نقل الوهم
نبض
ضرار الطيب
قرار الفار “هادي” بنقل إدارة البنك المركزي إلى عدن وتعيين قيادة جديدة له ، ليس “ضربة معلم ” كما يحاول مرتزقة العدوان وأبواقه أن يصوروه .. هو قرار يحمل وراءه مراوغات وتمنّيات وعشوائية غير مضمونة النتائج .
لنفرض أن البنك المركزي انتقل إلى عدن بنجاح ولنفرض أن كافة الترتيبات الاقتصادية الداخلية والخارجية لهذه الخطوة قد أُنجزت ، سيقول قائل : لا خوف على رواتب الموظفين . ولكن هل هادي وشرعيته من النوع الذي يهتم بتحسين صورته أمام المواطنين فينقل البنك إلى عدن فقط ليقوم هو بصرف الرواتب ؟ ثم ما هي ضربة المعلم في نقل البنك إلى عدن إذا كانت كل المعاملات المالية ستكون على ما يرام ؟!
إذاً ، بالتأكيد هي ورقة ضغط ، وهذا يعني أن آثار ما ستترتب عليها في حال تمت ، وأول هذه الآثار هو التضييق الاقتصادي على الشعب في الشمال، وهذا سيسبب ردة فعل لا تخدم شرعية هادي ولا تحسّن صورته ولا يحزنون.. ستكون وقتها فقط وسيلة عبثية من وسائل “التركيع” التي استخدمتها السعودية منذ بداية الحرب .. وفشلت.
وماذا عن عدن؟ المدينة المنكوبة بقطعان القاعدة والتطرف وجيوش الاحتلال والعنصريين ، لا أعتقد أنها ستكون الجنة التي يأوي إليها من ضاق بهم الحال في الشمال ، ولو فرضنا أن هادي والمجتمع الدولي والسعودية قد قرروا فجأة أن يجعلوها آمنة لتكون هي العاصمة التي تدير شؤون البلاد كلها وإن تكون لها نكهة “الدولة” حتى يتم سحب بساط الرضا والأمن من الشمال وإيقاظ السخط الشعبي ضد سلطة صنعاء وتوجيهه متعاطفاً نحو الجنوب .. هذا رومانسي جداً ، لكنه مستبعد ، فنحن نعرف أن هادي ، والسعودية ، والمجتمع الدولي ، ليسوا ملائكة إلى حد أن يسعوا إلى منافسة على : من سيعامل الشعب أفضل ؟
كل هذا في كف ، والوضع العسكري في كف ، ولما أن نتخيل قليلاً كيف ستكون ردة الفعل العسكرية من قبل الجيش واللجان عندما تمر البلاد بأزمة في “لقمة العيش” إضافة إلى العدوان والحصار .. ومن الغباء أن يفكر أحد بأننا هنا سنسلم رقابنا وأسلحتنا للسعودية لمجرد أننا نمر بضائقة مالية ، وعلى العكس .. ربما يصل الرد العسكري إلى مستويات أعلى. هل هذا ما يريده هادي ؟ .. فليكن.
خلاصة القول : إما أن العدوان وأدواته يريدون نقل “الوهم” إلى عدن ، وإما أنهم يريدون نقل المعركة إلى مراحل أكثر ضراوة .. وعلى أية حال، نحن في وسط المعركة ، لن نستسلم ، وليركبوا أعلى ما في خيولهم .