العقوبة الجماعية تدخل عامها الثالث بحصيلة أكبر من الاعتداءات وساعات إطفاء أقل


تحقيق/ سعيد الجعفري –
,الفاعلون طليقون .. الكهرباء في مرمى النيران.. والداخلية في العسل

,الاتهامات المتبادلة بين الأطراف السياسية وفرت الغطاء للجناة

,قانونيون: النظام في كل زمان ومكان هو المسؤول

,ما حقيقة مسؤولية النظام السابق.. وما مسؤولية النظام الحالي عما يحدث

خمسة أشهر ظلت المحطة خارج الخدمة جراء تحطيم

* لم يكن اليوم الثاني لشهر يناير 2011م ميلاد حدوث أول اعتداء على خطوط النقل في الدائرتين الأولى والثانية مأرب صنعاء 400 كيلو فولت التي كانت قبل أن ترى النور قد تعرضت للاعتداءات حيث كان قد توقف العمل في استكمال بناء المشروع جراء قيام بعض العناصر التخريبية بالاعتداء على الشركة المنفذة وتوقيفها عن العمل لفترة طويلة وهو الأمر الذي ترتب عليه تحميل المؤسسة العامة للكهرباء لغرامات مالية كبيرة دفعتها تعويضات للشركة المنفذة جراء هذا التأخير إلى جانب أن عملية التأخير في استكمال المشروع أخر دخول محطة مأرب الغازية في نطاق الخدمة وعملياٍ دخلت مرحلة التشغيل التجريبي في الربع الأخير من عام 2009م .
وواجه في عام 2010م اعتداءات تخريبية يمكن إسقاطها من دفاتر حساباتنا أمام حصيلة الحصاد المر للضربات المرتفعة على مدى عامين ونصف العام منذ مطلع العام 2011م وحتى اللحظة بحيث لم يكن 2 يناير أول اعتداء على خطوط نقل مأرب – صنعاء لكنه مثل تحولا خطيرا في اعتداء لم يتوقف بعد ذلك على طول امتداد الخطوط وبلغت أرقاما قياسية يستطيع منفذوها الدخول بها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية حيث بلغت الاعتداءات على خطوط نقل مأرب منذ مطلع 2011م حتى مايو الحالي 100 اعتداء من إجمالي 138 اعتداء على خطوط نقل الطاقة ويستطيع الشعب بأكمله المنافسة في إحراز رقم قياسي آخر أكثر شعب على وجه المعمورة عانى من أطول ساعات إطفاء في بلد هو الأقل إنتاجا للطاقة الكهربائية على الإطلاق من بين سائر دول العالم ومع ذلك فإن هناك بطولات ماراثونية تجرى في تنفيذ الاعتداءات على مصادر توليد ونقل الطاقة من قبل عصابات إجرامية تتفاخر علناٍ بجريمتها وتعلن مسؤولياتها عن ارتكابها وتطالب بالمقابل أن تكافأ على ذلك وتنفيذ مطالبها في مقابل حكومات خجولة في إدانة وشجب الجريمة تميل إلى مكافأتهم وتنفيذ مطالبهم وتلجأ إلى منطق التفاوض معهم.
ويرى المهندس محمد الشيباني مدير عام خطوط النقل أن محطات التحويل توضح أن الاعتداءات على خطوط نقل مأرب – صنعاء بلغت أرقاما قياسية وأنه في عام 2011م من بين «93» اعتداء فإن «52» اعتداء على خطوط نقل مأرب – صنعاء وأن 2012م نفذت 20 اعتداء على خطوط نقل مأرب – صنعاء من بين 54 اعتداء بإجمالي الاعتداءات للعامين بلغ 44 اعتداء وبلغت خلالها الخسائر (36.892.880.000) ريال بينما بلغت الخسائر خلال العام الحالي جراء تلك الأضرار ملياراٍ و200 مليون ريال. هنا دعونا نتابع التفاصيل المؤلمة لحصيلة اعتداءات لازالت واقعة تسجيل حدوثها جارية قدم حظيت بمتابعتنا وقدم تفاصيلها لنا المهندس محمد الشيباني مدير عام خطوط النقل بالمؤسسة العامة للكهرباء ففي يوم 2/1/2011م تعرضت خطوط النقل مأرب – صنعاء لإطلاق النار عند البرجين 425 و426 وتطلبت عملية إصلاح الأضرار الناتجة عن هذا الاعتداء ثلاثة أيام أي حتى تاريخ 5 / 1 / 2011م.
بدا الأمر بالنسبة للجميع غريباٍ وغير قادرين على تفسير وفهم حالة الإطفاء الطويل جراء خروج غازية مأرب ولم يصل إلى مسامع الكثيرين تفاصيل هذا الخروج وتبعات الاعتداء ولم يمر وقت طويل حتى ننسى ساعات الاطفاءات الكبيرة التي استقبلنا فيه مطلع عامنا الجديد في يومه الثاني جاء اعتداء جديد في 10 يناير كنا على موعد جديد لإطفاء طويل هو الآخر لم نكن أيضا حتى تلك اللحظة ندرك مسبباته لكننا عشنا تفاصيله ثلاثة أيام أخرى من الاطفاءات الناجمة عن خروج غازية مأرب جراء اعتداء تخريبي على خطوط الدائرة الأولى ما بين البرجين 388 و391 وتطلب تكلفة إصلاحه في 13 يناير 356.060.000 ريال ومع ذلك بقيت هذه التفاصيل غائبة لدى الكثيرين هنا اعتبر البعض حالة الاطفاءات التي زادت ساعاتها على غير المتوقع طالعاٍ مشئوماٍ في مطلع عام جديد لتمر بقية أيام الشهر بسلام ومرت الـ12 يوما من الشهر الثاني كذلك حتى نفاجأ منذ ساعات الصباح الأولى عند الساعة الثامنة و47 دقيقة بحالة إطفاء اعتقدنا أنها طبيعية ورغم أنها اقتصرت على يوم واحد واستمرت حتى عصر اليوم التالي الساعة 3.45 لكن الأمر بدا مزعجا أعاد التذكير بحالة الاطفاءات في الشهر السابق التي لا نزال نتذكرها ووقتها لا زلنا غير مهتمين بمعرفة الأسباب التي تؤدي لحالة الاطفاءات تلك وخلاله كانت تعرضت خطوط الدائرة الأولى مأرب – صنعاء لاعتداء جديد عند البرجين 394-395.
يشير المهندس محمد الشيباني مدير عام خطوط النقل إلى أن إجمالي الخسائر التي تكبدتها المؤسسة في إصلاح أضرار الاعتداء 162.110.000 ريال وهذه الأرقام للمبالغ لم تكن تعني الناس لوضع تزداد حيرتهم فيه أكثر ففي اليوم التالي 14 / 2 كان قد حدث اعتداء جديد على خطوط الدائرة الأولى عند البرجين 394-395 أدى إلى خروج المحطة وتكررت حالة الانقطاع ومعه ازدادت التساؤلات وأخذ المشهد يزداد تعقيدا وهو يتخذ شكلاٍ دراماتيكياٍ خصوصاٍ وأن حالة الاطفاءات الشديد استمرت لخمسة أيام متتالية حتى عصر يوم 19 كان على الأطفال أن يتخلوا عن مشاهدة قنواتهم المفضلة كراميش وطيور الجنة وعلى الراغبين للاحتفال بعيد الحب الاحتفال به في واقع الظلام والكل تزداد مشاعر النقمة على وزارة الكهرباء التي لا يعرفون غيرها مسؤولة عما ألم بهم جراء وضع يزداد غرابة وظلت مصدراٍ للكثير من أحاديثهم حولها بدأ بعضهم يشعر أنه قد يعيش لحظات مشابهة لها فقد كان 120.47 ساعة إطفاء كفيلة للإقرار بهذه الحقيقة وخصوصا أن الأمر تكرر في اليوم التالي نتيجة اعتداء جديد وهكذا سيظل جديدا مع استمرار حدوثه تباعا وبشكل مستمر ففي 20 فبراير وفي نفس المنطقة كانت خطوط نقل الدائرة الأولى عرضة لمسرح جديد من الاعتداءات بإطلاق النار عند نفس البرجين في المنطقة ذاتها استمر ليومين حتى تاريخ 22 من الشهر وساعات الاطفاء التي عشنا 59 ساعة و14 دقيقة.

معالم المشكلة
وهنا بدأت تتضح معالم مشكلة حقيقية سيكون علينا التعايش والاعتياد عليها لأنها ستبقى مستمرة معنا وإن كنا قد منحنا فرصة للإقلاع عن هذا التفكير المتشائم لمدة 8 أيام لم ينفذ خلالها أي اعتداء ليكون اليوم الأخير من شهر فبراير موعداٍ جديداٍ لاعتداء آخر.
سرعان ما نجحت الفرق الهندسية في إصلاح تبعاته في أول أيام مارس وبدأت اتهامات متبادلة معها تحظى هذه الاعتداءات باهتمامات الناس ونقاشاتهم بين مصدق لحقيقة ما تتعرض خطوط نقل مأرب – صنعاء من اعتداءات يعيش الكل تبعاتها وإن كانوا يجهلون طبيعة ما يحدث من قبل عصابات إجرامية وبين من شكك بحدوثه وآخر ينفيها تماماٍ هكذا كان يدفعني الفضول في استخلاص رؤى الناس كيف ينظرون لما يحدث. لكن غالبية من يدركون حقيقة ما يحدث من اعتداءات على خطوط النقل تؤدي إلى خروج غازية مأرب انقسموا حسب اتجاهاتهم السياسية في تبادل الاتهامات حول تحميل مسئولية من يحرض ويدفع المعتدين لضرب الخطوط سواء من يحمل النظام وآخر يتهم المعارضة ومالت النخب نحو هذا الانقسام عزز من ذلك استغلال قادة الأطراف السياسية التي هي أيضا تتبادل الاتهامات فيما بينها لكن الجناة غير مكترثين لذلك وكانوا هم من يسمع أو يمنع حدوث الإصلاحات على تلك الأضرار في الغالب.

رؤية قانونية
إلا أن العامة سرعان ما راحت تعتبرها عقوبة جماعية بحق الشعب وبالفعل هي كذلك بحسب وليد عبدالرقيب محامُ وناشط حقوقي الذي يقول إن حرمان المواطنين من خدمة الكهرباء باعتبارها خدمة أساسية يصعب الاستغناء عنها تعد عقوبة جماعية بحق الكل لأن منع وصولها إلى الناس لا يمكن إلا أن يكون عقوبة جماعية يرتكبها من يعمل على ذلك وبغض النظر عمن المسئول عنها في ارتكاب تلك الاعتداءات التي تؤدي إلى الانقطاع الشديد للكهرباء فإن المسئولية تقع على عائق النظام أيا كان هذا النظام سواء السابق الذي ارتكبت خلال فترته الاعتداءات أو النظام الحالي التي لا زالت في عهده ترتكب وبالتالي فإنها مسئولية النظام في كل زمان ومكان ولا يمكن إعفاؤه من هذه المسئولية التي تلزمه في توفير وصول الخدمات إلى مواطنيه وخصوصا أن الفاعلين طليقون عادة ما يعلنون عن أنفسهم محددين مطالبهم في الكف عن المزيد من الاعتداء ولم نسمع عن القبض عن أحدهم ولم نشاهد أحداٍ منهم تجري محاكمته وبعيداٍ عن كل ذلك فقد ظلت الاعتداءات على خطوط نقل مأرب صنعاء ترتكب بوتيرة عالية وسمع الناس عن المناطق التي تشهد مسرح الجريمة وترسخ في ذهن العديد أسماء مناطق آل شبوان والدماشقة والجدعان ونهم التي تصدرت مشهد وقوع تلك الجرائم والذي لم يسبق للكثير منهم أن كان قد سمع بها من قبل أو وصل إليها لكن هذه المناطق هي من وصلت إليهم عبر اعتداءات تمارسها عصابات مسلحة وتسيء لهذه المناطق.

الحصيلة ترتفع
وحيث أن هذه الاعتداءات لم تتوقف فقد جاء شهر إبريل 2011م هو الأسوأ على الإطلاق من حيث تسجيل أعلى نسبة حدوث الاعتداءات وسجل خلاله تسعة اعتداءات على خطوط نقل مأرب – صنعاء في مارس بينما في شهر مايو فقد مر اليوم منه بتسجيل اعتداءات جديدة على خطوط النقل عن طريق وضع خبطة حديدية عليها خرجت غازية مأرب والآخر عن طريق إطلاق النار خرجت على إثره غازية مأرب خارج الخدمة لمدة أسبوع كامل في معدل إطفاء 44 ساعة و54 دقيقة وأصبحت إزاء كل ذلك الأوضاع تزداد سوءاٍ وبدت حالة الإطفاءات قدراٍ لابد أن نعيشه واقعاٍ لابد أن نتكيف معه حيث لا يوجد ما يشير إلى أنها سوف تتوقف وسجل خلال شهر مايو سبعة اعتداءات على خطوط نقل مأرب – صنعاء وخرجت خلاله خطوط الدائرة الثانية في 18/5 والتي ظلت تتلقى الضربات رغم خروجها عن الخدمة ومع ازدياد حدة الاعتداءات والصعوبات والمنع الذي أصبحت تواجهه الفرق الهندسية من الدخول إلى مواقع الأضرار وغيرها من العوامل الأمنية استمرت الدائرة الثانية خارج نطاق الخدمة قرابة عام كامل ومعها عشنا أسوأ حالات الاطفاءات نظراٍ للاعتماد على خطوط الدائرة الأولى في نقل الطاقة وعند تعرضها للاعتداءات المتكررة ترتبط عودة المحطة بمقدرة المهندسين على إنجاز الإصلاحات التي عادة ما تقابل باعتداءات فورية وفي يونيو أيضا سجل سبعة اعتداءات أيضا وعلى الرغم من أن الاعتداء الذي جاء في يونيو عن طريق خبطة حديدية لكن عملية إزالتها من قبل منفذيها استغرقت ستة أيام متتالية وعشنا 149 ساعات إطفاء.

والمعاناة تزداد
وهنا فإن المعاناة ازدادت حدة وبدأ خروج المحطة يأخذ وقتاٍ أطول نظرا لبقاء الدائرة الثانية خارج الخدمة وبقاء الاعتماد على خطوط الدائرة الأولى التي هي أيضا تواجه الاعتداءات المستمرة وتتسم عملية الإصلاحات بالصعوبة الكبيرة والتعقيدات الأمنية وفي يوليو ارتفعت معدلات ساعات الإطفاءات ومن 10 يوليو حتى 20 من نفس الشهر ارتفعت ساعات الإطفاءات إلى 255 ساعة وحيث لم يسجل فيه سوى أربعة اعتداءات لكن فترة الإصلاحات أخذت تستغرق وقتا أطول ويسجل شهر أغسطس 9 اعتداءات في ارتفاع واضح لعددها لتكون مع تطور نوعي في أشكال الاعتداءات في تحطيم برج 32 في تاريخ 19/10 استغرق بعد ذلك قرابة خمسة أشهر لإعادة إنشاء وتجميع برج جديد بديلا عن البرج المحطم استمرت خلال كل هذا الوقت غازية مأرب خارج نطاق الخدمة وعشنا في حالة إطفاء تام باستثناء دقائق محدودة تزورنا فيها الكهرباء خلالها لتغادرنا سريعاٍ.
وشكل مطلع 2012م مرحلة في غاية الحرج امتدادا للربع الأخير من عام 2011م الذي شهد خروجاٍ دائماٍ لغازية مأرب لنعيش في حالة إطفاء منذ اليوم الأول من بداية العام 2012م وحتى 18 فبراير من نفس العام بمعدل ساعات 1168 ساعة وسجل خلال هذا الشهر أربعة اعتداءات جديدة ليسجل في شهر مارس سبعة اعتداءات وهكذا استمرت المعاناة طويلا في أحداث لا تختلف كثيرا عما سبق أو لحقها من اعتداءات ليبلغ عدد الاعتداءات منذ 2011م حتى مايو 2013م 183 اعتداء بالصورة عامة على خطوط النقل 400 – 132 ك.ف. منذ بداية 2013م وحتى مايو الحالي 26 اعتداء على خطوط نقل مأرب وهو أعلى معدل الاعتداءات على مدى العام الماضي كاملاٍ.

قد يعجبك ايضا