القرد الصيني والإنسان اليمني!
عباس غالب
منذ أيام قليلة تناقلت وسائط الإعلام قصة حقيقية جرت مؤخراً في الصين ،إذ تناقلت هذه الوسائل خبر أحد القرود الذي يقبع داخل قفص أمام أحد المراكز التجارية لتسلية الزوار غير أن أحدهم لاحظ الحزن الشديد على وجه القرد فقام الزائر بالتقاط صورة تعكس الحالة العابسة التي عليها القرد وإثر ذلك تناقلت هذه الوسائل ومن ثم عبر أكثر من مليون شخص عن تعاطفهم مطالبة الجهات المختصة بتحسين أوضاع القرد ،الأمر الذي حدى بهذه الجهات إلى تغيير قفصه وتحسين أوضاعه بصورة عامة وعلى نحو خاص إحضار أفراد أسرته.
تذكرت هذه القصة ذات الدلالة وأنا أتابع أوضاع بلادي تحت نيران هذا العدوان السعودي الهمجي ،حيث يُقتل العشرات يومياً من المواطنين البسطاء ،إذ تشير الإحصائيات إلى تزايد عدد حالات الوفيات جراء الحصار الاقتصادي والأمراض الفتاكة ،فضلاً عن جرحى العدوان والحرب والمعاقين وقرابة عشرين مليون نسمة تحت خط الفقر.
وثمة مناطق منكوبة بكوارث العدوان وبخاصة في تهامة وتعز وعدن ولحج وغيرها تحت سمع وبصر العالم دون أن يقدم مبادرة لإيقاف هذا العدوان والحصار أو يقدم يد العون لليمنيين أو ــ على الأقل ــ يتلمس أوضاعهم وينظر إلى هذه الحالات الصعبة بعين التجرد والموضوعية والإنسانية مثلما هي الحالة التي تفاعلت مع القرد الصيني آنف الذكر.
وفي هذا الحيز، لست أطالب بأن تكون المعاملة أسوة بهذا الحيوان من التعاطف والتفاعل مع حالته الحزينة ،بل وأقل منها في إمكانية إنقاذ الملايين من اليمنيين التي استفردت بهم مملكة النفط في عدوان غاشم.
تُرى هل بعد الذي جرى لليمنيين الذين يعانون تبعات هذا العدوان ويعانون من شدة الفقر والمرض وبحيث لايزال أكثر فئات الشعب تعاني من شبح الموت جراء اتساع نطاق هذه الأوبئة والأمراض في وقت الذي يصم العالم آذانه عن سماع أنات ومعاناة اليمنيين ..وهي حالة إنسانية تدعو للحزن والأسى.
وإزاء هذه الحالة الكارثية لابد من استحضار خيارات بناءة لمجابهة هذا الظرف تتوفر فيه أبسط معاني الاصطفاف الوطني بالتزامن مع تقوية الجبهة الخارجية والتعامل المسؤول والحصيف مع مجمل الطروحات إن لم يكن من أجل إنقاذ ما تبقى ..فليكن على الأقل لإسقاط ورقة التوت التي تستر عورة النظام السعودي ومن تحالف معه من قوى العدوان.
والمسألة ببساطة ينبغي ان يحتكم الجميع إلى لغة العقل والتآزر ونبذ العصبيات والتحلي بالصبر والمرونة ..وأعني تحديداً قوى الداخل التي عليها هي الأخرى مسؤولية استحضار صورة القرد الصيني وحالة الحزن التي صاحبته والبحث سريعاً في تهيئة الظروف التي تعيد إلى اليمنيين وحدة تماسكهم على أمل أن تعود الابتسامة إلى محياهم مجدداً كما عادت قبل ذلك إلى وجه القرد الصيني !