“القمة” نائمة .. اللعنة على من أيقظها
علي الريمي
لم يُعد الكثيرون من العرب ومعهم الغالبية العظمى من أبناء الشعوب العربية يعولون الكثير أو حتى القليل مما تسمى بالقمة العربية التي لا يزال العديد من الأنظمة والحطام المحسوبين على العرب والعروبة مصرين على انعقادها سنويا رغم فشلها الذريع منذ أول قمة وحتى القمة الحالية التي تحمل الرقم 27 المنعقدة حاليا في ضيافة الجنرال محمد ولد عبدالعزيز الرئيس “شبه الشرعي” لجمهورية موريتانيا الإسلامية!
فقد تفاقم الاخفاق المريع لهذه القمة بصورة واضحة وفاضحة في السنوات الخمس الأخيرة نتيجة للسيطرة المطُلقة التي يُحكم بعض قادة “أنظمة البترو دولار” قبضتهم على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالعمل العربي عموماً من خلال التحكم الكامل بما كان معروفاً بـ”جامعة الدول العربية”!! والتي لم تعد “في الوقت الراهن” كما كانت عليه في الماضي تمثل العرب كل العرب ولم تُعد تلك الجامعة بمثابة البيت الذي يجمع ويُوحد الأمة العربية بعد أن تحول دورها للأسف الشديد مؤخراً إلى دور “صانع الفتن” ومؤجج المحن بل وبات دورها حالياً بشبه ذلك الدور الذي كانت تقوم به حمالة الحطب!
القمة “الفتنة” التي جرت في اليومين الماضيين في موريتانيا جاءت بعد أن كان الجميع قد نسى هذه المسرحية الهزلية خصوصاً أن موعدها لهذا العام كان مقرراً في نهاية مارس الماضي في المملكة المغربية إلا أن المغاربة اعتذروا عن تنظيم القمة التي كانت مقررة في المغرب بحسب آلية الانعقاد المعتمدة في الجامعة حسب ترتيب الحروف الأبجدية, لم تأت بأي جديد يمكن الإشارة إليه ويمكن فعلاً أن يخدم أي قطر عربي سواء من الأقطار “المنكوبة” كسوريا، اليمن، العراق، الصومال، ليبيا، وحتى لبنان، ناهيك عن باقي الدول الأخرى!
فقد جاءت جُل الكلمات “الخطابات” التي ألقاها ممثلو جميع الدول “باستثناء سوريا” التي تم تغييبها للمرة الثانية على التوالي من حضور القمة بعد أن ظل مقعدها خالياً في قمة شرم الشيخ “28، 29” مارس 2015م وتكرر المشهد هذا العام في نواكشوط لتتحدث عن مسألة الإرهاب وكابوس التطرف وأهمية توحيد الجهود العربية لمكافحة وباء الإرهاب وهناك من تطرق على استحياء إلى ضرورة حل الصرعات “العربية – العربية” عن طريق الحوار والحلول السياسية فقط!.
وبالطبع فقد توارت قضية العرب الأولى “فلسطين” لتتراجع كثيرا من دائرة اهتمام أصحاب الجلالة والسمو والزعماء “الذين غاب غالبيتهم” عن حضور قمة “ولد عبدالعزيز” واكتفوا بإبقاء ممثلين عنهم من روساء حكومات ورؤساء برلمانات الخ..!!
ليصبح ذكر القضية الفلسطينية “مجرد إسقاط واجب فقط لا غير” وقد اتضح ذلك جلياً في قمة الجنرال عبدالفتاح السيسي 2015م وفي قمة الجنرال “محمد ولد عبدالعزيز 2016م!
“يا شماتة حماس فيك يا عباس”
آخر السطور
من المؤكد أنه يوجد هناك “مستفيدون” من هذه القمة وكذلك تلك التي سبقتها سواء دول أو حتى أفراد ومن تلك الدول تأتي مصر على رأس قائمة البلدان المستفيدة من القمم العربية كونها تحتضن مقر جامعة الدول العربية منذ تأسيسها أواخر الأربعينيات من القرن الماضي ـ باستثناء نقل المقر مؤقتا إلى تؤنس عقب توقيع السادات لاتفاقية السلام مع إسرائيل “كامب ديفيد” 1978م سرعان ما تمت إعادة ذلك المقر من تونس إلى القاهرة بعد بضع سنوات قليلة وكذلك عاد مع المقر منصب الأمين العام للجامعة العربية ليكون حصريا مصريا 100% حتى إشعار آخر “غير مسمى” .
فالمصريون يسيطرون على كافة أو أهم الإدارات في الجامعة العربية مع تمثيل لا يذكر لبعض الدول المحظوظة.
وعلى صعيد الأفراد المستفيدين من انعقاد القمة الـ27 في موريتانيا فإن الجنرال محمد ولد عبدالعزيز ولد وليس بن أكبر مستفيد من هذه الهيصة أو الزيطة والزمبليطة كما يقول المصريون!
ذلك أن ولد عبدالعزيز الذي جاء لحكم موريتانيا إثر انقلاب عسكري أبيض على الرئيس الشرعي المنتخب عبدالله ولد داده سرعان ما شرعن ولد عبدالعزيز نظام حكمه عبر المسرحية الديمقراطية المملة المتمثلة في الانتخابات الصورية التي فاز بها “باكتساح ” وبنتيجة مشابهة لتلك النتيجة الشهيرة “99.9%” من الأصوات “ههههه” ولا شك أن القمة “الفتنة” العربية جاءت للجنرال محمد ولد عبدالعزيز في وقتها لتساهم في تلميع النظام الحاكم “بقبضة حديدية” لجمهورية موريتانيا الإسلامية.
وفي حفل الافتتاح للقمة كان هناك خطاب مُضحك حد البكاء ألقاه الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إياد أمين مدني “سعودي الجنسية” وفيه قال: إن منظمته والجامعة المختطفة حاليا من قبل بعض الأنظمة العربية” “تواجهان نفس التحديات” أي تحديات؟.. والله مالي علم.