> المجتمع اليمني في عيد الأضحى المبارك..
بشاعة العدوان ووحشية المعتدين لم تتوقف حتى في عيد الأضحى المبارك فما زال القصف مستمراً فوق رؤوس الأبرياء من المدنيين في عموم محافظات الجمهورية.
إلا أنه لم تستطع بشاعة هذا العدوان الغاشم أن تطمس الصورة الحضارية الراقية التي يتمتع بها أفراد الشعب اليمني كبارا وصغارا وأطفالا ونساء بل ازداد التكافل بين أبناء المجتمع وحل التراحم في صورة حضارية توضح للعدوان وللعالم اجمع أن هذا الشعب لن يركع وانه صامد ومتماسك, محافظ على وحدته وبنائه .
هذا العدوان السعودي الأمريكي الذي يتعرض له شعب اليمن الآن كشف عن قبح وحقد من يقف وراءه على اليمن أرضا وإنسانا بالمقابل فإنه أبان الوجه المشرق للمجتمع اليمني .
اليوم ورغم الصواريخ والقذائف المدمرة التي تطلقها طائرات العدوان صباح مساء على رؤوس الآمنين من أبناء اليمن إلا أن الثبات والصمود والتآلف الذي تعاضم بين أوساط الشعب أذهل العالم بأسره وأكد معدنه ونقاء هذا الشعب وعراقته وأصالة معدنه.
لم ينل المعتدون من عزيمة وإرادة اليمنيين شيئا ولم يكن الذعر والخوف والهلع إلا في نفوس وعقول القتلة من المعتدين والمرتزقة والمأجورين وخير دليل على تماسك هذا الشعب وعلى تراحمه ما يحل في سواحل وقرى المناطق الشمالية التي تتعرض لقصف عنيف من قبل طائرات العدوان وحصار بري حيث منع أبناء تلك المناطق من مزاولة أعمالهم أو الذهاب للاصطياد وطلب الرزق ففتحت البيوت أبوابها للنازحين وتقاسم أفراد تلك المناطق ما بحوزتهم من مأكل ومشرب في صورة مشرقة تبين مدى تعاون وتراحم أبناء المناطق التهامية وغيرها من المناطق التي تتعرض لهجوم شرس من قبل مرتزقة العدوان.
العيد والقيم الإنسانية
يحل عيد الأضحى المبارك هذا العام والقذائف الصاروخية والأسلحة المحرمة دوليا التابعة للعدوان السعودي التي تفتك بأبناء شعبنا اليمني في العاصمة صنعاء والحديدة وصعدة ومختلف محافظات البلاد وتتسبب في إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء وإصابة الآلاف وتدمير آلاف المنازل على رؤوس ساكنيها وتدمير المنشآت الحيوية والمرافق العامة وتخريب كل ما يتصل بضرورات الحياة المعيشية , فشلت في إحداث أي فرق في فجوة أو فجوة تماسك الشعب اليمني وصلابة نسيجه الاجتماعي ليسطر اليمنيون لوحة رائعة من الصمود والانتصار لقيم الحياة الإنسانية ومفاهيم ومبادئ الخير والسلام وخاصة في أيام عيد الأضحى المبارك .
وإذا كان العدوان قد نشر القتل والخراب على نطاق واسع في الأرض اليمنية بهدف نشر الذعر في أوساط اليمنيين وكسر إرادتهم فإنه لم يزدهم إلا إيمانا وتمسكا بحقهم في الحياة والصمود الأسطوري من اجل الدفاع عن وطنهم وعن كرامته وقدسيته وقدم شعبنا اليمني أروع الأمثلة في التكافل الاجتماعي والتي ساهمت إلى حد كبير في التخفيف من الآثار الكارثية الناجمة عن هذا العدوان الغاشم وآلته التدميرية البشعة.
حصار وتكافل
العدوان السعودي المرتعش رغم امتلاكه كل أدوات البطش والقتل والدمار لم يكتف باستباحة الوطن اليمني وقتل شعبه الأعزل أمام العالم بل استخدم نفوذه والأموال الطائلة التي يمتلكها في شراء مواقف العالم وذمم المأجورين والمرتزقة في الداخل والخارج ولم يتوقف عند هذا الحد في مسلسل الجرائم التي يرتكبها يوميا طوال الفترة الماضية ومنذ باشر عدوانه فرض حصارا جائرا تم بموجبه منع وصول أي إمدادات تموينية وغذائية للمواطنين في سائر مناطق اليمن ومنع وصول المشتقات النفطية والمواد الطبية والمساعدات الاغاثية ظنا منه بأنه قد يستطيع إبادة شعب بكامله جوعا وعطشا غير أن هذا الوهم الذي داعب خيالات المعتدين لا شك ارتد إلى نفوسهم وألحق الهزيمة النفسية بالعدو وهو يرى أن أبناء هذا الشعب العريق بما يتمتع به من قيم ومبادئ إنسانية راقية قد تغلب على كل ذلك السلوك الهمجي, إذا باليمنيين يساعد بعضهم بعضا في سبيل تجاوز هذه المحنة.
مشاهد راقية
ومن أجمل الصور والمشاهد الحضارية الراقية التي سطرها أبناء الشعب اليمني في مواجهة آثار العدوان تلك الروح التعاونية النادرة التي أبدوها تجاه بعضهم وخاصة فيما يتعلق بإيواء النازحين ومن تدمرت منازلهم بفعل غارات الحقد السعودي.
ويروي أبناء مدينة الحديدة لـ” الأسرة ” قصصا إنسانية رائعة عن كيفية استقبالهم عندما اضطرتهم الأوضاع إلى ترك منازلهم والنزوح إلى العاصمة صنعاء والى غيرها من المحافظات .
ويقول هؤلاء إن أبناء مدينة صنعاء ورغم ظروفهم المعيشية الصعبة جراء العدوان استضافوا مئات الأسر النازحة في بيوتهم .
إن هذه المشاهد والمواقف العظيمة التي يسطرها اليمنيون اليوم على كامل التراب اليمني إنما تعكس جانبا بسيطا من عراقة وسمو أخلاق هذه الأمة التي لا شك لن تهزم أو تنكسر وقد امتلكت كل هذا القدر من الفضائل والأخلاق الإنسانية العالية في الوقت الذي تجرد فيه العدوان السعودي من كل القيم الإنسانية ولم يتمتع بأي خلق فاضل يدل على شيء من المروءة والرجولة والشهامة لذلك لن يحوز على أي نصر فالنصر وتحقيق المجد والمراتب الإنسانية العليا لا يحتاج إلى القوة والسلاح وامتلاك أدوات القتل والدمار فقط وإنما يحتاج إلى أخلاق فاضلة وقيم إنسانية رفيعة ترجح الكفة في مواجهة أي خصوم أو أعداء .
نقاء اليمنيين
مظاهر التراحم والتكافل وتقاسم الرغيف الواحد هي سمات كل اليمنيين فغلبت عليهم روح الإيثار والتنافس على فعل الخير للحد من آثار العدوان على حياة الناس.
وعلى الرغم من هذه الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلد فإن الناس يحاولون التأقلم مع هذا الواقع الكئيب على أمل أن تحل نهاية قريبة للمأساة التي لن تستطيع أبدا أن توقف حياة التي تستمر في دورتها الطبيعية مهما بلغت الظروف وتعقيداتها. وتقول الدكتورة تهاني احمد وهي باحثة اجتماعية : هذه هي سنة الحياة وسنة الله في خلقه يجب أن تستمر الحياة وتأخذ دورتها الطبيعية بصرف النظر عن طبيعة الصعوبات وحجم التحديات, واليمنيون صامدون في وجه العدوان ويبتهلون الى الله بإزالة الكرب والمحن وإحلال السلام والأمن من جديد في كل ربوع الوطن الغالي.
ولأن هذا العدوان قد افتقد للأخلاق فها هو اليوم ينهار ويترنح مع أسلحته القتالية أمام طهر ونقاء دماء اليمنيين الأبرياء ويتداعى بكل جبروته أمام عراقة وأخلاق وفضائل الشعب اليمني الذي قهر العدوان والحصار ليمضي مؤمنا بالله وبحقه في الحياة نحو تحقيق نصر مؤزر ربما يكون الأعظم في التاريخ الإنساني الحديث .
تصوير/فؤاد الحرازي