الجوهر التنويري لقصص الوعي ببطولات وتضحيات المقاتل اليمني في الجبهات

 

إنطباعات زائر يمني إلى جبهة الحدود – نجران ( 3 )

عبدالفتاح حيدرة
تعمدت أن أنقل أولا جوهر وعي المقاتلين اليمنيين في جبهة نجران في أول مقالتين توضحان ما ألتقطته كصحفي يمني قام بزيارة جبهة الحدود في نجران، ووعدت متابعي صفحتي أن أنقل لهم قصص المقاتلين هناك..
الحقيقة، إن ما يحدث في كل الجبهات ليست مسألة قصص بطولات تمجيدية، بل إن الأمر أكبر من السرد الإنشائي والروائي للقصص بكثير، أكبر لدرجة أن طرح السؤال هنا يتضمن البحث عن السر وراء هذه البطولات وهذا الصمود وهذا التحدي وهذه التضحيات التي يقوم بها المقاتل اليمني في جبهات العزة والشرف والكرامة..؟!!
استطيع أن أكتب عشرين رواية وألف ألف مقالة عن مرابطة الرجل السبعيني (ذو الفقار ابن شرف الدين) من أبناء المحويت، والمرابط في نجران منذ سبعة أشهر، بعد أن قدم اثنين من أبنائه وفلذة كبدة شهداء في الجبهة نفسها، وقرر أن يكون بدلا عنهما وهو في سن السبعين سنة وفي مقدمة جبهة نجران وكأنه مجند مستجد عمره عشرين عاما..
إن التنوير الحقيقي هو كشف السر في أساطير هذه القصص والبطولات والتضحيات، السر الذي يكمن خلف ثبات وعي وقيم ومشروع هؤلاء المقاتلين كبير جدا وعظيم جدا، السر الذي يدفعهم بكل شغف لنصرة سنن الله في التغيير بكونه، والانتصار لقضية الوطن وشرف وكرامة وعرض شعب ومجتمع هذا الوطن، والانتصار للحق والخير الإنساني وهزيمة الباطل والشر الشيطاني..
أصدقائي.. ليس تهربا من سرد قصص البطولات والتضحيات التي يقوم بها هؤلاء المقاتلون المرابطون في الجبهات، وإنما للبحث عن طريقه تمكننا جميعا من اكتساب الإجابة لذلك السر الذي يتمتع به المقاتل اليمني المرابط في الجبهات، لنكون جميعا بنفس وذات الوعي والقيم والمشروع كمجتمع وشعب وقيادة، جميعنا على قلب رجل واحد، رافض للاستسلام والذل والتبعية للعدو، ومهمته الوحيدة هي الانتصار على العدو وأجندة ومخططات حلفائه ومرتزقته وشياطينه واشراره وعملائه..
إن الحصول على الخلطة السرية لثبات وعي وقيم ومشروع المقاتل اليمني، هي من أجل ان نتمكن جميعا، من تشغيل عقولنا لتحقيق الانتصار لكل التضحيات والدماء التي قام بها الشعب اليمني كله ، لذلك كان لزاما على واجبي ومسؤوليتي ودوري هو التوسيع معكم دائما في جوهر وعي وقيم ومشروع المقاتل اليمني المرابط في كل الجبهات من جبهة ميدي وجبهات الحدود في نجران وجيزان وعسير والبقع ونهم وصرواح وتعز ولحج والضالع والبيضاء وشبوة، واكتساب ذلك الوعي وتلك القيم وذلك المشروع ككتلة وحزمة واحدة..
لأن هذا التوسع في وعي وقيم ومشروع المقاتل اليمني هو جوهر التنوير الذي يدفعنا لاستخدام العقل المنتصر، وحتى لا نتورط بالارتهان لرؤى وأفكار العدو وأجندة حلفائه ومرتزقته ، سواء كان هذا العدو شخصا ذا سلطة مننا ومعنا وعلينا، أو كان تراثا يمارس سلطته علينا باسم القداسة السياسية والاجتماعية والمناطقية أو باسم العصور الذهبية التي ولّت ولا سبيل لتكرارها..
لأن ذلك يجعلنا متوهمين بالتعلق لما يراه لنا العدو السعودي وحلفاؤه هذه الأيام، وهذا التعلق يولد مجتمعا مليئاً بالخوف والكسل، وبالتالي يخلق تدريجيا لدينا توقيفاً للعقل عن إدراك حقيقة الصراع والتضحيات الذي نعيشه ويعيشه المقاتلون اليمنيون في الجبهات، ليصبحوا مكشوفي الظهر، ويجعل شعبنا ومجتمعنا وقادتنا يدورون في فلك البحث عن عقول لا تعيش عصر الكرامة وليس لديها وعي الإيمان الذي لدى مقاتلينا ولا قيم الدفاع عن شرف وكرامة قضية سيادة وطننا، وبالتالي نعود للوراء والانهزام التدريجي لنتكولس خلف عقول جاءت من الماضي القريب، عقول لا تؤمن بروح عصر العقل الرافض للاستسلام والتبعية لأنها كانت تحيا في ظله، عقول أصبحت غير قادرة على قراءة هدى وعي مقاتلينا في الجبهات ولا قيم شعبنا في الصمود ولا مشروع تضحياتنا من أجل السيادة والاستقلال..
لذلك، إذا كان إعمال العقل لتناول وعي وقيم ومشروع المقاتلين اليمنيين هو جوهر التنوير الذي يجب أن نقوم به، فإن احترام ذلك المقاتل المرابط في الجبهات صاحب ذلك الوعي والقيم والمشروع وتقديس حقوقه والتوحد التام والكامل معه هو جزء أصيل لا ينفصل عن خطاب التنوير والثقافة ..

قد يعجبك ايضا