ما دور المثقف في صياغة الوعي الجمعي؟
د / أنيس الأصبحي
المثقف: هو الضمير الشقي لأنه لا يرتاح للأمر الواقع ويسعى لتفسيره وتغييره ولا يقف عند حدود معرفته وتخصصه العلمي بل يتسع ذلك ليشمل كل ما هو وطني وإنساني فاعل لصياغة وبلورة الوعي الجمعي والتأثير بالمشهد ثقافيا واجتماعيا وسياسيا
فهو بطبعه مؤسسة بحد ذاتها ويسعى بشكل دائم الى المقاربة النقدية لكل الظواهر والسلوكيات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يراها للتمحيص في كل ما يفترضه الآخرون( بديهيا) في محاولة منه لتفكيكه إما بغرض إنهائه أو إعادة بنائه أو إنتاجه ولهذا فإن المثقف المفكر شخص مجرد ومتحرر من قبول تلك البديهيات التي كانت تفترضها السلطات بكل أشكالها وتعتبرها قواعد للتفكير والممارسة المجتمعية والسياسية غير قابلة في كثير من الأحيان للنقاش وان عليها استخدام قوتها الشرعية أن تفرضها على الجميع، ولذلك صنعت مثقفين سلطة وأطلق عليهم أو أطلقوا على أنفسهم لقب (مثقف) لعبوا دورا تدميرا في المشهد السياسي والإنساني في اليمن قبل وخلال الحرب العدوانية على اليمن لتزييف الوعي والحقيقة ومن الجهل عدم الإقرار بسعة معارفهم وعمق علمهم وحذاقتهم لأهداف الحرب العدوانية على اليمن.
ولذلك فالمثقف الواعي هو الذي يشعر بفكره بأنه مشغول بمقاربة مشكلة أو إشكالية تتصل بالمشهد اليمني سياسياً واجتماعيا ويجب أن يكون أحد فواعل هذا المشهد بالإضافة أو التحليل أو النقد وطرح الحلول وأن يكون قادراً بأدواته المفاهيمية على رصد المشكلة وتحسس أهميتها وتفكيك مكوناتها وتلمس عواملها وتبيان علاقاتها والحفر في ممكناتها واستشراف مآلاتها من منظور كلي مستجيب للمتطلبات العلمية والموضوعية والمنهجية ومدرك أن ما يقدمه لا يمكن أن يمثل جماع القول أو القول الفصل فيه وان يتطلع إلى أن تكون مخرجات اي ورقة هي نتاج عمل حواري نقدي جماعي تتداول فيه الأفكار المطروحة في الورقة الأساسية ترتقي بالتضافر مع مشاريع وجهود أخرى الى تشكيل نواة لخطاب فكري ثقافي يليق باليمن واليمنيين. وينبثق كل ذلك من خلال تنشيط وتكوين مؤسسة بحثية تعنى بالسياسة العامة والشؤون الإقليمية والدولية وقضايا العلوم السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والاقتصادية والقانونية والعسكرية والأمنية وذلك بالمعنى المعرفي الشامل (نظرياً وتطبيقياً) بالإضافة إلى عنايتها بالدراسات المستقبلية وتركيزها على السياسات والقضايا الراهنة ومتابعة فواعل السياسة المحلية والإقليمية والدولية على أساس النقد والتقييم واستقصاء التداعيات المحتملة.