( الفقراء الأحرار والأعداء المتخمون)
محمد المنصور
العدوان والحصار ترك ولا شك آثاره على كل جوانب الحياة، وحد من الحصول على الكثير من الكماليات وبعض الضروريات سواء في الأيام العادية أو الأعياد لا سيما لدى موظفي الدولة ومحدودي الدخل عموما، وكشعب يمني تعرض للإفقار والفساد لعقود طويلة من الزمن، ومن ثم للأزمات والحروب الداخلية التي فاقمها العدوان السعودي الأمريكي التحالفي الهمجي بالحصار الشامل منذ عام ونصف تقريبا ، مع ذلك ما زلنا نتنفس ، ونمارس حياتنا بالحد الذي يبقي غالبية هذا الشعب صامدا مقاوما ومتحديا للعدوان الهمجي والحصار الظالم .
في العاصمة صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية ثمة ما يجب إلا ننساه في هذه الظروف العصيبة وهو وجود الحد المقبول من الأمن المعيشي .
توافر الحد الملموس من سلطة الدولة والخدمات سمحت بممارسة الحياة الطبيعية لمعظم اليمنيين رغم أنف العدوان الذي كان ولا يزال يراهن على انهيار المجتمع اليمني، وضرب تماسكه الاجتماعي وما تبقى للدولة اليمنية من وجود .
نجحت قوى ثورة 21سبتمبر والشرفاء في الوطن في الحفاظ على الدولة اليمنية ومنع انهيارها برغم محاولات العدوان المستميته لتحقيق ذلك منذ لحظة استقالة هادي وبحاح التي كانت بطلب سعودي غايته أحداث فراغ سياسي وأمني واقتصادي تملؤه عصابات الإرهاب وقوى التطرف التابعة للسعودية .
يمكن القول اليوم وبعد مرور عام وأربعة أشهر على بدء العدوان السعودي الأمريكي على نجاح الشعب اليمني بصبره وصموده بوجه العدوان وتضحياته المستمرة أنه قد نجح في إفشال معظم أهداف العدوان وأخطرها، نجح على المستوى السياسي والعسكري، والأمني، والاجتماعي والإعلامي، وعلى المستوى الاقتصادي نجح أيضا بالقليل من الإمكانات والموارد في منع حدوث المجاعات والكوارث التي كان ولا يزال العدوان يسعى اليها سواء من خلال استهدافه للبنى التحتية والمنشآت الخدمية والمصانع والطرق والجسور أو من خلال تجفيف موارد الدولة اليمنية الغازية والنفطية، وتحويلات المغتربين، وفرض الحصار الشامل على اليمن وتحريك أدواته في الداخل لضرب العملة الوطنية إلى غير ذلك من الأساليب الإجرامية.
ومن الطبيعي والحال هذه أن تنعكس تلك العوامل والمسببات على حياة الشعب اليمني المعيشية، وأن تزداد نسب الفقراء والمعوزين والمحتاجين للعون.
ومن الطبيعي كذلك أن يتدنى المستوى المعيشي للفرد اليمني قياسا بما كان سابقا .
ومن المؤكد أن نعمة الأمن والاستقرار التي ننعم بها في المحافظات الشمالية المستهدفة بالعدوان والمؤامرات هي من بين النعم الإلهية والانجازات التي تحسب لقيادة ثورة 21 سبتمبر التي ساعدت على أن يمارس المواطنون حياتهم بشتى جوانبها بشيء من المعاناة تكاد تكون مقبولة بكل القياسات.
ولا شك بأن هذا الصبر والصمود وبوجود الدولة والجيش والمؤسسات سيترجم في نهاية العدوان وانكساره أن شاء الله إلى استقرار اقتصادي واجتماعي وتوجه نحو إعادة الإعمار والبناء والاستثمار المدروس والازدهار الاقتصادي والمعيشي أن شاء الله .
وجود الأمن والاستقرار في صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية طيلة العدوان ، يفضح ما سمي بالشرعية ومشروعها الارتزاقي اللصوصي بدليل ما تشهده المحافظات الجنوبية والشرقية التي يزعم العدوان ومرتزقته تحريرها، والتي تعبث فيها عصابات القتل والإرهاب التي تعمل لصالح العدوان منذ عام وأكثر .
في المناطق التي تسيطر عليها قوى الغزو ومرتزقتها وما يسمونه بقوات الشرعية تكاد تنعدم أبسط مظاهر وجود الدولة ، فضلا عن الاهتمام بالخدمات التي يحتاجها المواطنون في عدن ومدن الجنوب الأخرى، ويكاد ينعدم أي حس أو إشارة على شعور المرتزق هادي وحكوماته المتعاقبة بأي نوع من المسؤولية، فلم يلمس منهم أبناء عدن والجنوب سوى الوعود الكاذبة، فلم يستطيعوا إعادة الأمن لشارع واحد في عدن أو أي مدينة أخرى في الجنوب .
معاناتنا الإنسانية جزء من استهداف محور الشر السعودي الأمريكي الصهيوني لليمن والمنطقة العربية، لسنا وحدنا في هذه المحن والابتلاءات فأشقاؤنا في فلسطين، وسورية، والعراق، وليبيا، والصومال، وحتى في البلدان العربية التي لا تتعرض لعدوان خارجي وحروب داخلية كمصر وتونس والمغرب وغيرها نجد الفقر والعوز والبطالة تطال شرائح واسعة من السكان، ويبدو أن قدرنا كشعب يمني أن نكسر قرن الشيطان، وأن ننتصر، وفي هذه البلدة الطيبة لن نخضع ولن نركع ولن نجوع لأن الله معنا والحق معنا.