمستعملة، وسوق المستعمل في مصر يضم أيضا الملابس الجديدة التي بها عيوب صناعية أو ما يطلق عليها “ديفوهات”.
يقول محمد للجزيرة نت إنه لا يملك رفاهية شراء ملابس بشكل مستمر في ظل ارتفاع الأسعار، حيث يتراوح سعر القميص الواحد بين 120 و200 جنيه (الدولار يساوي نحو 18 جنيها)، والسروال بين 120 و180 جنيها، والمعطف (الجاكيت) بين 350 و500 جنيه، لذلك اتجه لشراء الملابس من “وكالة البلح”، أشهر سوق لبيع الملابس المستعملة وفوائض التصدير.
حال محمد الذي يتشابه مع العديد من المصريين، جعل بعض تجار الملابس لا يجدون غضاضة في بيع الملابس بالكيلوغرام، وهي تجارة ازدهرت خلال المدة الأخيرة لجذب المواطنين لشراء الملابس التي تعاني أسواقها من انخفاض معدلات الشراء.
“نتاجر هنا في البالات وبقايا الملابس المستوردة من الخارج، حيث يختار المشتري كمية الملابس التي يرغب فيها ثم نضعها على الميزان لتحديد سعرها”، وفق ما يقول خالد عبد العال، تاجر ملابس مستعملة في محافظة الجيزة غرب القاهرة.
يوضح عبد العال للجزيرة نت أن الأسعار تختلف باختلاف جودة الملابس، فعلى سبيل المثال يتم بيع الكيلوغرام من الثياب بسعرين مختلفين، فهناك سعر للكيلوغرام يبلغ 300 جنيه وهذا يشمل القمصان والأقمصة الشتوية، بينما يبلغ سعر الكيلوغرام من السراويل قرابة 170 جنيها، لافتا إلى أن الأحجام والموديلات لا تؤثر على السعر.
اتجهت الجزيرة نت لأقدم سوق لبيع الملابس المستعملة في مصر وهو “وكالة البلح” وسط القاهرة، والذي يعد مقصدا للفقراء الباحثين عن الملابس المستعملة، فضلا عن الطبقة المتوسطة ممن يبحثون عن الملابس الجديدة بأقل الأسعار، أو الملابس المستعملة لكنها مستوردة من أوروبا.
“السوق نائم ولا يوجد إقبال بسبب انخفاض مستوى دخل المواطنين”، بهذه الكلمات يشتكي تاجر ملابس من ركود الأسواق، لافتا إلى أن “وكالة البلح” كانت مقصدا للمواطنين لشراء الملابس منذ سنوات طويلة، إلا أن التدهور الاقتصادي دفع المواطنين إلى تخفيض الإنفاق على الملابس.
وأوضح أنه بسبب الأوضاع الراهنة اضطر إلى تخفيض كمية الملابس الصيفية التي تعاقد لشرائها، حيث يشري “بالة” واحدة أو اثنتين، تضم “البالة” مئات الكيلوغرامات من الملابس ويبلغ سعرها قرابة 14 ألف جنيه، لافتا إلى أنه فيما مضى كان يستطيع شراء أكثر من “بالتين”.
يوضح خالد، أحد تجار “البالة” بوكالة البلح، أنه على الرغم من بداية موسم التخفيضات الشتوي مبكرا، فإن المواطنين مستمرون في شراء الملابس المستعملة، وهو الأمر الذي ازداد خلال الأعوام الأخيرة.
وأضاف أن “المواطن لا يستطيع شراء قطعة جديدة بسعر 300 جنيه في ظل انخفاض مستوى الدخل وارتفاع أسعار الحاجات الأساسية والخدمات”، مشيرا إلى أن الأسعار في وكالة البلح تبدأ من 10 جنيهات وتصل إلى 150 جنيها.
رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية يحيى زنانيري قال في تصريحات خاصة للجزيرة نت إن ملابس “البالة” المستعملة تأتي من دول أوروبا مثل إيطاليا أو تركيا، وقد تكون جديدة لكن بها عيوب صناعية.
وأوضح أن ارتفاع أسعار الملابس في مصر سببه أن أغلب الملابس يتم استيرادها من الخارج بالدولار من دول مثل تركيا وأميركا، وبعد التعويم وانخفاض سعر الجنيه المصري، اضطر التجار لرفع سعر الملابس لتحقيق هامش ربح.
ولفت زنانيري إلى أنه كمحاولة للعمل على جذب المواطنين لشراء الملابس تم افتتاح موسم التخفيضات الشتوي مبكرا، ولكن حل المشكلة الخاصة بالملابس في مصر يكمن في رفع مستوى دخل المواطن أو خفض سعر الدولار الجمركي، وهو ما يحتاج إلى إرادة سياسية.