الطالب والمأساة
نبض
أشواق مهدي دومان
* مع بداية كل عام دراسي تمرّ ذاكرتي بمسلسلات أطفال(كرتونية) هادفة، تحكي قصص الإنسان المعلم والإنسان الطالب ؛ فلا أخلو من ضحكة أظهرها حين أتذكر توم سوير وأستاذه الطيب (روبنس) الذي يخرج من طوره بسبب مقالب الطالب المغامر المحب للاكتشاف ،المحب للحياة والتجربة …
بينما أتذكر مسلسل الأطفال الذي كان يبكينا ،فيحاول الواحد منّا إخفاء دمعات القهر والغيظ ، المصاحب لمشاعر الكره والبغض واشتعال النفس حنقا وغضبا على الآنسة (منشن )، تلك المديرة التي أذابت كل معاني حنان الأم ورقة المرأة واعتدال شخصية امرأة وصلت إلى موقع قيادي توجيهي هو الأخطر من نوعه ، وهي مديرة مدرسة…
مسلسل (سالي) الكرتوني ، لازال الكثير منّا يحفظ تلك الأغنية الحزينة ، التي تحكي حلقاته قصة طفلة صغيرة فقدت أبويها لترمي بها الأقدار بين مخالب أستاذة تنهش براءتها بقسوة لا تطاق ولا يمكن لقلب الطفولة أن يحتمله ؛ فتمن تلك المديرة (منشن ) على (سالي) وتشترط لتدريسها أن تعمل الطفلة خادمة في معهدها ؛ لأنها (سالي) ما عادت تملك مناجم الماس التي كان والدها يدعم بغزارة وفيض تلك المعلمة ومعهدها…
سالي والآنسة منشن حكاية الكثير مما يجري اليوم في المدارس بتفاوت وتباين النسب وتختلف من إدارة الرجال إلى إدارة النساء ليتفقا في عدة نقاط أهمها:
1-ابتزاز الطالب واستغلال حاجته وإلحاحه في التسجيل في هذه المدرسة أو تلك و بالتالي تسجيله بعد عملية جزر ومد تقضي عليه بدفع مال باسم مساعدة للمدرسة، وتقدر بحسب هيئة ولبس الطالب وهندامه الذي يدل على حالته المادية، و بالتالي يتم ابتزاز هذا الطالب بهذا الوجه ،في غير مراعاة للظروف القاسية التي تصل عند بعض الأسر إلى درجة لا تصدق من الفاقة والحاجة خاصة النازحين ، والمهدمة بيوتهم، وما أشد من فقدوا أهلهم وأسرهم؛ ليظل هذا الطالب وتسجيله مهددا بتلك الشّروط، وهذا وجه مما يحصل في المدارس خاصّة مدارس البنين ..
2- العنف اللفظي والجسدي ، والغريب والعجيب أنّ مدارس البنات هي من يكثر فيها هذه الأمور السلبية ، ففي إحدى المدارس المشهورة في أمانة العاصمة تفقد الأستاذة أعصابها فتضرب طالبة لأجل دفتر لم تحضره هذه الطالبة ، فتتكالب أستاذة المادة مع الإخصائية مع الوكيلات، ويبررن ضرب تلك الطالبة وينكرن ذلك، في حين تشهد طالبات الصف بخطأ الأستاذة وتقصدها لتلك الطالبة …مع العلم أن تلك الطالبة ليست الوحيدة وليست الأولى التي تتعرض لتحالف نسوي من مسترجلات الإدارة و(قبضايات ) يستعرضن عنفوان شيخوختهن على طفلة …
3-والمصيبة الأكبر هي تعامل أولئك (القبضايات ) بنفس الطريقة مع ولي الأمر أو وليت الأمر ، وكثير من أولياء الأمور يخرج وهو يذم سوء تعاملهن وعدم تقدير وتمييز التخاطب مع الرجل وإعطائه أهميته كرجل أو اعتباره أبا أو أخا أو زوجا أو ابنا لهن…في حين تخرج كثير من أمهات الطالبات وهي تبكي بكاء من أولئك المتعجرفات ، واللاتي تخرجن من كلية التربية ولم يتخرجن من الكلية الحربية….لتبقى وتعاني طالبة الجامعة من مأساة وابتزاز من نوع آخر
4-حيث يطالبها أستاذها الجامعي أن تتواصل معه في السّرّ؛ إن كانت حريصة على درجات يضعها لها ، وما أدراك ما تواصل رجل مع مراهقة في سن الوردة وما يدور خلف كواليس الدرجات وخلف أسوار العلم من ابتزاز ؛ وهذا هو الأخطر :ابتزاز العرض والشرف …
مقالي هذا لم آتِ به إلا من واقع ومن منطلق التغيير باليد أو اللسان أو القلب ، ومن وحي الشعور بالمسؤولية كتبت مقالي وقد جرحتني هذه الحروف. حال كتابتها ؛ ولهذا أتمنى التفاعل مع كل حرف فيه من كل راعٍ مسؤول عن رعيته ؛ عملا بقول القائل:
“داوِ جرحك يتسع” بمعنى :داوِ جرحك قبل أن يتسع..
والسلام ..