بالمختصر المفيد.. في درب الخالدين العظماء
عبدالفتاح علي البنوس
الشهادة عطاء قابله الله بعطاء ، وكرم وفضل إلهي خص به الخالق عز وجل المخلصين من عباده، الذين باعوا أنفسهم لله ، وقدموا أرواحهم الطاهرة قرابين للدفاع عن الأرض والعرض والسيادة والكرامة ،ولم يكترثوا بمغريات الحياة وملذاتها ومطامعها ، حيث تجردوا من كافة الأهواء وأخلصوا النوايا وفازوا بالوسام الأغلى الذي لا يناله إلا أمثالهم من العظماء ، الذين سيخلدهم التاريخ وسيسجل تضحياتهم في سفر البطولة والتضحية والفداء، ولذلك لا غرابة أن يكون التكريم الإلهي الرباني لهؤلاء الصفوة بحجم التضحيات والعطاءات التي قدموها .
ومن هؤلاء العظماء الخالدين المجاهد المخلص الشهيد الخالد صالح ناجي النهمي أحد الشباب الصادقين النجباء الذي باع نفسه لله وتجرد من كافة الأهواء وكان للشجاعة والبطولة والتضحية عنواناً ، صال وجال في أكثر من جبهة ، وأصيب لأكثر من مرة، وما إن يتماثل للشفاء بعد كل إصابة حتى يسارع للعودة لإسناد رفاقه في الجبهات ، سافر للعلاج في مصر بعد أن توقفت كليتاه عن العمل أثناء مرابطته في جبهة المخا ، باع من أرض والده لمواجهة تكاليف السفر والعلاج ولم يطلب المساعدة والعون من أحد ، وعندما عاتبته على عدم متابعة الجهات الرسمية المختصة لمساعدته في تحمل نفقات علاجه رد بثقة (أنا مع ربي وهو الكافي والشافي والمعين وما أشتي من أحد ) .
لم يشكو أو يتذمر أو يجبن أو يتخاذل عن النفير إلى جبهات العزة والكرامة رغم أن حالته الصحية كانت ستشفع له ، وسيتقبل الجميع منه ذلك ، ولكن إيمانه العميق وإخلاصه العجيب، وثقته بالله وتوكله عليه ، دفعه للبذل والعطاء والجود بنفسه راضيا مطمئنا بالمسار والمنهج والخط الذي سلكه وانتهجه عن قناعة، هذا المسار والمنهج الذي يقود إلى العزة والكرامة والاستقلالية والسيادة والشموخ والعظمة والخلود في الحياة وبعد الممات .
كان الشهيد ينشد الشهادة ويسعى لها، وكان يعبر عن رغبته في الحصول عليها بقوله (يثمن واحد نفسه بدل ما يموت داخل البيت مثل الغنم ) ، وكان آخر منشور نشره على صفحته على الفيسبوك بتاريخ الأول من إبريل عبارة عن دعوة وجهها لكل المؤمنين من أبناء منطقته للتحرك للجبهة للذود عن الحمى ودحر الغزاة والمرتزقة ، وقبل مغادرته بأسابيع قليلة كان قد أصر على تزويج نجله وليد واثنتين من بناته وكأنه كان يشعر بأن موعد مغادرته هذه الحياة بات وشيكا، فكانت انطلاقته بعد ذلك ممزوجة بالحماس والشجاعة والإقدام والرغبة في معانقة الشهادة والالتحاق بركب الخالدين وكان له ذلك بعد أن قدم ملاحم بطولية ستظل خالدة في ذاكرة كل رفاقه ومحبيه الذين كانوا يأنسون بحضوره وقربه معهم وصحبتهم له في جبهة المخا وفي غيرها من الجبهات .
بالمختصر المفيد لقد فاز الشهيد وظفر بما يريد ، ولذلك نشاهد كيف يتم الاحتفاء بمواكب الشهداء وكيف يستقبل أهالي الشهداء نبأ استشهاد ذويهم ،وكيف يتم رفد الجبهات بالمقاتلين الأشداء بعد كل شهيد يتم تشييعه في تأكيد على السباق نحو الدفاع عن الوطن حتى الانتصار أو الظفر بالشهادة ومع هؤلاء لا مكان للغزاة والمحتلين والمرتزقة على الأرض اليمنية ولا يمكن أن تمرر مشاريعهم ومخططاتهم وتنفيذ مؤامراتهم مهما بلغت التضحيات ومهما بلغ حجم التآمر .
الرحمة والخلود للشهداء الأبرار،الشفاء للجرحى، والحرية للأسرى والمعتقلين ، والنصر والعزة والتمكين والشموخ والإباء لليمن واليمنيين، والخزي والمهانة للغزاة والمحتلين والمرتزقة والخونة العملاء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .