قمة الشدة .. علامة الفرج
علي أحمد جاحز
* سنن الله في الأرض تقول أن المعتدي يخسر وان اسرف في البغي وبالغ في القتل والتدمير ، وان المدافع عن حقه الذي يتحرك داخل الخطوط المرسومة في المنهج الالهي القرآني، لاريب ينتصر وان طال الامد وتعاظمت الكلفة واشتدت المعاناة وبلغ الألم والضيق مبلغا لا يحتمل ، شريطة ان يبقى الامل معقودا مع الايمان بحتمية النصر.
هذا هو ما ينبغي علينا أن نعيه ونفهمه جيدا في معركتنا الحاسمة مع قوى الباطل والضلال والتجبر والطغيان التي جاءت لتعتدي علينا وتلقي بكل ثقلها العسكري والسياسي والاعلامي والاقتصادي لتركع هاماتنا وتجبرنا على ترك أهدافنا المقدسة وطموحاتنا المشروعة وتضحياتنا الجسام لصالح مشاريعها الخطيرة ومخططاتها المخيفة الرامية إلى تفكيك أرضنا ومجتمعنا الى كنتونات متناحرة ننشغل بضرب بعضنا البعض عن بناء وطننا وتحصين أرضنا والنهوض باليمن أرضا وإنسانا .
هذه الأيام نشهد واقعا لم تشهده أجيال سابقة ولا يبدو ان الاجيال القادمة ستشهده بعد ان تستفيد من هذه التجربة ومن ثمارها ، وبرغم ان ما نعيشه مليء بالأوجاع والآلام والمعاناة والمآسي والقهر والضيم ، إلا أن صبرنا وجلدنا أمانة يعد مشهدا اسطوريا حطم كل التوقعات والتكهنات والرهانات التي تستند على معادلات ودوال جامدة ، ليكون الانسان اليمني بفرادته في التفكير والتحرك والتوقع والمبادرة والاقدام ، قد صنع أنموذجا جديدا للعقلية البشرية الخلاقة والحس الانساني المبدع على كل المستويات .
العدو يتحرك منذ بداية العدوان وحتى من قبل بداية العدوان بناء على نظريات وحسابات يستخدم معطيات ويسخر متغيرات ويصنع حيثيات وهو يفترض ان يخرج بنتيجة ما من وضع هذا كله في مختبر المعركة ذات الصعد المختلفة ، غير ان النتيجة تصدمه غالبا في اليمن وحسب ، النتيجة في اليمن مغايرة للتوقعات وكاسرة لرتابة الحسابات التي يتحرك وفقا لها العدو .
ثمة من سيسخر ويقول أنا أغطي الواقع وأضلل الناس .. وثمة من سيقول ان هذا الكلام مبالغة فالنتيجة محبطة حتى الان ..
غير ان من يقرأ النتيجة بعيدا عن التفكير الانفعالي سيجد ان اليمن واجهت العالم كله بكل امكاناته واساليبه وافشلت طموحاته وأهدافه التي كان يعلنها ليل نهار رغم انها وحيدة محاصرة فقيرة وجريحة ، وتركت مئات الملاحم للتاريخ ليضعها في مقدمة ارشيفه الخالد سواء في جبهات المواجهة او في جبهات الصمود والدعم .
نحن لسنا ممن يخترعون قصصا خرافية مثلما كان يفعل البعض في حروبهم ، لكننا نمتلك ما لا يمتلكه العدو المستكبر الامريكي واذنابه السعودي وغيره ، وهو بعد الاتكال الكامل على الله : اولا الحق والقضية العادلة ، ثانيا التحرك في اطار الثوابت العليا المرسومة الهيا ، ثالثا الروحية السامية والمنطلقات القرآنية والوطنية المتجذرة في نفوس الناس المقاتلين منهم والصامدين والداعمين في كل المجالات ، وأخيرا نحن على ارضنا وبين شعبنا نجسد علاقات ترابط متجذرة بين كل مكونات العمل المناهض للعدوان فالفرد يشعر بانه يمثل الدولة والدولة تشعر بانها تمثل الفرد ، وكل فرد يستشعر مسؤوليته تجاه وطنه من موقعه و يحرص على أن يتحرك بوعي كامل في مربع الذود عن الوطن مؤجلا اهتمامات شخصية كثيرة بشكل تلقائي .
لعل هذه أهم عوامل صمودنا وصبرنا وصلابتنا في معركة ليست بالهينة البتة ، ولم يسبق لشعب في العالم ان يفهم وضع بلده ومؤسسات دولته واقتصاد وطنه كتفهم الشعب اليمني هذه الأيام ، وهو دليل على ان مستوى وعي الناس وصل إلى مراتب عليا واحساسهم بالمسؤولية وصل الى درجات متقدمة ، وهذا يؤسس لمستقبل يمني مشرق ونهوض غير مسبوق بمجرد ان تنقشع سحابة الغبار التي تخيم على أجواء اليمن .
يحتم علينا إيماننا ووطنيتنا أن نتمسك بصمودنا وصلابتنا ولا ننجر الى الانهيار والاستسلام التي يسوق لها الجبناء وضعفاء النفوس ، فلن تدوم المعاناة ولن يستمر الظلم وان تخيل البعض أن الافق مقفل والمدى انكسر والفجر اعتذر والنهاية ظلت الطريق، فاشتداد الأمور من أهم علامات الفرج بإذن الله .