الرياضة اليمنية والمدرجات الخالية
حسن الوريث
كنت مع الزميل الإعلامي المصور العالمي المحترف وشيخ المصورين الرياضيين اليمنيين عبدالعزيز عمر أثناء خروجنا من ملعب نادي وحدة صنعاء بعد مباراة قطبي العاصمة الأهلي والوحدة على كأس 14 أكتوبر وكنا نتحدث عن المباراة من بعض النواحي وأبرز نجوم الفريقين فيها وكذا الحضور الجماهيري باهتا ولا يعكس جماهيريتهما المعروفة فقاطعنا أحد الأشخاص الذي كان بجوارنا قائلا “رحم الله أيام زمان”.
لم تكن كلمات هذا الشخص العفوية سوى تعبير حقيقي عن واقع رياضة الزمن الذي كان الجزء الرياضي منه في شيء من الجمال وبالفعل فقد أعادنا بالذاكرة إلى مطلع الثمانينيات وحتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي حيث كانت مباراة الأهلي والوحدة تستقطب عشرات الآلاف من الجماهير الذين كانوا يتوافدون لمشاهدة المباراة ونجوم الفريقين والاستمتاع بالأداء المتميز لهم.
سمير الحرازي هو اسم الشخص الذي تعرفنا عليه وخلال الحديث معه سرد لنا أسماء كبار نجوم كرة القدم اليمنية سواء في الأهلي والوحدة أو التلال ووحدة عدن وشعب صنعاء والشعلة وشمسان والأهلي والجيل من الحديدة والطليعة والأهلي والصقر من تعز وشعب المكلا وشعب واتحاد إب وبسلاسة منقطعة النظير تدل على امتلاكه ثقافة رياضية ربما لمستها أنا عنده وعند غيره من جماهير الزمن الجميل الذين كانوا يتابعون كل صغيرة وكبيرة ولا تفوتهم لا شاردة ولا واردة كما يقال ويعرفون كل تفاصيل حياة النجوم والأندية والاتحادات وهذه من أبرز النقاط التي تحدثنا جميعا فيها حيث أن جمهور هذه الأيام بالكاد يعرف البعض من اللاعبين وبعضهم ربما لا يعرف مقرات الأندية التي يشجعها والأهم في الحديث كانت المقارنة بين الحضور الجماهيري الباهت لهذه المباراة وذلك الزخم الجماهيري لمباريات الزمن الرياضي الجميل حيث كانت المدرجات تمتلئ عن آخرها قبل موعد المباراة بساعات بل ان الذين كانوا يبقون خارج الملاعب أكثر من الذين كانوا يحظون بفرصة الدخول للملعب وقد وعدته أن أتناول الموضوع في هذه الزاوية وأتحدث عنه من بعض جوانبه عل وعسى يجد آذانا صاغية من القيادات الرياضية في الوزارة والاتحادات والأندية.
بالتأكيد ان الجمهور الرياضي غاب كثيرا عن ملاعب الرياضة وخاصة كرة القدم اللعبة الأكثر جماهيرية وشعبية والتي لم تعد تستقطب إلا القليل جدا من المشجعين ولم يعد ذلك الحماس والتشجيع الكبير موجودا بل ان هناك مباريات لا يتعدى الحضور فيها عدد أصابع اليدين وإذا ما استثنينا بعض مباريات الأهلي والوحدة فإن مدرجات ملاعب المباريات تكاد تكون خالية أو شبه خالية وبالعودة إلى النقاش حول أسباب العزوف الجماهيري عن الرياضة وهل له علاقة بتدني مستويات الفرق واللاعبين؟ أم أنه بسبب توقف المباريات والدوريات والمنافسات الرسمية وغياب الحافز لدى الجمهور للحضور؟ أم أن السبب يعود إلى غياب الإعلام بمعظم وسائله عن المشهد الرياضي؟ أم أن الحالة الاقتصادية هي السبب رغم أن دخول المباريات مجانا؟ أم أن بعد الملاعب هو السبب رغم أيضا أن بعض الأندية توفر وسائل مواصلات للمشجعين؟ ولو ظللنا نسرد الأسباب لن نتمكن من ذلك على اعتبار أن الموضوع يحتاج إلى دراسة من خبراء ومتخصصين للخروج لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة رغم أن الكثير من الجمهور الرياضي يبذل المستحيل من أجل متابعة المباريات العالمية أولا بأول لكنه يعزف عن مشاهدة المباريات المحلية.
وهنا سأتوجه بالحديث إلى القيادات الرياضية بمختلف مستوياتها وأطرها لوضع هذه المشكلة على طاولتهم إذا كانت هذه الطاولة موجودة ويمكن أن تستوعب قضايا وهموم الرياضة والشباب وسأضع أمامهم مقترحاً لتنظيم ورشة أو لقاء أو حلقة نقاشية يشارك فيها مختلف الأطراف في الوزارة وصندوقها والاتحادات والأندية ووسائل الإعلام والجامعات لدراسة أسباب غياب الجمهور الرياضي عن الملاعب وبالتأكيد ان الموضوع له ارتباط بالوضع العام للرياضة في اليمن ويمكن أن تتم مناقشته عبر أوراق عمل علمية ودراسات واقعية وذلك للخروج برؤى وحلول يمكن أن يتم الإسهام من خلالها في تطوير رياضتنا والارتقاء بشبابنا بدلا من الركود الذي يشهده الوضع الرياضي وربما أن هذه الحلقة لن تكلف خزينة الصندوق الكثير ويمكن أن تجدوا لها من يرعاها حتى نعيد للملاعب اليمنية رونقها وألقها والزخم الجماهيري الذي فقدته.