الثورة نت /تحقيق / رجاء عاطف
مضت الأيام والشهور مسرعة الخُطى تعلن قدوم شهر رمضان المبارك الذي نعيش أيامه العشر الأولى وكأنه للتو حزم أمتعته، ومن عام فائت إلى عام مُقبل يتغير الحال كثيراً، فللعام الثالث يأتي رمضان ولازال يُعتدى على هذا الوطن وأبنائه بل وخيراته، ليضيف على معاناة الأعوام الماضية معاناة أخرى بل وأشد مما مضى ليمروا بظروف صعبة ساهمت من تدني مستوى المعيشة والحاجة والعوز..
صحيفة الثورة سلطت الضوء على مشاهد يومية للأيام الرمضانية الأولى وكيف عايش الناس الظروف المعقدة التي باتت تهدد الحياة من عدوان مستمر وحصار وجوع ومرض.. إلى التفاصيل:
مثل كل عام أسرجت الأسواق أنوارها مستقبلة الأيام العشر الأولى من الشهر الكريم، ولكن رغم كل هذه البهارج والأضواء، إلا أن الحركة بدت في الأسواق خاملة مقارنة بالأعوام السابقة، نظرا لاستمرار تداعيات العدوان والحصار، وغياب المرتبات فبدت الأيام الأولى للشهر وكأن الأسواق فارغة ما عدا قبل الإفطار، كما بدت كذلك في معظم ساعات الليل إلا من بعض حركة المتسوقين الذين لا يبدو عليهم الفرح والبهجة والقدرة الشرائية العالية التي تخلق الزحام.. الأهم أن خلف هذه المفارقات قصصاً مؤسفة ومؤلمة يعشها المواطن اليمني جراء الحصار الجائر والعدوان الظالم والقرارات التي أثبتت للعالم زيف دعاوى شرعية هادي ، إذ قرر بمباركة أممية ودولية نقل البنك المركزي وتحويل مسار الإيرادات -الشحيحة أصلاً – كما يكشف القرار حيادية البنك المركزي في صنعاء على مدى عام وتسعة أشهر في صرف المرتبات لكل أبناء الخارطة اليمنية الجغرافية والسياسية…. بعض القصص التي سنوردها تعكس الظروف الصعب التي يعيشها المجتمع اليمني جراء العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته..
زينب المهتدي – تربوية، والتي ترى أن رمضان من عام إلى آخر يكون فيه تغييرات كثيرة إلا أنه في رمضان للعام الثالث في ظل الحرب والعدوان وقالت : جاء رمضان هذا العام وبين جدران هذا البيت أرملة حائرة أنى لها أن تفرح أيتامها بحاجيات الزائر الكريم وأخرى ترثي فقيدها وثالثة تجوب حاويات نفايات الحي باحثة عن بقايا طعام الجيران ليلا، ورابعة تلف الشوارع بحثا عن قطعة خشب أو كرتون تستطيع من خلاله إيقاد قبس من النار المهجور منذ فترة، مضيفة ان هذا هو الحال الذي استقبلنا به الأيام الأولى للشهر الفضيل وكما أن هناك أسراً لا تقوى على توفير قوت يومها فكيف لها أن توفر الحاجيات الرمضانية، وما تلك إلا لقطات صغيرة من واقع مؤلم نأمل ونتمنى أن يعود أفضل مما هو وأفضل مما كان.
العام الأضعف
فيما يقول عبدالله الحربي – موظف: بدأنا منذ أيام قليلة بالاستعداد للشهر الكريم وتهيئة الجو النفسي والروحاني للعائلة أو الحي ، إلى جانب تجهيز بعض المتطلبات من المواد الغذائية وغيرها، إلا أن استعدادنا هذا العام يعتبر هو الأضعف على مدى الأعوام الماضية وذلك لعدة أسباب وعلى رأسها عدم صرف رواتب الموظفين الحكوميين والحصار الاقتصادي المفروض على اليمن ، إلى جانب إشكاليات عديدة ومؤلمة حقاً فالحرب وما خلفته من معاناة اقتصادية واجتماعية ألقت بظلالها على المواطن المسكين والذي لا حول له ولا قوة وجعلته نازحاً وفقيراً لا يمتلك قوت يومه في ظل استمرار غياب الرواتب والحرب والدمار الذي أدى إلى تفريق أبناء الوطن الواحد، والذي جعل من شهر رمضان المبارك هذا العام صورة مأساوية لم نتعود عليها خلال الاعوام التي مضت علينا من قبل، ونسأل المولى عز وجل بالفرج ورفع الغمة عن بلادنا..
حل في ظل كوارث
ومن جانبه قال الكاتب مصطفى المغربي: أن هناك اختلافاً كلياً عن شهر رمضان الماضي والسابق له حيث حل في ظل كوارث حالقة من جوع وفقر ومرض ومجاعة تسبب فيها العدوان وكرسها فواقع العام الثالث مختلف لعدة أسباب منها استنفاذ غالبية الشعب مدخراتهم واحتجاز هادي وحكومته مرتبات ومعاشات اكثر من سبعمائة ألف موظف حكومي مدني وعسكري تعتاش منها أسر هؤلاء والتي تمثل ثلث سكان اليمن وأن انقطاعها منذ ثمانية اشهر متصلة تعد جريمة حرب لتسببها بكارثة انسانية غير مسبوقة، إلى جانب انتشار الأوبئة والأمراض كوباء الكوليرا الذي اضحى يفتك بالشعب قبيل الشهر الكريم، وأيضاً وجود مجاعة تعصف بالغالبية ليس نتيجة عدم صرف المرتبات فحسب بل نتيجة إغلاق العدوان المنافذ بتشديده الحصار ومنعه سفن وطائرات الإغاثة من الوصول إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وختم حديثه بأن شهر رمضان الذي يطل على الشعب اليمني يختلف عن العامين السابقين والذي انعدمت فيهما خدمات المياه والكهرباء ليزداد عليه انقطاع المرتبات وتدهور الخدمات الصحية..
تأثر الشراء هذا العام
التجار بدورهم وجدوا أن الإقبال على الشراء ضعيف هذا العام بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد في ظل الحصار والعدوان، وهذا ما أكده ياسر الشهاري – تاجر بهارات ومواد غذائية ، حيث قال: الإقبال مقارنة بالأعوام السابقة ضعيف نسبياً بسبب عدم صرف رواتب الموظفين الذين يعتبرون شريحة واسعة من المجتمع ويعتمدون على الرواتب لقضاء متطلباتهم الاستهلاكية، مشيراً إلى أن ذلك لم يسبق وان حدث من بداية العدوان ولم يتأثر الشراء من قبل، وأضاف: إن هناك فرقاً بين حالة الناس في الأيام الأولى لرمضان العام الماضي وهذا العام من حيث التجهيز وشراء المواد الغذائية ومتطلباتهم حيث كانوا يبدأون من شعبان إلا ان البعض اكتفى فقط بشراء المواد الأساسية والضرورية من الاحتياجات لعدم إمكانياتهم، وهنا ويرى كغيره من التجار أن تخلي المواطنين عن السلع الأخرى من متطلبات شهر رمضان والتي كانوا يعتبرونها سابقاً متطلباً أساسياً يعود لقلة المدخول المادي مما جعلهم يقلصون الشراء والبعض ليس لديه القدرة الشرائية على توفيرها..
جشع رفع الأسعار
وعن سبب ارتفاع الأسعار رغم الوضع الاقتصادي في البلاد قال الشهاري: أن الأسعار سنويا قبل رمضان ترتفع من قِبل تُجار الجملة وأيضاً نظراً لارتفاع سعر الصرف وهو أحد أسباب ارتفاع الأسعار إضافة إلى جشع بعض التجار الموردين كما يؤثر ذلك علينا نحن تجار التجزئة والذي بدورنا نقوم بالتسعير بحسب ما قمنا شرائه، وكما لا نستطيع التحكم بالأسعار لأن السعر يكون محدداً يومياً بحسب الصرف صعودا او هبوطا..
وأشار خلال حديثه أن كل تاجر له سعر وهذه الأسعار تثقل كاهل المواطنين الذين قلت القدرة الشرائية لديهم إلى جانب انقطاع الرواتب مما زاد معاناتهم وهنا بدورنا قمنا بالبيع حسب قدرة المواطنين فمثلا نبيع البهارات بخمسين او عشرون ريالاً فقط وهذا ما بدأناه منذ أشهر حتى نخفف على المواطن ونوفر طلباتهم بالقدرة الشرائية التي يستطيعون عليها ولأن هذا ضرورة اجتماعية تحتم علينا أن نتعاون مع المواطن وليس من الممكن رده بطلباته وهذا ما نستطيع القيام به في الوقت الراهن، حيث يفترض أن نتكاتف ونتعاون فيما بيننا لأننا نمر بظروف حرب وعدوان لكن مما يؤسف أن الاستغلال والجشع موجود والصرف المرتفع موجود والتجار لا يستطيعون إدخال البضائع وهنا يأتي دور الجهات المعنية بالتحسين من وتيرة اندفاع التجار والاحتكار الحاصل من قبل بعض التجار..
انخفاض معدل الشراء
فيما أوضح خالد الخولاني- مدير عام مكتب الصناعة والتجارة بالأمانة أن إقبال المواطنين على السلع الموسمية والرمضانية خاصة في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية ووفق ما لاحظناه العام الماضي من خلال لقائنا مع أكثر من تاجر كان ردهم ان القوة الشرائية لدى المواطن انخفضت لمعدل 30 – 40 % عن الأعوام ما قبل العدوان.
وقال الخولاني عن الرقابة على الأسواق وتحديد السعار: إن دور المكتب يأتي من الناحية الرقابية وفقاً للقوانين الصادرة من عام 2007 حتى 2010م ولوائحها التنفيذية تكمن في الرقابة الغذائية وتشجيع المنافسة وتحقيق الاستقرار اللازم في توفير المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية واستقرار أسعارها وكذلك حماية المستهلك من الغش والتقليد للمنتجات ومتابعة ورصد الأسعار على مستوى أسواق أمانة العاصمة والمكتب يقوم بعمل كبير رغم ما تتعرض له بلادنا من عدوان غاشم، كما نتابع بصورة متواصلة توفر وانسياب المواد الغذائية الأساسية إلى الأسواق واستقرار أسعارها عند الحد الذي يستطيع المواطن الحصول عليها ، ونظراً لحرية السوق وتشجيع المنافسة فدورنا يتمثل في إلزام كل الفئات التجارية بإشهار الأسعار بصورة واضحة أمام المستهلك وفي حالة طرأ تغير أو ارتفاع في أسعار المواد الأساسية بصورة غير مبررة يتم ضبط المتلاعبين وإحالتهم إلى النيابة وفق القانون.