أخيراً صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمصلحة قرار تشكيل لجنة تحقيق بانتهاكات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزّة، ما أثار ترحيباً فلسطينياً واسعاً، وامتعاضاً وغضباً أمريكياً و”إسرائيلياً”.
الترحيب الفلسطيني
فور صدور قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في المجزرة التي ارتكبها الصهاينة في غزّة، ثمّن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” هذا القرار ودعا إلى رفع الحصار عن القطاع وإطلاق العنان للفصائل والشعب الفلسطيني.
وأشاد هنية بقرار مجلس حقوق الإنسان حول “مسيرة العودة”، ووجّه خلال كلمة له على حدود غزّة الشرقية التحية إلى الفلسطينيين قائلاً: “بمسيرتكم وقبضاتكم وإرادتكم وإيمانكم، فرضتم قضية فلسطين وقضية حصار غزّة بقوة في المعادلة السياسية، وعلى الحلبة الدولية والإقليمية وكل الأطراف” مؤكداً أن دماء غزّة تمكّنت من إيقاف إعلان (الرئيس الأمريكي دونالد دونالد) ترامب لـما يسمى بـ “صفقة القرن”، قائلاً: “في يوم نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس المحتلة كان ترامب يريد أن يعلن صفقة بيع وتصفية فلسطين ودماؤنا هنا عرقلت وأوقفت إعلان الصفقة”.
من جانبها، ثمّنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القرارات التي اتخذها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والتي نصّت على الإدانة الصريحة للجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني والمشاركين في مسيرات العودة بقطاع غزّة، مطالبة بإيفاد لجنة تحقيق دولية مستقلة تحقق في جميع الانتهاكات للقانون الدولي والإنساني.
ورأت الجبهة أن مثل هذا القرار يمثّل صفعة جديدة توجّه لكيان الاحتلال وشريكته الإدارة الأمريكية التي تؤيد وتدعم ارتكاب هذه الجرائم وغيرها من اعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.
واعتبرت الجبهة القرار إضافة مهمة للرصيد القانوني والأممي المؤيد للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والذي يؤكد من جديد ضرورة وضع حدّ للجرائم الإسرائيلية وملاحقة مرتكبيها، كما يبين الحاجة الماسّة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من الاعتداءات والجرائم التي يرتكبها بحقه كيان الاحتلال.
وفي ذات السياق، رحّبت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “حنان عشراوي” بتصويت مجلس حقوق الإنسان على مشروع قرار يدين الجرائم الإسرائيلية ويدعو لإيفاد لجنة دولية مستقلة للتحقيق على وجه الاستعجال في جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولاسيّما في قطاع غزّة التي بدأت في 30 آذار 2018م.
وقالت عشراوي في بيان صحفي: “باسم الشعب الفلسطيني وقيادته، أعرب عن شكرنا وتقديرنا لأعضاء مجلس حقوق الإنسان الذين صوّتوا بأغلبية ساحقة لمصلحة الشعب الفلسطيني في خطوة تشكّل استثماراً مهمّاً يصبّ في مصلحة الأمن والسلام بالمنطقة، وتؤكد التزام المجلس بالوقوف إلى جانب الحق والعدالة ضد الظلم والطغيان”، مشددة على أن مثل هذا القرار يرسل رسالة واضحة وقوية للكيان الإسرائيلي بأن هناك ثمناً ينبغي أن يدفعه مقابل انتهاكاته غير القانونية واللا أخلاقية.
واستهجنت عشراوي موقف الدول التي صوّتت ضد القرار الأممي وعلى وجه الخصوص أمريكا واستراليا وقالت: “إن التصويت ضد هذا القرار لمصلحة تل أبيب على حساب حقوق وحياة الشعب الفلسطيني، والضرب بعرض الحائط جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والديمقراطية وحقوق الإنسان، يؤكد تواطؤ هذه الدول مع الاحتلال ومساهمتها في خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وخارجها”.
وأنهت عشراوي بيانها بأهمية أن يتبع هذا الالتزام الإيجابي تدابير عقابية جدية وفاعلة، بما في ذلك فرض عقوبات قانونية وسياسية واقتصادية على كيان الاحتلال، ومحاسبته ومساءلته على انتهاكاته وجرائمه بحق الفلسطينيين.
ومنذ نهاية مارس الماضي، يشارك الفلسطينيون في مسيرات سلمية، قرب السياج الفاصل بين غزّة وكيان الاحتلال للمطالبة بعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها في 1948م، وهو العام الذي اغتصبت فيه إسرائيل أرض فلسطين.
وخلال المدة المذكورة استشهد نحو 120 فلسطينياً وأصيب حوالي 12 ألفاً آخرين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي كان آخرها استشهاد 62 فلسطينياً وجرح 3188 آخرين، الاثنين والثلاثاء الماضيين، في مجزرة دامية لقيت إدانات دولية وإقليمية واسعة.
امتعاض أمريكي وغضب إسرائيلي
في مقابل ذلك، وصفت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “نيكي هيلي” قرار مجلس حقوق الإنسان إرسال لجنة تحقيق في المجزرة الإسرائيلية بقطاع غزّة، بأنه “يوم مخجل لحقوق الإنسان”.
وقالت هيلي في رسالة وزّعتها على الصحفيين بمقرّ المنظمة الدولية في نيويورك: “إن إجراء تحقيق بحق طرف ديمقراطي (تقصد إسرائيل) مخجل لحقوق الإنسان”.
كما هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ومسؤولون في إدارته، قرار مجلس حقوق الإنسان إرسال فريق دولي متخصص في جرائم الحرب إلى غزّة، وهاجمت القرار أيضاً ممثلة الاحتلال في مجلس حقوق الإنسان “راز شيختر” وادّعت أن “النقاش في المجلس هو أسوأ صورة عن حالة الهوس المعادية لإسرائيل” حسب قولها. كما أصدرت خارجية الاحتلال بياناً مشابهاً بهذا الخصوص.