التخبط الإماراتي بين “الدوافع والنتائج “
عبدالرحمن اللاحجي
لن ينسى الإماراتيون ما حل بهم في اليمن، فمأساتهم الحقيقية في العمق اليمني فاقت أساطير اليونانيين، وفلكوريات الفراعنة والإغريق، ولقد بدا ذلك واضحا في حديث قرقاش الأخير حينما أطلق تغريدته الحزينة مترحما على أرواح صرعاه في صحن الجن وماتلاها من اصطيادات موفقة للصواريخ البالستية – الدقيقة في قاعدة العند، وشعب الجن، وأسواق الوازعية وتخوم باب المندب وذلك قبل أن تتحول الأرض الجنوبية نفسها إلى سهام متطايرة تلتقط الطائرات الإماراتية بين الساعة والأخرى.!
اليمن وحل سحيق غاصت فيه الأقدام الإماراتية الغازية بعمق ورصانة غير متوقعة وذلك في لحظة تسرّع ومجازفة تاريخية عويصة وخطاء سيادي فاضح، حينما انساق ذلك البدوي المعتوه “بغباء أو بحسن نية” وراء الوعود الأمريكية-السعودية القاطعة بتسليمه الأرض الجنوبية اليمنية على طبق من ذهب فسال لعابه وبنى أوهامه الخيالية وإمبراطوريته الفارغة على أطلال تلك الوعود الكاذبة لكنها سرعان ما تبخرّت في مهب عواصفه الشعواء، فعاد ليبتلع لسانه ويراجع حساباته ،وليتها كانت مراجعة ذاتية بمعنى أنها: (لم تكن مخترقة).!
لم يكن أحد يحبذ لدولة كالإمارات العربية التي تربطها بالشعب اليمني الأصيل علاقة تاريخية وطيدة وروابط أخوية متجذرة أن تدخل معركة خاسرة – واضحة العواقب سلفاً ومحددة النتائج منذ الوهلة الأولى غير ذلك الأمريكي اللعين الذي يريد أن يبتلع ما تبقى لها من جيش وآليات عسكرية بواسطة التربة اليمنية المتّقدة التي جسّدت واقعا جدارتها في هكذا مهام فريدة ، وذلك قبل أن يشرّع ببناء استراتيجيته الماكرة على أنقاض تلك الإمارات الهزيلة وطبعاً:لن تكون الوحيدة .!
الصفعات التي تلقتها الإمارات خلال مشاركتها في العدوان على اليمن متعددة كصفعة الجيش اليمني وصواريخه الباليستية وصفعة الأخوان المسلمين وانسحاباتهم الدائمة من صفوف المعارك المحتدمة إضافة إلى عبواتهم المفخخة التي كانت توضع أمام الدوريات الإماراتية خلال الفترة الماضية في الجنوب اليمني إلا أن الصفعة السعودية الأخيرة التي أودت بتساقط 3 طائرات إماراتية قي غضون 48 ساعة في الجنوب اليمني كانت فريدة من نوعها، فقد أوجدت حالة من الامتعاض وعدم الثقة لدى متخذ القرار الإماراتي بشريكه السعودي ، كل تلك الصفعات أخذت حيزا كبيرا من الحذر والحيطة في الأوساط الإماراتية، ولكن: لا نعرف ما هو سر الثقة المطلقة التي وضعها الإماراتيون في الحليف الأمريكي بالرغم من أنه كان المهندس الفعلي لورطتهم التاريخية وصاحب الوعودات البراقة التي لم يتحقق منها سوى أصفار على الشمال .!
لا شيء يفسر التخبط الإماراتي سوى الانقياد الفاضح للمارد الأمريكي المهووس، ففي حين تتجه أنظار اليمنيين لإنجاح مؤتمر الكويت يحاول الأمريكان وأذيالهم إفشال أية إمكانية لتسوية سياسية قد تعمل على إلتحام الصف اليمني من خلال دفعهم بالأمور نحو المزيد من التعثّر وعدم الاستقرار، والمؤكد بأنهم لن يجدوا أخلص وأوفى من أوراقهم المهترئة والذابلة، حيث تتصدر الإمارات سلّم الولاء والطاعة وتحتل المرتبة الأولى في الانقياد الأعمى ،وهذا مايدعو للأسف مع ضرورة بقاء السيف مسلولاً حتى إشعار آخر!.