ولد الشيخ ومناصرة الجلاد !!
د.حبيب الرميمه
ما ورد في كلمة وكيل الأمين العام إستيفن أوبراين أمام مجلس الأمن حول ضرورة إصدار قرار بوقف الحرب في اليمن فوراً … وفتح مطار صنعاء …. واحترام القانون الإنساني … وإدخال رافعات ميناء الحديدة.. وإفادته بأن السعودية تعرقل السفن من الوصول إلى سواحل اليمن ..وضرورة تسليم الأموال والمرتبات إلى كافة السكان في كل المحافظات ….
وكذلك ماورد في حديث مندوب الأرغواي بأن السعودية والتحالف يرتكبون مجازر في اليمن ، يشكلان إدانة واضحة للإحاطة التي تقدم بها إسماعيل ولد الشيخ والذي تحول الى “سمسار دولي ” ينبغي على الجانب الحكومي والمفاوض في صنعاء-عاصمة الجمهورية اليمنية- المطالبة بإقالته فوراً وعدم التعامل معه كوسيط ، إذ أن إحاطة ولد الشيخ تظهره كعضو في “لجنة تقييم الحوادث ” –المثيرة للسخرية والمُشكلة من تحالف العدوان في الرياض للحد من الانتقاد للفضائع التي يرتكبها التحالف السعودي – وليس ممارسة مهمته كمبعوث أممي أوكل له أولاً وقبل كل شيء احترام ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وعلى رأسها المطالبة بوقف العدوان على دولة عضو في المنظمة من ناحية ولما يشكله استمرار هذا العدوان من تهديد للأمن والسلم الدولي خصوصاً وأن قوى العدوان باتت تلعب في منطقة تهدد أمن العالم أجمع (مضيق باب المندب)!
قبل يومين قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيون غوتوريس في الكلمة التي وجهها لمؤتمر نزع السلاح المنعقد في جنيف إنه عازم على منع استخدام أسلحة الدمار ووضع قيود على استخدام الأسلحة التقليدية لكن في نفس يوم انعقاد المؤتمر كانت طائرات تحالف العدوان السعودي تشن عشرات الغارات المحملة بالقنابل العنقودية والفسفورية المحرمة دولياً على سواحل ذوباب وقرى المدنيين في المخا، وتقصف الجسور مدنية وتستهدف المدنيين في الطرقات في مناطق عدة من المحافظات قبلها استهداف تلميذات أطفال وهن ذاهبات إلى المدرسة في منطقة نهم، كل هذه الجرائم لم تلق أي اهتمام أو إدانة من ولد الشيخ في إحاطته وكل حديثه فقط عن النزاع بين الأطراف اليمنية غافلاً أو متغافلاً عن عمد المآسي التي يمر بها الشعب اليمني من دمار ممنهج وعدوان عبثي تدميري ليس له أي هدف سوى تدمير مقدرات الشعب اليمني ،وحصار خانق براً وبحراً وجواً مخالف لكل المواثيق الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن 2216 والذي يمنح الحق في تفتيش السفن في حال الاشتباه بوجود أسلحة فقط ولم يفرض أو ينص على أي حصار على اليمن. وهو ما جعل ستيفن اوبراين يوجه اتهامه المباشر للسعودية بأنها تعرقل دخول السفن إلى اليمن .. بينما غاب ويغيب بشكل متعمد فهم القرارات الدولية – بما فيها القرار (2216 ) – عن احاطات المبعوث الاممي الذي يفترض في مهمته أن تجسد روح ومبادئ الأمم المتحدة بما يكسبها الثقة والمصداقية كمنظمة عالمية تسعى إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين ومنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها وتقمع أعمال العدوان وغيرها .. بحسب ما تضمنته المادة (1) من مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ! وحيث أن ممارسة هذه المنظمة الدولية لعملها يقتصر بحسب نصوص الميثاق على وقف العدوان وعدم استخدام القوة بين أعضائها – الدول –كأصل عام باعتبار عدوان اي دولة على أخرى هو من باب العدوان على جميع الدول ويلزم على جميع الدول الوقوف ضد الدولة المعتدية بما يفرضه مبدأ التضامن في مواجهة العدوان كأحد اسس الأمن الجماعي الدولي، وأن ممارسة الأمم المتحدة يكون بالتصرف وفقا للفصل السادس باستخدام أحد الوسائل السلمية ومنها الوساطة وفقا للمادة (33) من الميثاق ، أو تحت الفصل السابع باتخاذ عقوبات ضد نظام معين معترف به دوليا، لكن ماطرا على هذا الأصل من استثناء واقعي لايستند إلى نصوص الميثاق وإنما إلى معالجة التهديدات التي تهدد الدولة ذاتها من خلال النزاعات الداخلية حيث مارست منظمة الأمم المتحدة التدخل في الأزمات الداخلية من خلال تعيين مبعوث دولي ، وحيث ان هذه الممارسة والتدخل للأمم المتحدة لا يزال يلقى معارضة شديدة كونه يصطدم بأحد مبادئ الميثاق وهو (عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء ) فإن ما يمارسه المبعوث الدولي ولد الشيخ يجعل من الدول الأخرى تتمسك بهذا المبدأ أكثر وتبدي حالة من الارتياب حول دور الأمم المتحدة في تدخلاتها في الأزمات الداخلية للدول . وهو ما يؤثر سلباً على الدور المستقبلي للمنظمة الدولية برمته،خصوصا في ظل افتقار هذه المنظمة في الوقت الراهن إلى آلية رقابية ومحاسبية على مبعوثيها في حال ثبت تقصيرهم في عملهم أو استغلال مهمتهم كمبعوثي سلام إلى تحقيق مكاسب مالية أو شخصية . ليبقى الدور الأبرز منوط بالطرف المتضرر وهو هنا الجانب الحكومي في صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية إذ ينبغي على وزارة الخارجية أن تمارس دورها المنوط بها بموافاة مكتب الأمين العام رأساً بالتقارير اليومية حول الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها العدوان بحق المدنيين والبنى التحتية المدنية ونشرها على موقع وزارة الخارجية باللغتين العربية والإنجليزية . وإصدار بيان واضح ورد صريح على ما يقوم به المبعوث الاممي من تجاوزات ، واتخاذ الإجراءات اللازمة لما من شأنها إيجاد وساطة أممية نزيهة تدعم وتجسد الدور الفعال للأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين ، وتشكيل لجنة من الأكاديميين المتخصصين لمتابعة المستجدات الدولية في الملف اليمني والانتهاكات التي يقوم بها تحالف العدوان.
drhabibalromimah@gmail.com