المستقبل أقوى للأجيال القادمة!!
حسن حمود شرف الدين
لا زلت أذكر الموكب الرئاسي عام 1990 يوم التوقيع على اتفاقية الوحدة السياسية بين النظام في الشمال والنظام في الجنوب وهو مار بشارع المطار، حينها كنت تقريبا في إحدى الصفوف الابتدائية حين قام مدير المدرسة بإخراج جميع طلاب المدرسة للمشاركة في استقبال الوفد الرئاسي احتفاءً بهذه المناسبة التي تعتبر خطوة هامة من خطوات تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية.
حينها لم نكن نعرف ولم يخبرنا أحد تفاصيل توقيع اتفاقية الوحدة.. ما هي مراحل التوقيع؟ من هَيَّأ للوحدة؟ من رتب لها وجمع المتحاورين والباحثين والمستشارين؟ من صاغ اتفاقية الوحدة ومن صاغ البروتوكلات المصاحبة في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتربوية؟ هذه وغيرها من الأسئلة التي لم نلق لها إجابة في مناهج التعليم والمناهج الأكاديمية والبحثية.. لماذا هذا التغييب ولماذا ترميز شخصية واحدة دون غيرها بأنه صانع الوحدة ومهندسها ومعلمها؟.. بينما الحقيقة التي بدأت تتضح للجميع خصوصا بعد ثورة 21 سبتمبر عن الأشخاص الحقيقيين صناع الوحدة اليمنية الذين اجتهدوا على تقريب الرؤى السياسية في الشمال والجنوب ابتداء من توحيد المنهج الدراسي وصولا إلى اتفاقية الوحدة.
الرئيس إبراهيم الحمدي والرئيس سالم ربيع علي هما من تم تغييبهما عن مناهجنا الدراسية، تم تغييبهما من تاريخ اليمن الحديث بهدف تغييب الحقيقة، لا لشيء، وإنما لانهما هدفا إلى إيجاد وحدة يمنية حقيقية ذات أسس ومبادئ وطنية تعزز الوحدة الوطنية الداخلية وتجعلها أكثر تماسكا لا تتأثر بأي متغير سياسي يطرأ مستقبلا.. وهو ما حدث فعلا في عام 1994م عندما تخلى رأس النظام عن الشراكة الحقيقية وفقا لاتفاقية الوحدة وبدأ في إقصاء الشريك الآخر سياسيا فكانت الحرب التي لا زلنا نتجرع سلبياتها إلى يومنا هذا.
وكما أشرت إلى أن الوحدة اليمنية التي تم توقيعها عام 1990م كانت وحدة سياسية، بينما الأرض اليمنية هي أرض واحدة، تاريخ واحد، شعب واحد، لم يتجزأ إلا سياسيا بعد الاحتلال البريطاني للجنوب.. واليوم يعيد التاريخ نفسه باحتلال جديد في ظاهره نعومة السعودية والإمارات وحلفاؤهما وفي باطنه السم الناقع الأمريكي الإسرائيلي الهادف إلى إعادة احتلال اليمن لإذلاله واستعباده ونهب ثرواته وممتلكاته البشرية والصناعية والطبيعية.
ولنعلم أن ما يهدف إليه الاحتلال الجديد من إعادة تقسيم اليمن إلى دويلات ست متصارعة لا يعود على البلاد إلا بارتفاع حدة الصراع الداخلي وفشل القوى السياسية في الوصول إلى حل يرضي الشعب اليمني ويغيظ أعداء البلاد.. فما يفعله اليوم عملاء السعودية والإمارات في الداخل يزيد من توسيع الخلاف الاجتماعي لصالح تمدد العدو واحتلاله مناطق جديدة من الأرض اليمنية.. فعلينا أن ننتبه قبل فوات الأوان وأن نعود إلى جادة الصواب ونجعل نصب أعيننا اليمن المستقل عن الوصاية أو التبعية الدولية حتى نتمكن من اتخاذ القرار السياسي وأن تكون سيادة البلاد سيادة وطنية خالية من أي تدخل خارجي بأي شكل من الأشكال.
ما يحصل في عدن وما حصل لجزيرة سقطرى من جرائم للإمارات خير دليل ونموذج حي يجعلنا نعيد التفكير ونحافظ على الوحدة اليمنية التي صنعها الشعب قبل أن يصنعها الزعماء وأن لا نترك فرصة للعدو الأمريكي الإسرائيلي في الاستحكام على زمام البلاد أكثر وأكثر.. ولنتجه نحو إخراج المحتل بكل الوسائل المتاحة والممكنة حتى إخراج آخر جندي محتل ومنافق مرتزق إلى فنادق الرياض وأنقرة وأبوظبي وعواصم دول الاستكبار.
وهنا أشير إلى دور قيادات المرتزقة والعملاء بقيادة الفار هادي ومجموعة من القيادات الجنوبية المرتهنة للنظامين الإماراتي والسعودي إلى أن هذه القيادات ساهمت ولا زالت تساهم بشكل مباشر في تدمير اليمن جنوبا وشمالا.. ويجب علينا نحن كشعب يمني حُر أن نثور ضد هذه الأصنام الورقية التي صنعتها قيادات تحالف العدوان وأن نتخلص منهم قبل أن يسلموا اليمن لأمريكا على طبق من ذهب.
وليعلم كل مرتزق وعميل قبل العدو بأن مستقبل اليمن وشعبه سيكون أقوى مما كان عليه في السابق.. فاليوم نحن نواجه عصابة من الأنظمة العربية والدولية ويتم التنكيل بهم في مختلف جبهات القتال حفاظا على الوحدة اليمنية وبفضل من الله سبحانه وتعالى.. ولا ننسى القدرات العسكرية التي يمتلكها المجاهدون من عزيمة وبأس شديد رغم محدودية الإمكانات العسكرية.. فالنصر قادم بإذن الله تعالى على أيدي المجاهدين والمستقبل أفضل بكثير فإن لم يكن لهذا الجيل فسيكون أفضل للأجيال القادمة.