هل ستكون الحديدة بوابة للسلام أم بوابة للوصاية الأممية على اليمن ؟
محمد صالح حاتم
تعتبر الحديدة بوابة اليمن الغربية، وشريانها الاقتصادي فعبر مينائها يتم ادخال معظم إن لم يكن كل احتياجات اليمن من المواد الغذائية الاساسية والمشتقات النفطية، وتحتل كذلك أهمية جغرافية واستراتيجية بالنسبة لليمن وللدول المطلة على البحر الاحمر وهي حامي وحارس باب المندب، ونظرا ًلأهميتها الجغرافية والاستراتيجية فقد كانت محط انظار الغزاة والمحتلين قديما ًوحديثا ً،وقد تعرضت للاحتلال عدة مرات من قبل البرتغال والانجليز وغيرهما.
واليوم فقد شهدت عدة محاولات من قبل تحالف العدوان لغزوها واحتلالها طيلة الأربعة الاعوام منذ بداية عدوانه على اليمن، والهدف إكمال السيطرة على سواحل وشواطئ اليمن ولم يتبق معهم سوى الحديدة وساحلها ،فقد شن العدو آلاف الغارات الجوية على الحديدة، ثم حشد عشرات الآلاف من جنود تحالف العدوان ومرتزقته، ثم استخدام كافة أنواع الأسلحة الجوية والبرية والبحرية لغرض احتلال الحديدة، شهدت الحديدة معارك اسطورية في كيلو16 والمطار والفازة والجاح وغيرها، تم تكبيد الغزاة والمعتدين آلاف القتلى وتدمير مئات من العربات والمدرعات والمجنزرات، أصبحت الحديدة بالنسبة للغزاة والمعتدين مقبرة جماعية لجنودهم ومعداتهم، وكأنها مثلث برمودا اليمن، اشترك في غزو الحديدة كبريات الدول وخطط لها خبراء الحروب والمعارك من امريكا واسرائيل وبريطانيا وغيرها من الدول المشاركة في العدوان على اليمن.
ومع فشل تحالف العدوان في احتلال الحديدة، فقد سمعنا النداءات الدولية والاممية بضرورة تجنيب الحديدة الحرب والصراع، لدواع ٍانسانية ،وكثرت المبادرات والمقترحات والحلول حول الحديدة حتى اعتبرها البعض بوابة السلام في اليمن، ومنها أولا ً:مبادرة المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ الذي طلب تسليم الحديدة ومينائها للأمم المتحدة مقابل تسليم مرتبات الموظفين في المناطق التي تقع خارج سيطرة قوات الاحتلال السعودي الاماراتي، يعني المناطق التي يسيطر عليها المجلس السياسي الاعلى.
ثانيا ً: مبادرة أن تحصل الحديدة على حكم ذاتي وان تكون خارج سيطرة حكومة الفار هادي وحكومة الانقاذ الوطني والمجلس السياسي الأعلى، وان يكون لها شرطة محلية وان تنسحب جميع القوات العسكرية التابعة لتحالف العدوان ومرتزقته، والجيش اليمني واللجان الشعبية.
ثالثا ً: أن تشرف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة، وان يكون هناك قوات دولية تقوم بمراقبه الميناء، وحمايته بحجة عدم تهريب أسلحة لليمن، وغيرها من المبادرات التي تم طرحها بالنسبة للحديدة ومينائها، وذلك تفاديا ًلوقوع كارثة انسانية في الحديدة واليمن إذا تعرضت الحديدة لعملية عسكرية من قبل تحالف العدوان حسب زعم الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية التابعة لها، وهنا هي الخطورة بذاتها، فربط العالم والامم المتحدة للأوضاع الانسانية في اليمن بمستقبل الحديدة يجعلنا نتساءل: هل ستكون الحديدة بوابة للسلام في اليمن؟
وذلك نظرا لكثرة المبادرات والمقترحات التي قدمت بشأن الحديدة ومينائها، ومن خلال المشاورات التي تجرى في السويد بين وفدي صنعاء والرياض برعاية أممية، فقد كانت الحديدة حاضرة وبقوة، وقدمت مقترحات من قبل المبعوث الاممي مارتن غريفيث بشأن الحديدة ومينائها، ودور الامم المتحدة القادم في الحديدة ،من خلال الاشراف الاممي على الحديدة ومينائها وايراداتها المالية ،وهنا الخطورة التي يجب علينا التنبه لها، وهي ان يتم تجزئة الحلول والسلام في اليمن، والبداية ستكون من الحديدة، وان يكون لها وضع وحل خاص بها، وان تحصل على حكم ذاتي عن طريق إدارة مستقلة لا تخضع لسلطات صنعاء، أو حكومة هادي، وان تكون تحت إشراف الامم المتحدة ،وهنا تكون الحديدة تحت الوصاية الاممية، وخارج سيطرة الجمهورية اليمنية، وتحت حماية الامم المتحدة وقد نسمع عن طرح نفس المقترح والحل لمحافظة ثانية كتعز مثلا ًوغيرها خاصة المحافظات التي تحت سيطرة المجلس السياسي الاعلى وحكومة الانقاذ الوطني ، فعلى وفدنا الوطني المفاوض في السويد عدم الموافقة على تقسيم وتجزئة السلام في اليمن، وان يطالب بتحقيق السلام الشامل والكامل لليمن والمطالبة بل والاصرار على خروج قوات الاحتلال السعودي والاماراتي من المحافظات التي تحتلها في عدن وحضرموت وبقية المحافظات الشرقية والجنوبية، فالحديدة شأنها شأن عدن وحضرموت ومارب، وان الأمم المتحدة يجب ان يكون دورها تقريب وجهات النظر بين الفرقاء والضغط على المتعنت والمماطل والذي يعيق تحقيق السلام في اليمن ،وان تكون الحديدة بوابة للسلام في اليمن لا بوابة للوصاية الاممية على اليمن، وإلا فهو بذلك يحقق للعدو مخططاته وأهدافه في اليمن من خلال تقسيم وتجزئة اليمن الى اقاليم صغيرة، بقرار أممي والبداية من الحديدة الخارجة عن سيطرة قواته العسكرية المحتلة، وهو تجسيد لما يقوم به في المحافظات التي يحتلها من خلال فصل كل محافظة عن مركز الدولة التي يسميها (الشرعية ) واستقلالها بقرارها وبقواتها، وهذا هو أحد اهدافه.
فالسلام الشامل الذي قدمنا من أجله آلاف الشهداء هو السلام الذي يحفظ لليمن أرضه ووحدته وسيادته واستقلاله وأمنه واستقراره وعدم التدخل في شأنه الداخلي.
وعاش اليمن حرا ًابيا ًوالخزي والعار للخونة والعملاء.