تساقط الأقنعة ” 2 “
صلاح الشامي
• تناولنا في الحلقة السابقة، الأنظمة العربية والقوى السياسية التي كشفتها الأحداث السياسية في المنطقة العربية، والتي تساقطت الأقنعة عنها، لنكتشف أنها لم تكن تعمل لصالح أوطانها وقضاياها الوطنية ولا لشعوبها المغلوبة على أمرها، تحت غطاء إعلامي مكثف، تديره الإدارة الأمريكية ومن يقف خلفها من أنظمة سياسية وشركات اقتصادية تسيطر على الاقتصاد العالمي، وتدير السياسة الدولية، لصالح مشروع النظام العالمي الجديد، غير المشروع .. وفي هذه الحلقة نتكلم عن المنظمات الدولية التي تبنت الدفاع عن الحقوق والحريات لكافة الأمم.
• أنشئت منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة العدل الدولية، ومحكمة العدل الدولي، والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية، باعتبارها ضروريات أعقبت الحرب العالمية، لضمان تحقيق السلم الدولي وإنهاء الحروب، لكن الأحداث السياسية فضحت زيف ادعاءاتها، وكشفت توجهاتها المسايرة للقوى المسيطرة بقيادة أمريكا وحلفائها .. فالشعوب والأمم والأنظمة التي لم تكن ترضى عنها الإدارة الأمريكية، كانت وما تزال هدفاً للأطماع الاستعمارية، بقيادة فوضوية النظم الأمريكية المتعاقبة، ولم يكن صوتها يصل إلى مسامع الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها، في الوقت الذي لم تكن محكمة العدل الدولي تبت في قضاياها لصالح الأمم المظلومة، إلا فيما ندر، وبعد أن تكون أمريكا قد ضمنت مصالحها في ثرواتها، ولعبت فيها بالشكل الذي يضمن سيطرتها فيها، أو جعلها بؤر توتر، تضغط من خلالها على منافسيها، في الوقت الذي تكون قد عملت وتعمل على إعادة أدلجة التوجهات والأفكار والقضايا، عبر أخطبوط منظومتي الإعلام والاقتصاد، اللتين تتربع على قمتهما الولايات المتحدة.
• العدوان الأمريكي الصهيوني بقيادة السعودية على اليمن ارتكب كل أشكال الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، فقد قتل أكثر من ٣٢٧٢٨ مدنياً خلال عامين فقط وتسبب بإصابة ٢٠٤٥٣ من المدنيين أيضاً أغلبهم من الأطفال والنساء، ولم تصدر الأمم المتحدة قراراً جازماً وفاعلاً لإيقاف العدوان، رغم اطلاعها المباشر على هذه الجرائم البشعة، ومناشدات المنظمات الإنسانية المحايدة .. واستهدف العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني معظم البنية التحتية لدولة ذات سيادة دون وجه حق، مدمراً ١٥ مطاراً، و ١٤ ميناءً ، و١٦١ شبكة ومحطة كهرباء، و ١٥٧٧ طريقاً وجسراً، و٣٠٧ شبكات ومحطات مياه خلال عامين من العدوان واستهدفت المرافق الصحية بتدمير ٢٨٠ مستشفى ومرفقاً صحياً، ولم تتحرك ضمائر القائمين على منظمة العدل الدولية .. أحرق العدوان ودمر الأسواق التجارية المدنية والمصانع والمرافق الحكومية والمنشآت السياحية والتعليمية والإعلامية والرياضية ، واستهدف المواقع الأثرية والدينية والثقافية، وفرض حصاراً جائراً بقصد تجويع المدنيين، في الوقت الذي يقوم بتعذيب السجناء والأسرى حتى الموت، في سجون النظام السعودي، والنتيجة أن يتربع النظام السعودي على منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة .. ظلم وظلام تجاوز حدود التوقعات، بما لا يدع مجالاً للشك ان كل تلك المنظمات ماهي إلا توابع للوحش الأسطوري الذي يريد ابتلاع العالم، وإلا لماذا لم تحرك تلك الجرائم البشعة ضمائر القائمين عليها؟.
• الجامعة العربية بدورها كانت أحد الكيانات المقنعة، وتسبب العدوان السعودي الأمريكي على اليمن بإسقاط ذلك القناع، فلم تكف تلك المسيرات الجماهيرية المليونية – التي خرجت وما تزال تخرج خلال هذا العدوان – لإقناعها أن اليمن قضية عادلة، وليست مجرد عصابة كما يروج عهرة الإعلام المعادي .. في المقابل، ماذا صنعت الجامعة العربية لقضية فلسطين، أليس المزيد من الخذلان، والذل والهوان؟ ..
• إن الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية كفيلة بأن تسقط بقية الأقنعة عن مقنَّعين أخُر، نراهم حالياً بوجوه، لكنها … مجرد أقنعة … أقنعة فحسب.