صواريخ الاربعاء الباليستية أكملت أهدافها لكن شظاياها السياسية مستمرة بالتفجر
أبو بكر عبدالله
العملية الاستراتيجية المشتركة التي نفذتها القوة الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير الاربعاء الماضي وطاولت اهدافا عسكرية في عاصمة العدو السعودي ومنشآت استراتيجية في أبها بعسير وفي اقليم جيزان كانت حقا تدشينا قويا لمرحلة جديدة من الردع الباليستي للعدوان خصوصا وأن تداعياتها لم تنته عند الفعل العسكري بل تجاوزته إلى شظايا سياسية تطايرت من الرياض إلى عواصم الداعمين الدوليين للعدوان ويرجح أن تستمر تداعياتها لأيام بل لأشهر.
المدى الواسع للعملية في ظل أجواء مفتوحة وتفوق عسكري ومخابراتي وانظمة اعتراض صاروخية متطورة لدى العدو، منح هذه العملية اهمية عسكرية كبيرة، بعدما تكللت بإطلاق القوة الصاروخية دفعات متزامنة من صواريخ “بركان ـ 2H ” البعيدة المدى واخرى من منظومة ” بدر ـ 1 ” القصيرة المدى على أهداف متعددة بالتزامن مع تنفيذ سلاح الجو اليمني هجوما متعدد الاهداف باستخدام طائرات مسيرة دكت مواقع عسكرية واقتصادية في جيزان ونجران فضلا عن ايقافها النشاط الملاحي لمطار ابها الدولي في عسير لساعات.
لم تخل هذه العملية من مفاعيل الصدمة والرعب والذي عبر عنه طوفان من الاخبار والصور نشرها مئات المغردين السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي متجاوزين حالة المنع التي يفرضها النظام هناك وارغمته تاليا على الخروج عن صمته بإعلان فبركات زعم فيها تمكن دفاعاته الصاروخية اسقاط ما سماه “جسمين غريبين” في اشارة إلى الطائرتين الهجوميتين واعتراض صواريخ باليستية.
لم تخلف هذه العملية تداعيات عسكرية وحسب ففي الضفة الأخرى كان ثمة تداعيات سياسية لا تزال شظاياها تتطاير حتى الآن بعدما اسقطت بضربة واحدة رهانات تحالف العدوان وداعميه الدوليين بتحقيق انتصار عسكري عن طريق ضغوط الحرب القذرة بالأوراق الاقتصادية والحصار، ناهيك عن تأكيدها بالمقابل قدرة اليمنيين على التجدد وابتكار وسائل الردع في احلك الظروف.
وهذا التداعي لم يكن كل شيء إذ اطاحت عملية الاربعاء الباليستي بالمساعي المحمومة للحاكم السعودي الحالم بالعرش محمد بن سلمان لتقديم نفسه للعواصم الغربية بكونه الحاكم القوي الذي يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ اجنداتها وحماية مصالحها في المنطقة.
وإعلان النظام السعودي المرتعش بالتصدي لهذه العملية كشف حجم الارتباك والقلق لدى النظام السعودي الذي صار اليوم يواجه منفردا تبعات عدوانه الهمجي وحربه بعدما حول الصمود اليمني أهدافها السياسية والعسكرية المعلنة إلى تاريخ منسي وامنيات بعيدة المنال.
ومن جهة ثانية فشل إلى حد كبير في تقليص صورة المأزق الذي يعيشه كما قدم تأكيدات اضافية بعجزة عن مواجهة التغيير الذي يفرضه اليمنيون للمعادلة والتي لم تعد الرياض ولا حلفاؤها الاقليميون وداعموها الدوليون الطرف الوحيد في صياغتها والتحكم بمساراتها.
ورغم انشغال العالم بتفاعلات التهديدات الاميركية الأخيرة لسورية، فقد فرضت العملية نفسها على وسائل الاعلام الدولية التي أخذت تتعاطى مع المستجد اليمني ليس بكونه متعلقا ببلد فقير يعاني صراعات وحروبا داخلية بل بوصفه بلدا يواجه تدخلا عسكريا سافرا وحصارا خلف جرائم حرب ولديه ما يكفي من الارادة للدفاع عن سيادته وكرامة ابنائه.
حتى وقت قريب كانت وسائل الاعلام الدولية تتجاهل اليمن من أي مستجدات متصلة الحرب العدوانية لكنها ومنذ الاربعاء الباليستي وجدت نفسها مرغمة على التعامل مع موقف يمني حمل في طياته ما يشبه المعجزة بقدرة اليمنيين في العام الرابع للعدوان والحصار على الصمود والمقاومة وضرب الاهداف.
أيا كانت النتائج العسكرية لهذه العملية التي جاءت بعد أيام من إعلان الرئيس الصماد تدشين مرحلة جديدة من الردع الباليستي ، فالعبرة أنها أثبتت للجميع عدم امكان الخيار العسكري في فرض أي حلول طالما وهي تتعارض مع الارادة اليمنية في السيادة والحرية والتحرر من هيمنة الوصاية.