مشاهد الحروب والدمار تعبث بعقول أطفالنا

 

الأسرة/ زهور السعيدي

مشاهد الحرب والدماء والدمار التي يشاهدها الأطفال أو يتعرضون لها في حياتهم اليومية باتت تنذر بكارثة كبيرة على شريحة الأطفال وتنتج جيلا عنيفا يحمل في جوهره الكثير من الأفكار المظلمة التي سقتهم إياها الأيام في ثنايا الحروب والصراعات مما ساعد على تلاشي كل وسائل التربية والتعليم التي كرست الأمهات والأسر أعمارهم في تقديمها للطفل وترك الطفل كل شيء وراءه وبات العنف هو الثقافة التي يستمد منها الطفل مستقبله ولم تستطع الأمهات الهروب بالأطفال من الواقع الأليم الذي يعيشونه بل تبدد كل ذلك تحت وطأة الحرب العدوانية على اليمن وأدوات القتل والدمار ..تفاصيل أكثر عن هذا الموضع تجدونها في السياق التالي:
إنها الحرب التي قضت على حاضر الأطفال ومستقبلهم ولم تترك شيئاً إلا وأتت عليه ولكن الأخطر هو ثقافة الطفل التي يستمدها من ما يتعرض له يوميا من الخوف والرعب .
تقول أم محمد أنها قضت سنين حياتها تربي وتغرس في أطفالها القيم والرحمة والإخاء والأخلاق الحسنة وأنها ما زالت مستمرة في ذلك لكن سرعان ما تبدد حلمها في جعل أطفالها مثاليين فهم يميلون إلى العراك والصياح مع كل من اعترضهم وأنها غالبا ما تجدهم يخبئون الأدوات الحادة والسكاكين والسلاسل التي يستخدمونها أثناء العراك مع أقرانهم في الشارع .
وتتحدث أم رياض عن طفلها الوحيد”رياض” والذي يبلغ الثانية عشر من العمر بألم وحرقة عن ما آل إليه رياض في هذه السنوات حيث يمتلئ خده بالخدوش والجروح ولا يمر يوم إلا واشتكى منه الكثير من الناس. وتضيف أنها لم تعد تستطيع السيطرة عليه فهو يواجه كل شيء أمامه بالعنف والضرب وترجح وصول ابنها لهذه الحالة بسبب الحرب والعدوان الذي حول حياة الأطفال جميعا في اليمن وحياة ابنها إلى عنف وتشرد .
آثار جلية
أثبتت الدراسات أن الطفل الذي عاش طفولته أثناء الحروب أو حدثت أمامه مشاهد عنيفة مثل سفك الدماء يعيش حالة نفسية غير سوية ومنها الاكتئاب والرهاب والخوف وضيق في التنفس وعدم رغبة في الدراسة أو التحصيل العلمي وكثير من المشاكل الخطيرة التي تظل حبيسة نفس الطفل وتسبب له العديد من المشاكل مستقبلا إذا لم يتم معالجتها بشكل مبكر حيث أن الأطفال يكتمون مشاعرهم ومخاوفهم إلا أن الآثار قد تبدو جلية في سلوك هؤلاء الأطفال مثلا القلق والكوابيس المستمرة وحالات العصبية الدائمة بالإضافة إلى تغير في شخصيته مع الأيام والإصابة بالعديد من الأمراض العضوية بالإضافة إلى النفسية.
كما أن الآثار الناجمة عن الحرب والعدوان تأخذ أشكالاً متعددة ودرجات مختلفة من الشدة وبحسب أخصائيين فان تلك الآثار تبدأ من الإحساس بالإحباط والقلق إلى الاكتئاب وأشكال أخرى من الأعصاب وقد يصاب بعض الأشخاص بخلل في الوظائف العقلية كالذاكرة أو ضعف التركيز أو الإدراك فالأطفال هم الشريحة الأكثر الذين تأثروا ويتأثرون يوميا بالحروب من موت وجوع وتشرد ويتم ونزوح وحرمان من التعليم ومن ابسط الحقوق.
الطفل اليوم
تقول الباحثة في أدب الأطفال عبير محمد الوصابي :عندما نخاطب الطفل أو ننصحه في العصر الراهن علينا الأخذ في عين الاعتبار بأن الطفل اليوم ليس كطفل الأمس وان النصيحة والتعليم لم تعد الوسيلة الأكثر أهمية في تشكيل وعيه فمساحة إدراك الاطفال قد توسعت وتنوعت مكونات ثقافتهم التي استمدوها من الحرب والصراعات ومن خلال الانترنت الذي أصبح له الدور الكبير في التأثير على ثقافة الطفل العربي اليوم فجاذبيتها وتعددها وقدرتها على التطور جذبت الطفل ببراعة ومن هنا يتعاظم دور الأم أو المعلم أو الطبيب النفسي للطفل الالكتروني الذي أصبح يقضي معظم وقته على الشبكة العنكبوتية أمام أصدقاء لا يعرفهم .
وتضيف الباحثة عبير: أن الحروب تترك آثارها المدمرة على حياة الناس عامة وعلى حياة الطفل بشكل خاص وحين يتعرض الطفل لها بشكل مباشر أو يصاب فان تأثيرها عليه يكون بالغا وكبيرا وتصبح جزءاً من ثقافته مع مرور الأيام وانه يحتاج لزمن طويل للتأهيل النفسي ونسيان ما تعرض له وان لم تتوقف الحروب فان النتائج ستكون وخيمة وستدمر مستقبل وثقافة الطفل وسيصبح الصراع والدمار جزءاً من حياته وثقافته.

 

قد يعجبك ايضا