شهاب المكاحلة*
بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن “مؤتمر المانحين لدعم العراق”، الذي عقد في واشنطن الأربعاء الماضية بمشاركة 24 دولة.
قد نجح في جمع ملياري دولار لإعادة إعمار العراق، وبناء ما دمرته الحرب ضد الإرهاب الداعشي؛ جاءت معارك الميدان في الموصل لتنبئ بما هو مأسوي قادم على العراق والعراقيين في تلك المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، خصوصاً إذا ما أقدم هذا التنظيم على تدمير سد الموصل.
كيري قال، الخميس الماضي إن مجموعة الدول التي تقاتل التنظيم الإرهابي في طريقها نحو اجتثاثه تماماً من العراق وسوريا. ولكنه أشار إلى مخطط تحرير الموصل؛ لأن هذه العملية تشكل “نقطة تحول حاسمة” في الحرب ضد الإرهاب الذي انتشر بسرعة السرطان ليضرب عدة دول في آن معاً؛ مطالباً الدول المشاركة بالمساهمة في تبادل المعلومات الاستخبارية عن هذا التنظيم وعن لائحة أهدافه وتهديداته. وطالب كيري الدول الأعضاء في التحالف بابتكار طرق جديدة في القتال ضد “داعش”، الذي يسعى لتجنيد عناصر جديدة من خلال تبني لغات جديدة والانتقال إلى مناطق أخرى.
من اللافت للانتباه ما قاله كيري أمام 46 وزير خارجية ودفاع من عدة دول مشاركة في التحالف الستيني ضد هذا التنظيم. إذ قال عبارة تحمل من التأويل ما تحمله: “داعش تنظيم مرن وواقعي ما فيه الكفاية لأنه يعرف متى يحتاج إلى تغيير”. وأضاف الوزير الأمريكي: “لذلك فإن ما نراه الآن هو جهد منسق من قبل “داعش لتحويل” نفسه.. من دولة زائفة إلى نوع من الشبكة العالمية، غرضها الحقيقي والوحيد قتل أكبر عدد ممكن من الناس في أكثر عدد من الأماكن”؛ واصفاً “داعش” بالبكتيريا أو الفيروس الذي وصل إلى مرحلة من القوة تجعله عصياً على أي استطبابات أو عمليات جراحية.
ما هو حجم خطر انهيار سد الموصل على العراق؟
يواجه سد الموصل خطر انهيار كارثي غير مسبوق يؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح، وموجة نزوح كبيرة ودمار لمعظم البنى التحتية في غالبية المناطق القريبة من الموصل، ومنها صلاح الدين. هذا، وقد تصل مياه الفيضان التي قد يتسبب بها تدمير السد إلى ارتفاع منسوب المياه بمقدار 45 قدماً (13.71 م)، في مدينة الموصل في مدة تقل عن 4 ساعات؛ ما يعطي العراقيين المقيمين في تلك المناطق ونواحيها وقتاً قليلاً نسبياً للهروب من مياه الفيضان. ومن المرجح في حال انهيار السد أن يصل منسوب مياه الفيضان إلى تكريت في غضون 48 ساعة. كما قد تصل مياه الفيضان إلى بغداد خلال 3-4 أيام وبعمق يبلغ 33 قدماً (10.05 م). لذلك يتطلب إنقاذ النازحين غير ما أعلنه كيري ووزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر من مواكبة فعلية للنزوح؛ لأن ما قد يحدث قد يعني مأساة إنسانية تتحمل عدة دول تبعاتها، ولا سيما أن أجزاء كبيرة من العراق ستغمرها المياه ولن تتمكن الأمم المتحدة أو غيرها من القيام بما هو مطلوب منها لمساعدة العراقيين الذي سيكونون بين نارين: نار الإرهاب ونار الموت غرقاً.
ولا ننسى هنا الرسالة التي سلمها كيرى نفسه من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بداية عام 2016م، حيث أعرب الرئيس الأمريكي لرئيس الحكومة العراقية أنه، أي أوباما، قلق من إمكانية انهيار سد الموصل. وهذا يعني أنه لو حدث ذلك الإنهيار فإن خريطة العراق السياسية والجغرافية والاقتصادية والسكانية ستتغير. وهذا الأمر يهدد كذلك دول الجوار العراقي.
* نقلاً عن “روسيا اليوم”