*ترامب الرئيس الـ45 لأمريكا يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد في خطاب القسَم:
تقرير / أحمد عبدالله الشاوش
وأخيراً ترجل الرئيس الأمريكي الجديد ” دونالد ترامب ” طريقه لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ووطأت قدماه سجاد البيت الأبيض وتصافح مع أوباما بعد الترحيب به وأخذ صور تذكارية لهما وفتحت له الأبواب المغلقة بعد دموع أوباما المؤثرة في خطبة الوداع ، والسجال الكبير والمناظرات العجيبة التي جذبت أنظار الملايين.
وفي احتفال عالمي أقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن… شهدت الولايات المتحدة الأمريكية وشعوب العالم الجمعة ، حدثاً بارزاً تم فيه تنصيب الرئيس ” الشعبوي” الـ 45 ” دونالد ترامب ” في ظل إجراءات أمنية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ، منذ نالت البلاد استقلالها في عام 1776، وأدى اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا على مدرج الكونغرس ومسيرة إلى البيت الأبيض بالتزامن مع أنغام الموسيقى ، بحضور نحو 900 ألف شخص من المؤيدين والمناوئين على حد سواء وسط أجواء باردة ، في مقدمتهم الرؤساء السابقون أوباما وجورج دبليو بوش وجيمي كارتر وبيل كلينتون و المتحدث باسم البيت الأبيض، ورؤساء أمريكيون سابقون وهيلاري كلينتون وأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب وأعضاء رئاسة هيئة الأركان الأمريكية وسفراء الدول الأجنبية ودبلوماسيون، للمشاركة في المراسم والبروتوكولات المنظمة لتنصيب الرؤساء الأميركيين “للتعبير عن رمزية الانتقال السلمي للسلطة.
وألقى الرئيس الأمريكي الجديد ترامب خطاباً إلى الشعب الأمريكي قال فيه إن “هذه اللحظة هي ملك للشعب الأمريكي، وما يهم ليس الحزب الذي يحكم بل من .
وقال “سنحدد معاً مصير أمريكا والعالم في السنوات المقبلة”، وأضاف “اليوم ننقل السلطة من واشنطن العاصمة ونعيدها إلى الشعب”.
وأكد أن السياسيين استفادوا وأن المصانع أغلقت ، وان المؤسسة حمت نفسها ولم تحم المواطن الأمريكي ، كما أشار إلى العديد من الجرائم التي لابد من وقفها كالجرائم والمخدرات وقضية الفقر ونظام التعليم الذي يفتقد إلى المعرفة .
وأشار إلى أن هناك قناعة اساسية لخدمة البلاد والمواطنين وبناء المدارس والمطارات والطرقات والجسور والأنفاق والسكك الحديدية في كل أنحاء أمريكا العظيمة ، وتوفير الوظائف كونها مطالب معقولة ، كما أن أمريكا ستعود للعمال الأمريكيين من جديد. وسوف يعتمد قاعدتين ، اشتر منتجات أمريكية ووظف عمالاً أمريكيين .
وأكد ترامب أن الشعب الأمريكي أمة واحدة وأن آلامها هي آلام الجميع ونجاحها نجاح الجميع ، وأشار إلى أن القسم الذي أداه اليوم هو قسم الجميع ، ولفت إلى انه تم استنزاف القوات المسلحة بينما تم رفض الدفاع عن حقوقنا ، وانه تم إنفاق المليارات في الخارج بينما بنية أمريكا تحتاج الكثير ، واسترسل في خطابه بأن المصانع أغلقت أبوابها.
وقال بأن هناك رؤية جديدة تحكم أمريكا .. أمريكا أولا منذ هذه اللحظة ، كما تحدث عن الضرائب والهجرة بمايخدم ويفيد العمال والعائلات الأمريكية ونبه إلى حماية الحدود… وأكد انه عندما تكون أمريكا موحدة ستكون قوية.
وقال سوف نسعى لتشكيل صداقات مع دول العالم ومن حق كل الدول أن تضع مصالحها أولا ولانسعى لفرض أسلوب حياتنا على أي أحد ولكن سنجعل أسلوب الحياة هذا كمثال كي يتبعنا الجميع ، مؤكداً على أنه سوف يعزز التحالفات القديمة ويشكل تحالفات جديدة ويوحد العالم المتحضر ضد ” الإرهاب الإسلامي المتشدد” الذي سنستأصل شأفته من على وجه الأرض.
وقال إن أمريكا ستفوز من جديد سنستعيد وطننا وثروتنا وأحلامنا … كما شدد على محاربة الإرهاب الإسلامي المتشدد .
احتجاجات خلال حفل التنصيب :
واحتراما وعملاً بالقيم الديمقراطية والعمل بحرية الرأي والتعبير خرج آلاف المواطنين الأمريكيين للتعبير عن أرائهم ضد الرئيس ترامب كما خرج مؤيدون له بعد أن حصلت نحو 30 جماعة من المعارضين والمؤيدين لترامب على تصاريح بتنظيم تجمعات حاشدة ومسيرات قبل وأثناء وبعد التنصيب في مشهد يعبر عن قمة الديمقراطية المثالية ، كما عمت الاحتفالات مدنا روسية بتنصيب ترامب ، وشكلت قوات الأمن الأمريكية طوقا أمنيا حول مساحة نحو ثمانية كيلومترات من وسط واشنطن بالاستعانة بنحو 28 ألفا من عناصر الأمن واستخدام أسيجة تمتد لعدة كيلومترات وحواجز طرق وشاحنات محملة بالرمل لتأمين الاحتفال ، وهو الإجراء الأمني الذي لم يسبق أن تم لأي رئيس أمريكي من قبل. فوز ترامب الذي فاجأ الأمريكيين والعالم قبل شهرين ووصوله إلى البيت الأبيض رفع سقف التوقعات والتكهنات بكيفية إدارة ترامب للعديد من القضايا والملفات في الداخل الأمريكي وعلى صعيد السياسة الخارجية آخذين في الاعتبار قوة المؤسسات الأمريكية في رسم السياسة الخارجية وقدرتها على كبح جماح الرؤساء الأمريكيين إلا في ما يتعلق بدعم الكيان الصهيوني والعداء لإيران والتحالف مع دول الخليج الرجعية وفي مقدمتها السعودية.
أوباما وخطبة الوداع
وجاء خطاب الوداع للرئيس أوباما يوم الثلاثاء العاشر من يناير 2017م، مختزلاً إنجازاته خلال الثمان السنوات من رئاسته ، وقوله بأن أمريكا استطاعت تجاوز حالة الكساد الاقتصادي، وفتح صفحة جديدة مع الشعب الكوبي، ووضع حد لبرنامج إيران النووي دون إطلاق رصاصة واحدة، والقضاء على العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أسامة بن لادن، وقال إن أمريكا هي في وضع أقوى الآن أكثر مما كانت عليه حين بدأنا”
وعدد أوباما إنجازاته من خلال خلق الوظائف وإصلاح التأمين الصحي وتصفية أسامة بن لادن والحديث عن التغير المناخي، مؤكدا أن إنكار هذه الحقيقة العلمية هو “خيانة للأجيال المقبلة”.
كما دعا الأمريكيين في الوقت نفسه إلى الوحدة “أيا تكن اختلافاتنا”، مع إقراره في الوقت نفسه بأن العنصرية لا تزال “عاملا تقسيميا” في المجتمع الأمريكي .
كما حذر أوباما، من إضعاف قيم الديمقراطية التي تؤدي لنشوب حروب أهلية ودولية ومن خطر من وصفهم بالإسلاميين المتشديين والأنظمة الاستبدادية في العالم، وبأنهم أكثر خطورة من “سيارة مفخخة أو صاروخ”، وقال إنهم “يعتبرون الديمقراطية والمجتمع المدني تهديداً لكيانهم ووجودهم” في خطبة الوداع ، رغم أن إدارته هي من ساعد وساهم في دعم التشدد والإرهاب لابتزاز الحكام والشعوب.
وقال أوباما إن نفوذ روسيا والصين على الساحة الدولية ليس محل مقارنة بنفوذ الولايات المتحدة، كون واشنطن تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان،”.
يغادر أوباما البيت الأبيض بعد أن قضى ثماني سنوات في الحكم شهدت خلالها العديد من الدولة العربية اضطرابات وحروبا داخلية لعبت أمريكا دور المحرك والموجه للجماعات الإرهابية كما في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
كما قدمت أمريكا دعماً كبيراً للسعودية لشن العدوان على اليمن وتزويدها بالأسلحة المحرمة والعنقودية والمعلومات ..الخ.
ترامب القادم من خارج المؤسسة الأمريكية
قيل الكثير عن ترامب وشطحاته وجنونه وعنصريته التي ظهر بها خلال حملة الترشيح للرئاسة الأمريكية والتي جعلته في ذيل قائمة التوقعات بالفوز حتى اللحظة الأخيرة.. ما فاجأ المؤسسة الأمريكية الحاكمة ووسائل الإعلام التي ساندت هيلاري كلينتون بقوة.
كما أن صراحة ومصداقية ” ترامب” وتصرفاته العفوية ونقده اللاذع مكنه من استراق الأضواء والدخول إلى قلب المواطن الأمريكي ببساطة والتأثير عليه وإقناعه ، مسجلاً نصراً معنوياً و تفاؤلا كبيرا، لاسيما بعد مناوراته في المناظرات واستثماره لتجاوزات وأخطاء مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري رغم دهائها وخبرتها السياسية الكبيرة وإحراج الرئيس أوباما الأكثر تأييداً لـ هيلاري .
لقد نجح ” ترامب ” في الوصول إلى رئاسة أمريكا بعد أن ضمن برنامجه الانتخابي العديد من القضايا التي تهم المواطن الأمريكي بالدرجة الأولى على مستوى الداخل والدفع بعجلة الاقتصاد ، وتبنيه مكافحة الإرهاب وحماية الامن القومي وفضحه لتجاوزات هيلاري وأوباما وغيرهما من صقور الحزب الديمقراطي واعتراف كلينتون بدعم تنظيم داعش والقاعدة أثناء ماكانت وزيرة للخارجية الأمريكية.
وتعتبر تصريحاته المزعجة للسعودية ودول الخليج التي يدعوها فيها لدفع المال مقابل حمايتها ، وتشدده تجاه المهاجرين المكسيكيين والمسلمين المتشددين والمهاجرين غير الشرعيين، ماهو إلا ترجمة حقيقية وانعكاس واقعي لعقلية المواطن الأمريكي المشبعة بخطاب الكراهية للعرب والمسلمين وغيرهم من المهاجرين والنظرة غير الموفقة في ظل الإعلام الأمريكي المؤجج للمشاعر ، مما شكل عامل قوة ومنح المرشح ترامب شعبية وثقة أكبر لدى الناخب الأمريكي الذي ادلى بصوته لترامب الأقرب في فهم معاناته وطموحاته وقضاياه والحديث بلسانه والتعبير عن مشاعره ووجدانه من خلال تبنى قضاياه المصيرية بغض النظر عن دغدغة عواطفه و استخدامه لبعض العبارات غير اللائقة .
علاقات متميزة مع السيسي وبوتين
كما ان تصريحات ترامب ” التي عبّر فيها للرئيس السيسي عن دعمه القوي لحرب مصر ضد الإرهاب، وانه في حال انتخابه فان الولايات المتحدة سوف تكون صديقا وفيا وليس مجرد حليف ، نتيجة للعلاقة الشخصية الجيدة التي تربط ترامب والسيسي ومعرفة ثقل مصر في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط لامتلاكها أرثا حضاريا وزعامة إقليمية ودولية تمتد لأكثر من ثمانية آلاف عام ، لاسيما وان الوضع المتأزم في منطقة الشرق الأوسط سيكون حاضراً وفاعلاً ومؤثراً إلى جانب السياسة الخارجية لأمريكا في مجال مكافحة الإرهاب.
وكذلك الأمر مع روسيا وغيرها من الدول لوضع حد لتحديات الإرهاب وإدارة أمريكا ، رغم خبرته المتواضعة في الجوانب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والكثير من القضايا والأزمات المعقدة ، إلا أن أمريكا دولة مؤسسات وترامب يدرك بقوة شخصيته وإرادته الحرة ، أنه سيحاول قدر الإمكان الإلمام ببعض القضايا والأزمات التي تمس مصالح الولايات المتحدة إلى جانب فريق العمل لتحقيق النجاح.
ورغم شطحات ترامب وتهوره ومواقفه الطريفة والجريئة أثناء حملة الانتخابات ، إلا ان المؤكد انه بعد تنصيبه وتسلم السلطة سيكون أكثر التزاماً بثوابت السياسة الأمريكية لاسيما ما يتعلق منها بدعم الكيان الصهيوني وخلاف ذلك حسب توقعات الكثير من المحللين والسياسيين باستثناء الدول الداعمة للإرهاب .
رسائل ترامب
كما استفزت تصريحات ترامب الصين بعد القىائه بالون اختبار بمثابة رسالة خطيرة عبرت عن تطلعاته إلى إمكانية تخلي إدارته المقبلة عن الالتزام بسياسة ” الصين الواحدة” ، مما أدى إلى حالة من الغضب وردود الأفعال على مستوى القيادة والشعب الصيني.
حيث أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كينغ شوانغ في مؤتمر صحفي قلق بلاده الشديد من تصريحات ترامب ، لافتا إلى أن سياسة “الصين الواحدة” هي أساس العلاقات بين بكين وواشنطن وردا على احتجاج بكين على اتصاله برئيسة تايوان.
كما وجه نقده للمنظمة الدولية بأنها “ناد لتمضية الوقت”.
في حين كشف ترامب عن الكثير من العداء للقيادة السعودية، وكان اكثر المتحمسين لتطبيق قانون “جاستا” الذي يعطي أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر الحق في مقاضاة الحكومة السعودية وطلب تعويضات مالية ضخمة ، كما طالب السعودية ودول الخليج بدفع ثمن الحماية ، ولذلك استشعرت السعودية الخطر بخطوة استباقية بإيفاد وزير خارجيتها عادل الجبير لإجراء اتصالات مكثفة مع أعضاء الكونغرس، لتوثيق علاقاتهم ببلاده، وتكوين “لوبي” من المشرعين الأمريكيين للدفاع عن مصالحها، في وجه أي خطوات معادية محتملة قد تقدم عليها الإدارة الجمهورية الجديدة ، كما حاولت التقرب من ادارة ترامب من خلال منع جمال خاشقجي أكثر الكتاب ولاء لها، لأنه عبر عن مخاوف السعودية من الرئيس الأمريكي المنتخب في مشاركة له في ندوة سياسية بواشنطن ، وتسعى السعودية بعد التدهور الكبير بصعود ترامب في محاولة لكسب وده أو على الأقل دفع الأذى والخطر عنها.
.. كما أن العلاقة الشخصية التي تربط الرئيس ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين قد تُسهم في تفاهمات تلقي بظلالها للتوصل إلى صيغة ما لترتيب الأوضاع في العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر وأوكرانيا وغيرها من بؤر التوتر في العالم ، للتفرغ للداخل الأمريكي وتنفيذ الوعود الانتخابية التي قطعها ترامب على نفسه .
في حين عبر ترامب عن معارضته الشديدة للاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع الدول العظمى في يوليو/ 2015، واعتبره “أسوأ اتفاق لأنه يضع إيران، وهي الراعي الأول للإرهاب المتطرف، على طريق الحصول على سلاح نووي ، إلا أن بعض السياسيين يرون أن إدارة ترامب ستعتمد سياسة متأرجحة بين الشدة والمرونة تحكمها المصلحة والتفاهم في العديد من الملفات من بينها المشروع النووي والتوصل لتفاهمات للتهدئة في منطقة الشرق الأوسط.
ترامب والقارة العجوز
كما أثارت التصريحات التي أدلى بها ترامب، لصحيفتي تايمز البريطانية، وبيلد الألمانية، واعتبر فيها أن بريطانيا كانت على حق بقرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي ، ووصف فيها حلف شمال الأطلسي بأنه منظمة “عفا عليها الزمن”، وقال إن المستشارة الألمانية ميركل ارتكبت خطأ كارثياً عند سماحها بدخول حوالي مليون لاجىء إلى الأراضي الألمانية خلال عام 2015 ، مما أثار غضبها والدول الأوروبية وحلف الأطلسي ، حيث ردت ميركل بأن أوروبا تملك حق تقرير مصيرها وأن الأوروبيين قادرون على مكافحة الإرهاب .. من جهته أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أن أوروبا ليست في حاجة إلى نصائح خارجية لتملي عليها ما يجب أن تفعله.
ويظل التعويل على ترامب من قبل الشارع العربي ضئيلاً على الرغم من كل ما قاله في حملته الانتخابية وذلك بالنظر إلى أن السياسة الأمريكية ثابتة ولايتغير غير الأدوات والتكتيكات.