سقوط الأقنعة وتهاوي الطواغيت
عبدالفتاح علي البنوس
إنه زمن سقوط الأقنعة ، وانكشاف المستور ، وتجلي الحقائق ، لم يعد هناك من مجال للتوقع والتكهن والتخمين ، فكل شيء صار واضحا ومعلوما وملموسا ومعايشا ، اليوم يتهاوى الطواغيت ويتساقطون كأوراق الخريف الواحد تلو الآخر ، بعد أن ظنوا بأن هذه الحياة والنعيم الذي كانوا عليه هي دار الخلد بالنسبة لهم ، فأخلصوا ولكن لأنفسهم وذويهم وخدمة لمصالحهم وأسيادهم ، أخلصوا لتنمية ثرواتهم ، وزيادة حجم استثماراتهم الداخلية والخارجية ، وسخروا الوطن وثرواته وكل مقدراته من أجل ذلك ، وفي النهاية هلك منهم من هلك يلاحقهم العار وهم في قبورهم بعد أن غدروا بالوطن ، وتنكروا لتضحيات الشعب ، ومدوا أيديهم لقوى العدوان ، وكأن ما حصل عبارة عن فيلم هوليوودي بوليودي مشترك .
وهناك من هربوا بملابس وببطائق نسائية ، ومنهم من قبلوا على أنفسهم بأن يكونوا حرما للسفير السعودي وبناته ، من أجل تمكينهم من الهروب إلى خارج الوطن ، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة الشعب ، وبعد أن أدركوا بأن زمن الفوضى قد ولى، وأن اليد السعودية التي كانت تتمثل فيهم قد قطعت ، وأن الحديقة الخلفية التي كانت تلعب وتعبث وتلهو فيها السعودية عادت ملكيتها لأهلها ، ولم يعد هناك من قبول لأي وصاية أو تبعية لا للسعودية ولا للإمارات ولا لأمريكا ولا لإيران ولا لأي دولة شقيقة كانت أو صديقة أو عدوة ، فالتضحيات التي قدمها الوطن والشعب ليست بالهينة أو الرخيصة ، إنها تضحيات.
غالية جدا ، فقد قدم الوطن قادة أفذاذا ، وفرسانا عظماء ، وكوادر وطنية على مستويات عالية من الكفاءة والإخلاص والمهنية ، قوافل من الشهداء الأبرار كان في طليعتهم الرئيس الشهيد صالح علي الصماد وكوكبة خالدة من الشهداء الذين تسابقوا على تلبية نداء الوطن دفاعا عنه ، وذودا عن حماه ، ارتقوا شهداء وهم يواجهون قوى العدوان والغزو والاحتلال والارتزاق، وهؤلاء قدموا أرواحهم من أجل يمن حر مستقل القرار والسيادة ومن أجل أن يحيا الشعب في عزة وكرامة ، وينعم الوطن بالأمن والاستقرار بلا وصاية وبلا تبعية وبلا استبداد وبلا استعباد.
بالمختصر المفيد، صناعة الفراعين والطواغيت في اليمن مرفوضة جملة وتفصيلا ، ولم تعد مقبولة على الإطلاق ، ولا سلطة ولا نفوذ لقبيلة أو أسرة أو جماعة أو حزب أو طائفة أو مذهب ، زمان الفوضى ولى ، ولا سلطة إلا للنظام والقانون ، لا امتيازات ولا فوارق ولا طبقات ولا استثناءات الكل سواسية في الحقوق والواجبات ، لا مستويات للمواطنة ، الوطن فوق الجميع ، وكل من تولى مسؤولية فهو مجرد خادم للشعب ولا فضل له عليهم فالمسؤولية تكليف لا تشريف ، ومن حظي بهذا الشرف عليه أن يعي ويدرك بأن هناك الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على القيام بنفس المهمة الموكلة إليه ، بل هناك من هو أكثر كفاءة منه ، وما عليه إلا أن يعمل بإخلاص وتفان ، وأن يكون عند مستوى الثقة التي منح إياها ، البعض يصدقون أنفسهم ويتعاملون وفق المثل الشعبي اليمني ( لولا سعيدة لبيت ردم ما زد بقي ردمي)، فالدنيا سلامات.
وحينها سنقطع الطريق أمام صناع الفراعين والطواغيت الذين سيضطرون إلى التخلي عن دورهم ومهمتهم التجميلية والتمجيدية للأشخاص ونفخهم وتلميعهم المفرط الذي يصل بهم إلى الغرور والتعالي والعجب بالنفس وصولا إلى الفرعنة ، إلى هنا ويكفي ما سبق (هرمنا) (طفشنا) (ضبحنا ) (ضنكنا ) (ضجرنا ) يا عالم ، يا هوووووووووه.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .