فوبيا “عاصفة الحزم”!

د. صادق القاضي.
من الأيام الأولى لثورة 26سبتمبر 1962م، كان الواضح جيدا:
– أن الثورة اليمنية لا تمتلك شخصية مستقلة عن مصر، زعيمة المحور الإقليمي المعادي للسعودية حينها، وأن مصر، كانت حاضرة بقوة في اليمن، سياسيا، وعسكريا، بشريا وماديا وماليا ولوجستيا، وتستهدف السعودية من خلال اليمن بشكل مباشر.
-في الأسبوع الأول للثورة بدأت الجحافل المصرية بالنزول على السواحل اليمنية، ومن الشهر الأول بدأت الطائرات المصرية بقصف المدن السعودية على الحدود.!
-بعد خمسة أيام فقط، قام “عبد الرحمن البيضاني”، نسيب “السادات”، والمفروض مصريا على الثورة، وعلى حكومة الثورة نائبا لرئيس الوزراء، بترحيل القائم بالأعمال السعودي في صنعاء، والأمر بإقفال المفوضية اليمنية في السعودية.
-في الشهر التالي أعلن الرئيس السلال: (عزمه ونواياه إقامة حكومة جمهورية على كافة أرجاء شبه الجزيرة العربية) !.
هذه الأعمال العدائية، والتصريحات الاستعدائية توفر بشكل ما مبررات وجيهة وأسباب معقولة لردود أفعال سعودية، من بينها التدخل العسكري، بغض النظر عن التداعيات المجنونة التي وصلت إليها حينها تلك الحرب.
في المقابل: ما الذي يبرر لعدوان “عاصفة الحزم”؟!
-إيران، زعيمة المحور الإقليمي المعادي حاليا للسعودية، ليست حاضرة في اليمن، لا بشريا، عسكريا ولا ماديا، ولا ماليا، ولا حتى لوجستيا.
-لم تطلق القوى العسكرية لأنصار الله، والمتهمة بالتبعية لإيران، قبل العدوان، حتى رصاصة مسدس واحدة.. تجاه الحدود السعودية.
-قيادات أنصار الله، وبغض النظر عن الخطابات السياسية الجامحة بعد دخول صنعاء، والخطابات الحربية بعد العدوان، لم يطلقوا تجاه السعودية، أي تصريح مسؤول يستهدف تغيير النظام السعودي.
ومع ذلك دشنت السعودية “عاصفة الحزم”، وإذا كان من المؤكد أنها لم تدشنها من أجل الشعارات الصفيقة المعلنة لها، فإن من المؤكد أنها لم تدشنها جزافا.
“تمرد اليمن عن التبعية، والانحياز للمحور الآخر في الصراع الإقليمي، والقلق من مخاطر وتهديدات هذا الخروج والانحياز على النظام والأمن القومي السعودي”.
هذا هو السبب الجوهري الحقيقي للتدخل السعودي في اليمن، سواء الآن، في عاصفة الحزم، أو في حروب ستينيات القرن الماضي.
لكن إذا كانت عناصر هذا السبب الجوهري قد توفرت بشكل ما على خلفية حروب ستينيات القرن الماضي، كما سبق، لكنها كما سبق أيضا، لم تتوفر اليوم على خلفية عاصفة الحزم، القائمة على أساس كم هائل من الشكوك والمبالغات والفوبيا والوهم.. كما بات معروفا للجميع، بما فيهم كبار حلفاء السعودية في المجتمع الدولي.
..

قد يعجبك ايضا