استطلاع / رجاء عاطف
منذ سنتين تتعرض بلادنا لحصار جماعي عبر منع السفن من دخول اليمن وإغلاق مطار صنعاء وحصار المنافذ البرية بل تم التضييق على موارد اليمنيين ونقل البنك المركزي من صنعاء وبالتالي تعذر تسليم المرتبات لمليون ومائتي ألف موظف حكومي منذ ستة اشهر في حين يجب ان يفهم العالم أجمع والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني أنها جريمة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية لإخضاع الشعب واهلاكه وتدميره وأن السكوت على هذه الجرائم من الأمم المتحدة ومنظماتها وكل الدول الغربية يجعلها شريكة بحسب القوانين والاتفاقيات التي يدعي العالم الغربي اليوم أنه يحميها ولا مجال لخرقها أو السكوت على انتهاكها..
( الثورة) وفي إطار تغطياتها للذكرى الثانية للعدوان السعودي على اليمن الذي بدأت هجماته البربرية يوم 26 مارس 2015م تتبعت أدوار ورؤى وواقع المنظمات الانسانية خلال عامي العدوان والحصار:
في البداية تحدث وضاح المودع – محامٍ وناشط حقوقي بالقول : إن تقارير المنظمات المحلية لجرائم العدوان ملاحظ جدا قصورها فأغلب المنظمات لا تصدر تقارير لأغلب الجرائم وأن المنظمات الفاعلة أقل بكثير من المنظمات غير الفاعلة ، أما المنظمات الأجنبية فيمكننا التأكيد أن منظمة هيومن رايتس ووتش التي تحدثت بصوت مرتفع وأصدرت قرابة 25 تقريرا في موقعها وبعدها العفو الدولية مؤكداً على أنهما أكثر من عرى جرائم العدوان على اليمن فيما اغلب المنظمات العالمية اشتراها مال النفط الأسود..
وقال المودع : أظهرت لنا سنتا العدوان عيوباً كثيرة ومن بين ما أظهرته كيف تبيع المنظمات العالمية مواقفها مقابل حفنة ريالات سعودية فتصم آذانها وتعمي أعينها عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها السعودية ضد اليمنيين فيما تهول أي شيء ضد السعودية وتعتبر حق الدفاع المشروع من اليمنيين ضد عدوان السعودية عملا غير جائز ..
وأضاف : كشفت لنا سنتا العدوان أننا أحسنا الظن كثيراً بمنظمات المجتمع المدني العالمية وأننا كيمنيين عرينا العالم ومنظماته وقيمه واخلاقه وكشفنا عن وجود بورصة مقرها الرياض للقيم والأخلاق والمواقف تباع فيها المنظمات وتشترى بحسب ما تزيد السعودية في بورصتها.
حجم المأساة
فيما أوضح معاذ الصوفي – مدرب وناشط حقوقي مدير منظمة نودس يمن قائلاً: تقوم كثير من المنظمات برصد الوضع الإنساني في اليمن أو رصد واقع الانتهاكات ونشرها على نطاق واسع وهو أمر جيد إلا ان هناك ملاحظات ينبغي اخذها بعين الاعتبار وهي رصد الوضع الإنساني في كل مناطق الصراع وليس في مناطق معينة فقط بحسب قربها السياسي للعاملين في هذه المنظمات ، كما يجب إبراز حجم الانتهاكات والمأساة في اليمن بالقدر الذي تمثله كل منطقة وبحسب حجم المأساة فيها وليس إبراز مأساة مناطق معينة على حساب مناطق اخرى ، مع ضرورة أن تكون هناك حيادية ومصداقية والاعتماد على مصادر موثوقة وأمينة عند كتابة التقارير..
ويقول الصوفي : إن الأمم المتحدة لم تعلن حالة المجاعة في اليمن بعد، لكننا على بعد خطوة واحدة فقط منها وهذا ليس مجازا أو بلاغة أدبية ، وقال : يعتمد العالم مقياساً للأمن الغذائي مكوناً من خمس مراحل ( مرحلة الحد الأدنى ، ثم مرحلة الإنذار ثم الأزمة والطوارئ وأخيراً … المجاعة ) وان 20 محافظة يمنية أصبحت في مرحلتي الأزمة والطوارئ ، و7 ملايين يمني في مرحلة الطوارئ التي يقصد بها في حالة الشح الشديد للغذاء واضطرار الناس إلى اتخاذ آليات تكيف صعبة مثل بيع أبسط الممتلكات في المنازل من أجل تأمين وجبة أو وجبتين في اليوم .
مؤكداً أنه إذا استمرت الحرب فإن السبعة ملايين يمني في مرحلة الطوارئ سيسقطون في مرحلة المجاعة التي ليست ناتجة عن جفاف أو كوارث طبيعية ولكنها من صنع البشر ، ولذلك فإن المنظمات الإنسانية في اليمن التي تقدم مساعدات لليمنيين لا ترقى إلى الدور المطلوب منها الذي ينبغي أن تقدمه ،فما تقدمه لا يصل الى الحد المطلوب ولا تزال المجاعة تهدد حياة اليمنيين ككل وليس فقط سبعة ملايين ، فبعض تقارير الوتشا الأخيرة تقول ان أكثر من 18 مليون يمني بحاجة للمساعدة ..
ويضيف الصوفي : إن واقع المنظمات الانسانية التي تعمل في الاغاثة والمساعدات يشوبها شيء من القصور الذي يتمثل في ضعف اداري في بعض الكوادر التي لا تمتلك خبرات كافية في عمليات المسح الميداني وكيفية التعامل مع الفئات المجتمعية المختلفة والذي بدوره أثر على دقة المعلومات وصحتها ، وأيضا قصور في التعامل مع حساسية النزاعات وأدى الى ظهور نزاعات جديدة في المجتمع بسبب عدم مراعاة التنمية الحساسة للنزاعات ، إلى جانب أنه يشكو كثير من المستفيدين اثناء استلامهم للإغاثة من نقص بعض المواد التي ينبغي ان تكون ضمن استحقاقات كما يشكو من أن بعض المواد الإغاثية ذات جودة منخفضة ويتعب المستفيد في الاستفادة منها ، وان بعض المواد عبارة عن حبوب قمح وتحتاج الى طحن والمستفيد لا يملك قيمة ذلك، مضيفاً إنه لم تراع المنظمات احتياجات كل مناطق السكان في تعز واليمن عامة وقامت باختيار مناطق وتركت مناطق بدون مساعدات رغم تشابه الظروف للجميع في ظل الحرب.
مشيراً إلى اعتماد اغلب أنشطة هذه المنظمات على توزيع خيري للمواطنين وهي بهذا تخلق مجتمعا مستهلكاً فقط ليصبح مع الأيام مشروع متسول وبإمكانها ان تخلق من المواطنين مجتمعا منتجا عبر التأهيل والتدريب وتمكينهم بالمشاريع الصغيرة وهذا أيضاً ينذر بنزاع مجتمعي خطير في حال توقفت هذه المساعدات أو انتفاء أسباب بقائها ، وعليه مع اعترافنا بأن دور المنظمات الانسانية مهم إلا انه بحاجة ماسة للمراجعة والتقييم لتلافي القصور والأخطاء وكذلك زيادة كمية الدعم ليصل إلى كل المستحقين في اليمن ..
دور عاجز
ومن جهته قال الدكتور ابراهيم الاكوع – أكاديمي : إن المنظمات الدولية وخاصة الانسانية أضحت حقيقة في المجتمع الدولي وتشكل قوة وضغطاً على الدول ولها دور وتأثير على الحياة الدولية ولم يمنعها من ان تكون القوة الثالثة في المجتمع الدولي ولها تأثير وإحراج الكثير من الدول التي تنتهك حقوق الانسان ، وأضاف: نلاحظ أن المنظمات الانسانية في اليمن في تزايد وخاصة في الفترة الماضية لكن الشعب اليمني تفاجأ إزاء دورها العاجز والمتفرج أثناء الحرب الظالمة عليه، ولاحظ المراقبون المحليون ان تلك المنظمات لا تؤدي دورها بالشكل المطلوب , منوهاً إلى دورها المحدود في تزويد بعض المراكز الصحية بالأدوية أو المواد الغذائية رغم عدم وجود رؤية واضحة لهم بل قيام تلك المنظمات تضليل الرأي العام الدولي ، وهنا يقول الأكوع : يفترض أن يكون للمنظمات الانسانية دور في كشف الإحصائيات الخاصة لضحايا الحرب خاصة من الاطفال والنساء والبنية التحتية وغيرها كما لا توجد مساعدات حقيقية، وأشار في ختام حديثه إلى أن الشعب اليمني ينتظر دورها الإنساني والتي قامت على أساس حماية الانسان في أنحاء العالم ..
تخلت عن الحياد
من جانبه يرى المحامي والناشط – عبده محسن ياقوت أن المنظمات الإنسانية سواء المحلية أو الدولية هي منظمات مجتمعية الغرض منها هو مساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة في المناطق المنكوبة بفعل الكوارث الطبيعية أو المصطنعة من حروب ونزاعات داخلية أو دولية وهي من المفترض أن تكون في مثل حالات الحروب والنزاعات في حياد تام وليس لها تحفيز فريق على آخر أو تقف مع فئة على حساب أخرى ، ويقول : الحياد هو الطريقة الوحيدة لكسب طرفي النزاع إلى صفها دون الانحياز لأي منهما حتى تستطيع القيام بواجباتها الانسانية نحو النازحين أو المتضررين من الاعمال العدوانية الحاصلة بفعل دول متدخلة في شؤون دول أخرى أو ما يحدث من صراعات داخلية فمبدأ الحياد هو المبدأ الذي يحكم تصرفات هذه المنظمات بحيث تقوم بدورها الانساني بشكل عادل دون انحياز لمناطق دون أخرى، كل هذا نجده في بعض الدول الأخرى الدائرة فيها حروب ونزاعات سياسية ، وهذا أيضاً ما يحدث في اليمن والذي نرى أن دور المنظمات يقتصر على مناطق دون أخرى وتخلت عن مبدأ الحياد سالكة درب العدوان مؤيدة لنشاطه باذلة جهداً غير عادي لإرضائه وهذا يدل على مدى تأثير العدوان ومؤيديه على المنظمات العاملة في المجال الانساني ..
شريكة في الجرائم
وفي بيان صادر عن الائتلاف المدني اليمني لرصد جرائم العدوان حول جريمة حصار اليمن جوا وبحرا وبرا من قبل تحالف العدوان السعودي والدول المشاركة فيه أكد فيه أن ما يحصل يعد جريمة لابد من إفهام العالم ما هو تكييفها القانوني والذي يوضح أنها جريمة إبادة جماعية وقد نصت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 9 ديسمبر 1948 م في مادتها الثانية الفقرة ج على أنها جريمة الإبادة الجماعية وهذه الاتفاقية وقعت عليها معظم دول العالم ومن بينها كافة دول العدوان على اليمن ، وأنه بوضع ما سبق وتنزيله على أرض الواقع يثبت أن السعودية والدول المتحالفة معها تريد بحصارها اهلاك اليمنيين عبر حصارهم ومنع المرتبات عنهم وهذا ما يؤكد أن الجريمة المرتكبة منذ سنتين ولا زالت هي جريمة إبادة جماعية واضحة، مكتملة الأركان .
انتهاك القانون
وأشار البيان إن الإعلان العالمي لحقوق الانسان قد نص على أهم حقوق البشر وأهمها الحق في الحياة ولا يمكن الحياة مع الحصار الاقتصادي والتجويع الذي تقوده السعودية وشركاؤها في تحالف العدوان ، كذلك نصت 24 اتفاقية دولية على الأقل من اتفاقيات القانون الدولي الإنساني على الحق في الحياة ونصت تلك الاتفاقيات على نصوص كثيرة، تنتهك حاليا في اليمن عبر جريمة الابادة الجماعية بالحصار ولا مجال لسرد كافة النصوص الواردة في تلك الاتفاقيات التي تجرم ما تقوم به السعودية حاليا في اليمن من جرائم وبالذات جريمة الابادة الجماعية عبر الحصار والتجويع وغلق المطار والموانئ والتي تمس بشكل مباشر ورئيسي الفئات الأشد ضعفا كالنساء والاطفال والمدنيين والمرضى وكبار السن وهم الفئة الأكبر في اليمن إذا يشكلون ما يزيد عن 65% من اجمالي عدد السكان البالغ 26 مليون نسمة.
وأكد الائتلاف المدني اليمني لرصد جرائم العدوان أن سكوت الأمم المتحدة والمنظمات المجتمع المدني في العالم وكل الأحرار في العالم على مثل هكذا هولوكوست جماعي على شعب يمني عدد سكانه 26 مليون نسمة، أكثر من نصف سكانه أطفال أعمارهم أقل من 14 سنة وأكثر من نصف سكانه نساء، فعلاً تشارك الأمم المتحدة عبر سكوتها على جريمة الإبادة الجماعية في الجريمة باعتبارها تقدم مساعدة لاحقة كما هو المقرر قانونا وشريكة بحسب القوانين والاتفاقيات التي يدعي العالم الغربي اليوم أنه يحميها ولا مجال لخرقها أو السكوت على انتهاكها.