ما بعد دبي !
د/ منصر هذيلي *
قصف مطار دبي ليس مفاجأة. هو صدمة. المفاجأة كانت يوم قصف مطار العاصمة أبو ظبي. مفاجأة لأن اليمنيين أثبتوا اقتدارا تقنيا ولأنهم أثبتوا أنّ سقفهم السياسي جريء ولا حدّ له. كانت اشارات وتلميحات بأنّ ضرب دبي قادم ولكن التلويح بذلك ممكن ومتاح شيء وقصف المطار هناك شيء آخر.
قطاع الاعمال والاستثمارات وما يتبع ذلك من رفاهة وبذخ، كلّ هذا يتداعى عندما يكون قصفاً فعلياً. دبي هي واجهة الامارات وهي رافعة كلّ السياسات والمقامرات الاماراتية. الامارات تنخرط في سياسات بعيدة وتتورط في تآمر واسع على اتراك وايرانيين وفلسطينيين وتتقدم الى أقذر الادوار خيانة وخدمة للاستعمار والصهيونية. دبي بما هي مركز مال ضخم ترشحها لهذا الدور الخطير. حتى تورطها في اليمن مرتبط بمنع منافسة قطب لها على الساحل اليمني وهي مولت انقلاب السيسي لتمنع دبي اخرى غير بعيد عن قناة السويس. قصف دبي ليس حدثا هينا ولا عابرا. هو عمليا يفتح على احتمالات أحصرها في الآتي:
ان يتسع التناقض بين آل زايد وآل سعود ويقرر الامارتيون الانسحاب من هذه الورطة. هذا الاحتمال ضعيف لأن السعوديين والاماراتيين لا يملكون من أمرهم شيئا وواقعا هو الادوات الاخيرة للصهيونية والاستعمار بعد سقوط ورقة جماعات العنف العدمي العابر للحدود. توظيف الامارات والسعودية إلى آخر دولار وارد جدا. الاحتمال الثاني أن يدفع هذا التطور نحو الحلّ السياسي ولكن هذا سيفهم هزيمة مدوية للحلف السعودي، والامريكيون والصهاينة بحاجة الى نصر يرممون به الصورة والسياسات. احتمال ثالث وهو المرجّح: أن يكون اندفاع عسكري اضخم مما كان سابقا لعلّ ذلك ينفع ولن ينفع. اذا كان هذا الاندفاع فستكون جرعات الصواريخ والقصف بصمّاد يومية بما يهدّد أبراج الخليج المنتفخة والمتعالية.
إذا كانت ساعة صفر وحصلت قناعة بأنّ الحسم لن يكون إلا عسكريا فالله وحده يعلم ماذا يمكن أن ينجز اليمنيون برا وبحرا وجوّا. هناك معطى يجب أخذه بعين الاعتبار، فاليمن جزء من حلف يعلن عن نفسه ولا يتردّد. هذا الحلف يتحضر لمعركة حول ادلب تغلق نهائيا ملفّ الجماعات وتدخل سوريا في طور جديد. يردّ الامريكيون بفبركة فيلم كيمياوي جديد والتهديد بتوجيه ضربات بل بخوض معركة ضخمة. في هذا السياق يقصف اليمنيون مطار دبي. هذه رسالة كلّ الحلف وليس مستبعدا أن المواجهة القادمة تكون بجناحين: جناح شامي وجناح يماني.
* أكاديمي تونسي