جراء نفقات رمضان ثم العيد وانحسار الدخل في “الراتب فقط”

ديون الإيجارات والبقالات والأقساط تخنق الموظفين!!
 استطلاع / أحمد الطيار

خنق حصار تحالف العدوان السعودي لليمن يتواصل، وضراوة حربه الاقتصادية القذرة على اليمن تشتد، وتأزم الاوضاع الاقتصادية يتفاقم ومعه صعوبة الوضع المعيشي للسواد الأعظم من اليمنيين بما فيهم موظفو قطاعات الدولة وخاصة القطاع العام، الذين برزت أمامهم مسألة الديون الكبيرة عليهم حتى أنهم لم يعودوا قادرين على تسديد ما عليهم من التزامات بسيطة للبقالات وللمؤجرين ولمستلزمات قوت يومهم الضروري .
هذه القضية تطرحها ” الثورة” أمام الجهات المختصة لتكون على علم ودراية بوضع المواطن اليمني، ذلك الموظف الذي تقطعت به السبل ولم يعد له من الدخل سوى راتبه والذي يتعرض للالتهام في ظل ارتفاع التضخم وانخفاض العملة اليمنية بنسبة 04 % .
الديون على الأسر اليمنية ليست وليدة اللحظة بل هي ممتدة منذ عامين -على الأقل- جراء تفاقم المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها اليمن والتي توجت منذ عام ونصف بعدوان التحالف السعودي وحصاره البحري والجوي والبري، لليمن وحرب اقتصادية ظاهرة وخفية مباشرة وغير مباشرة توصف بـ “بالحرب القذرة” ما يجعل الآمال بتحقيق رفاهية في المستقبل تبدو غير واقعية في ظل تفاقم العدوان والصراع ليكون الشعب هو الضحية  أولاً وأخيراً.

صعوبة العيش
اشتدت صعوبة المعيشة على الموظفين شهراً بعد آخر وكان أصحاب البقالات ملاذاً لتوفير مستلزمات الأسر الغذائية بطريقة الآجل لكن العلاقة بين الموظف وصاحب البقالة علاقة مضطردة فإذا قام الموظف بالتسديد يستطيع صاحب البقالة الانتعاش وتعزيز موجودات بقالته أما حين يعجز الموظف عن التسديد فإن أصحاب البقالات سرعان ما يندبون حظهم ويشعرون بأنهم الأكثر تعاسة في المجتمع.
لهذا تأتي تعبيراتهم معبرة عن وضع مأساوي تعيشه الأسر اليمنية التي تعتمد على دخل محدود كالراتب الحكومي أو راتب من القطاع الخاص حيث “يتم صرفه خلال يومين على استلامه كأقصى  حد”، بحسب صالح الكوكباني الذي أخبرنا أنه “يوفر المستلزمات التموينية ديناً حتى نهاية الشهر لنحو 100 أسرة معظم عائليها موظفون مع الدولة أو في القطاع الخاص.
عجز السداد
يضيف مالك متجر التموينات صالح الكوكباني: “لكن الوضع اختلف خلال شهر رمضان فقد جاء أوائل يونيو مما جعل الزبائن يعجزون عن السداد وحين انتظرناهم للشهر القادم كان العيد على الأبواب ونفقاته سلبت كل مدخراتهم على راتب شهر يونيو نفسه، وهكذا استمروا في سحب مستلزماتهم ولم يسددوا حساب الشهر ما فاقم مبالغ الديون عليهم بمتوسط 50 ألف ريال على  الأسرة، وهذا سيسب إرباكا للأسر نفسها ولنا أصحاب البقالات والمتاجر أيضاً”.

ديون التجار
مهدي عنبر صاحب سوبر ماركت بشارع الدائري الغربي في أمانة العاصمة أفاد لنا بأن “الزبائن الذين سددوا ديونهم يبلغون 20 % رغم أن معظم زبائنه من الميسورين حالاً”.. مشيراً إلى أن نفقات آخر رمضان وكسوة العيد ونفقات العيد نفسها جعلتهم ينفقون كل مدخراتهم ولم يسددوا ما عليهم رغم أنهم يواصلون شراء المستلزمات منا يومياً من دون هوادة”.
ويضيف عنبر: “الديون على الأسر لمتجرنا تصل إلى 3 ملايين ريال وأكثر 70 % منها خاصة بمصاريفهم في رمضان والعيد وحتى الآن، ونأمل أن يقوم الزبائن بتسديد ما عليهم سريعاً؛ لأننا نتعرض لمطالب يومية من تجار الجملة والموزعين للوفاء بقيمة بضائعهم ليوردوا لنا بضاعة جديدة”.

تراكم الإيجارات
وقعت الكثير من الأسر في فخ عدم تسديد الإيجار لشهر يونيو الجاري مقدماً لاستنفاد نفقات العيد كامل رواتبهم، وبالتالي يتعرضون لمضايقات من المؤجرين  بحسب تأكيد علي أبو حروب صاحب مكتب عقارات الذي يصف هذه المعضلة بالمثيرة، ويقول: “أصحاب المنازل مصممون على استلام إيجاراتهم من المستأجرين والمستأجرين يطالبونهم بالانتظار لآخر الشهر والواقع يقول أن راتب آخر الشهر لن يأتي قريباً”.
ويضيف أبو حروب: “يحضر للمكتب العديد من الملاك والمستأجرين وهم في حالة نزاع على الإيجار ونضطر لعقد صلح بينهم واخذ التزامات وأسناد بالوفاء آخر الشهر حين يصر المؤجرون على أخذ حقوقهم كاملة  من دون رحمة أو تسهيل على المستأجر”.

عبء الأقساط
مشكلة أخرى تظهر أمام الأسر اليمنية محدودة الدخل، تتمثل في التزامات الأقساط الشهرية نظير شرائها لمستلزمات منزلية، فيأتي آخر الشهر ولم يبق لها سوى 60 % من راتبها وبالتالي تتفاقم عليها المشاكل والديون من يوم لآخر وهذا حال عبدالله الفقيه مدرس الذي “يتقاضى 64 ألف ريال كراتب يخصم منه 20 ألف ريال للبنك مقابل أقساط شراء مستلزمات الطاقة الشمسية ويصرف الباقي على الايجار والمأكل والمشرب وفي وقت العيد لم يسدد البقالة ولا الإيجار فهو في حالة صعبة الآن جراء هذا الدين الذي يصل إلى 45 ألف ريال أي ” أنه سيسلم ما تبقى من ويزيد راتبه عليه ديناً لتحاشي المشاكل مع الدائنين” حد تأكيده.

آمال انفراج
رغم علم ويقين جميع موظفي الدولة أن الراتب لم يعد يكفي لتوفير احتياجات ثلث الشهر، إلا أنهم يمنون انفسهم بآمال تبدل الأحوال مع الوصول لحلول سياسية تنهي العدوان والحصار على اليمن المستمر منذ عام ونحو أربعة أشهر، ويكون الراتب في يوم ما كافياً لحياة مستقرة لهم ولأسرهم، لكن من دون معرفة متى يحين ذلك، ولهذا تنقلب معاناتهم مع الراتب في انتظاره طيلة 30 يوماً والحسرة عند إنفاقه أمثلة للصبر وحسن البلاء ويتضرعون إلى الله بأن ينقذهم من هذا الوضع يوماً ما.

تبعات التضخم
وفقا لتقديرات اقتصادية غير رسمية فقد ارتفع التضخم لمستوى 44 % العام 2015م ما يعني أن دخل الموظف تراجع بنسبة 22 % هذا من ناحية ،اما من ناحية ثانية فقد تراجع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار بنحو 35 % خلال النصف الاول لهذا العام ما دفع أسعار السلع للارتفاع بنسبة تصل 40 % على الأقل، وهكذا يرى الخبير الاقتصادي الطيري أن “الموظف الحكومي فقد 50 % من دخله على الأقل، هذا الدخل الذي هو أساساً دخل متواضع لا يزيد عن 3000 دولار في العام مما يجعله من ادنى المستويات في العام حينما كان سعر الدولار 215 ريالاً أما اليوم فهو يعادل 2000 دولار في العام فقط”.

الطبقة المتوسطة
وفي دراسة له عن وضع الطبقة المتوسطة خلال الفترة من 2005-2000م كان الخبير الطيري قد وجد أنها بدأت في النمو والتوسع نتيجة لنمو الوضع الاقتصادي ويعني بالطبقة المتوسطة طبقة الخريجين من الجامعات والحاصلين على مؤهلات مكنتهم من الحصول على وظائف تخصصية كالمدرسين والمهندسين والاطباء والاعلاميين والمحامين وغيرهم ممن أهلتهم أعمالهم للحصول على مكانة مرموقة في المجتمع ودخول جيدة لتمكنهم من فتح منزل وشراء سيارة والتسوق.
ويقول الخبير الطيري، والذي أعاد تنفيذ هذه الدراسة لمعرفة متغيرات الحرب والعدوان على اليمن وتأثيراته على الطبقة المتوسطة : “إن الدخل لهذه الطبقة تراجع وأنها فقدت الكثير من الأعمال كالمهندسين والخبراء والعمال في الشركات الأجنبية والمقاولين ما أدى لفقدان نسبة 70 % من دخل هذه الشريحة وباتت الآن في المستوى الفقير”.
ويصنف المجتمع اليمني حالياً في الأوساط الدولية على أنه “مجتمع فقير تصل نسبة الفقر فيه 80 – 90 %” .. ووفقاً لأحدث تقارير الأمم المتحدة فقد “بلغ الفقراء نحو 20مليوناً منهم 12 مليوناً تحت خط الفقر المدقع،  و15 مليوناً يحتاجون مساعدات عاجلة والباقي ينتظرون العون لتوفير مستلزمات حياتهم اليومية”.

قد يعجبك ايضا