وجه أمريكا

ضرار الطيب
لا داعي للاستغراب من تصريحات “ترمب” ووصفها بالمتهورة ، أو الجريئة ، ولا حاجة للاندهاش من مضمون كلماته أو شكلها . في اعتقادي أن ترمب ، هو إلى حد الآن ، أكثر الرؤساء الأمريكيين صراحة ، وتجسيداً للسياسة الأمريكية ، ولو بالكلام فقط .
كلام ترمب الذي يثير الجدل ، ويعتقده الكثيرون “خطيراً” في الغالب ، ليس إلا إفصاحاً عن بعض مبادئ السياسة الأمريكية المهمة القائمة على “الانتهازية” والبحث عن المصلحة ، بغض النظر عن أي تحالفات أو ظروف أو اعتبارات سياسية .. فالرجل يعبّر بكل وضوح عن “أمريكا” التي لا تبالي بأي شيء سوى “مصلحتها” .
سنحاول أن نتجاوز مرحلة “التصريحات” الآن ، ونحاول الحديث عما سيأتي .
إذا كان “ترمب” سيتعامل مع الأمور وفقاً لمقتضيات تصريحاته ، فهذا يعني أن السياسة الأمريكية الخارجية ستستمر ، ولكن بشكل “أوقح” ، فبدل أن تبيع الولايات المتحدة السلاح للسعودية ، ثم تدّعي الحياد في حرب اليمن .. سيكون ترمب أكثر وضوحاً ليتجاوز مرحلة الحياد ويصرح بأن المسألة بالنسبة لأمريكا تجارة سلاح لا أكثر . وهكذا سنكون أمام نفس السياسة الانتهازية ، ولكن مع فرق الوقاحة في التصريحات لا أكثر ، ووسائل الإعلام ستهتم بنفخ التصريحات والتغاضي عن الانتهازية الأمريكية ، أي كما هو الواقع الآن من نفخ جهود السلام الأمريكية ، والتغاضي عن مشاركتها في العدوان .. ولا شيء سيختلف .
أما إذا كان ترمب ينوي التعامل بطريقة أخرى غير تصريحاته ، فهذا لا يعني أنه سيقلب السياسة الأمريكية الخارجية رأساً على عقب ، بل سينتهج طريقاً “جديداً” في مواصلة انتهازية أمريكا ، وبلا شك ، سيكون لديه طريقته الخاصة في إثارة الضجة التي تغطي على قُبح السياسة الأمريكية ، وتنفخ تفاصيل صغيرة جانبية .
على أية حال ، أمريكا كانت وستبقى سيئة في سياستها الخارجية ، ولا فرق إذا ترأسها طفل بعمر السابعة أو كهل بعمر السبعين .. كل ما يدور حول ترمب هو من باب التساؤل :
هل سيظهر ترمب الوجه الحقيقي لأمريكا ، أم سيخترع قناعاً آخر ؟! .. أما الوجه نفسه فهو مازال كما هو ، وسيبقى ، مشوّهاً .

قد يعجبك ايضا