> مزارعون:زراعة الخوخ في ذمار.. لا تحتمل حصاراً ولا عدواناً
ذمار / ماجد السياغي
تشكل المساحة المزروعة في الجمهورية اليمنية نسبة %82 من إجمالي المساحة المزروعة التي تتسم بتفاوت الخصائص المناخية ساعدت بدورها على تنوع في الإنتاج. حيث يشكل إنتاج الفواكه ما نسبته (18 %) في المتوسط من إجمالي الإنتاج في اليمن.
محافظة ذمار الزراعية التي تحتل مراتب متقدمة في إنتاج العديد من المحاصيل يتجاوز إنتاجها السنوي من الفواكه ما يزيد عن 22 ألف طن، وتشتهر قريتا السوايدا وأضرعة بمديرية ميفعة عنس بزراعة فاكهة الخوخ التي تشكل رافداَ اقتصادياَ للمزارعين.
ولمعرفة المزيد تجدونه في ثنايا هذا التقرير .. فإلى التفاصيل:
اهتمام ورعاية
وعلى الرغم من تدني المساحة المزروعة بهذه الفاكهة وسنوية محصولها مقارنة بالمحاصيل الأخرى كالقات الذي يشهد توسعاً كبيراً على حساب المحاصيل الأخرى. إلا أن أبناء قريتي السويدا وأضرعة خالفوا المزارعين الذين يلجأون إلى زراعة القات للحصول على دخل ماديٍ سريعٍ وهو ما قاله لنا المزارعون أن أرضهم الزراعية ليست للقات بل لعديد المحاصيل الزراعية ومنها فاكهة الخوخ التي يرون فيها مصدر دخل عمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية بشكل دفعهم إلى الاهتمام بها وتوفير كل مايلزم لها من الرعاية الجيدة والاهتمام.
المزارع محمد السويدي قال: كنت أمتلك عشر قطع أرض مزروعة بالقات استبدلتها بزراعة (الفرسك (الخوخ وأجني منها اليوم مبالغ مالية جيدة حيث عملت على تحسين ظروفي الاقتصادية على عكس زراعة القات التي كلفتني الكثير من المدخلات الزراعية ويضيف: ما كنت أجنيه من عائد لا يضاهي ما كنت أقوم به من إنفاق وجهد واستهلاك للمياه الجوفية.واستطرد ، نقوم ببيع محصولنا السنوي من هذه الفاكهة في الأسواق في ظل الظروف الطبيعية بمبالغ جيدة ولا نخشى عليه من الكساد أو التلف على عكس المحاصيل الأخرى المحكومة بآلية العرض والطلب في حالتي الوفرة والاختناق.
آثار وتداعيات
بحسب المعلومات الإحصائية التي أشارت إلى أن إنتاج اليمن من الخوخ شهد ارتفاعا ملحوظا عزاه اقتصاديون إلى أسباب تتعلق بالأساليب الزراعية والتقنيات الحديثة وعوامل تتعلق بأساليب وأنظمة الري الحديث إلى جانب عائدات الأرباح التي غطت تكاليف الإنتاج ومدخلات العملية الزراعية،إلا أن آثار العدوان وتداعيات الحصار المباشرة وغير المباشرة والتي قدرتها وزارة الزراعة والري بأكثر من 16 مليار دولار مع انخفاض مستوى الإنتاج إلى أكثر من %40 كل ذلك انعكس سلباً على مجمل النشاط الزراعي وضاعف من حجم التحديات أمام هذا القطاع الحيوي الذي يشكل مصدر دخل %53 من القوى العاملة في البلاد ويعتمد عليه أكثر من %70 من إجمالي السكان في حياتهم ومعيشتهم .
المدخلات الزراعية
أما الأخ علي حسين الكبسي مدير عام مديرية ميفعة عنس قال: تعتبر المديرية من المديريات التي ترفد عديد الأسواق بمختلف المحاصيل الزراعية ومنها فاكهة الخوخ حيث وإن الاهتمام الذي يوليه المزارعون لأرضهم وحبهم لها جعل منها سلة غذائية يستفيد منها الكثير من المزارعين من بائعين ومستهلكين، غير أن ما تعرض له الوطن من عدوان غاشم وحصار جائر ضاعف من معاناة المزارعين وزاد من خسائرهم فالمدخلات الزراعية سواءَ بانعدامها أو بارتفاع أسعارها كان له الأثر الواضح في تراجع الإنتاج فانعدام وارتفاع أسعار المشتقات النفطية قلص من حجم الإنتاج وجودته وخاصة فاكهة الخوخ ومع كل ذلك يتابع المزارع مشوار ما بعد الحصاد قاصدا السوق الذي يكلفه الوصول إليه مبالغ مالية مرتفعة نتيجة ارتفاع تكاليف النقل.
ويتابع الكبسي رغم ما لحق بالقطاع الزراعي من آثار مباشرة وغير مباشرة نتيجة العدوان والحصار إلا أن تمسك المزارع اليمني بأرضه التي يسقيها وزرعها الوفاء لن يتغير وبتضافر وصمود الجميع ووقوفهم ضد العدوان سنتغلب على كل المعضلات مهما عظمت.
التسويق وشبكة الطرقات
وبدوره تحدث الأخ علي القيسي أمين عام المجلس المحلي لمديرية ميفعة عنس قائلاً عملت زراعة فاكهة الخوخ على إيجاد مصدر للدخل ساعدت المزارعين على توفير سيولة كافية لاحتياجاتهم ومواجهة نفقات واحتياجات زراعة المحاصيل الأخرى من خلال ما توفره فاكهة الخوخ من عائدات مالية تساعدهم كثيراً على توفير البذور والأسمدة والديزل وبعض قطع الغيار وتكاليف العمال طيلة زراعة أي محصول غير أن ما تعرض له القطاع الزراعي من استهداف مباشر كضرب بنيته التحتية واستهداف غير مباشر كالحصار الذي تفرضه دول تحالف العدوان كان له الأثر السلبي على النشاط الزراعي .
مؤكد أن سبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية خاصة الديزل وارتفاع أسعار المدخلات الزراعية كالبذور والأسمدة والمبيدات وقطع الغيار إلى جانب ما أحدثه العدوان في شبكة الطرقات من أضرار بالغة كبحت من آلية التسويق كل هذه العوامل ضاعفت من معاناة المزارعين وأثقلت كاهلهم وانخفضت أمامها كمية الإنتاج وقابلها صعوبة التسويق والبيع في مختلف الأسواق.
ويضيف القيسي مع أن المزارعين يتكبدون خسائر ليست قليلة إلا أن الجميع يدرك أهمية الاستمرار في زراعة الأرض وحرثها ورعايتها.ورغم ما تمر به المؤسسات والهيئات الزراعية من ظروف استثنائية إلا أنها جعلت من تضافر الجهود الرسمية والشعبية مقصداً يزداد أهمية أكثر من ذي قبل لمتابعة هموم ومشاكل المزارعين والتخفيف من الآثار الارتدادية التي لحقت بالنشاط الزراعي.
نتائج وخسائر
يصعب العثور على مزارعين لا يشكون تداعيات العدوان والحصار وآثاره على طول السلسلة الزراعية التي تبدأ من العوامل المذكورة آنفا ولا تنتهي عند خسائر ما بعد الحصاد.
وهذا ما أكده المزارع علي محمد الجملي حيث كان يقوم ببيع 1200سلة من ما تجود به أرضه بفاكهة الخوخ في عدة محافظات ولكن في ظل ما تعرضت له البلاد من عدوان غاشم وحصار ظالم لم يعد يبيع سوى 600 سلة نتيجة هذه الآثار والتداعيات مجتمعة أو منفردة وما صاحبها من تراجع مصادر الدخل لدى السواد الأعظم من اليمنيين .
لا يختلف عليها اثنان
وفي الوقت الذي تنفذ فيه وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ الوطني حزمة من التدخلات الرامية إلى دعم المزارعين والتخفيف من حدة خسائرهم نظراً لارتباط نشاطهم الوثيق بمواطن الأمن الغذائي.تتضافر الجهود المشتركة لمعاجلة المشاكل والتحديات الزراعية القائمة في ظل استمرار العدوان والحصار المتلازمين.
ومهما يكن من أمر تظل الزراعة شأناً حياتياً حاضراً أبداً لا يختلف عليها اثنان كيف لا وعناصرها المتضافرة في التربة والبذار والغيث والسنابل والحصاد راسخة في الوجدان كما هي في العواطف والمخيلة تجعل لنا جذوراً في أرضنا يعجز العدوان عن اقتلاعها مهما أمعن.