شيء من « التواصي بالحق « ..!!
عبدالله الصعفاني
لم يعد سراً أو غامضاً أن الغرب الأمريكي والأوروبي في مواقفه من العرب والمسلمين هو إما قاتل أو متواطئ على القتل والتدمير أو مشعل لحرائق كل خراجها عائد إليه ،ومع ذلك فإنهم لا يتوقفون عن هواية الترويج لما يسمونه قيم العالم الحر، ولا عزاء لنا ونحن نغفل كون الذئاب لا تصطاد غير النعجة الشاردة .
وأم الإحراج لكل من في وجهه حمرة خجل أنهم يقدمون أنفسهم في دور من يعمل بجوهر الإسلام في التعاطي مع شركائهم في الوطن من حيث الرقي في التعامل والرحمة والحقوق والحريات حتى قال أحد رحّالاتنا القدامى يوماً .. لقد وجدت هناك الإسلام ولم أجد مسلمين ووجدت هنا مسلمين ولم أجد الإسلام .
هذا وزير أوروبي غير مسلم يقرر صيام شهر رمضان ليس لأنه الفرض الثاني بعد الصلاة في الإسلام وإنما حتى يقترب من معاناة الفقراء حسب رأيه .
وهذه مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل تعزز موقفها الإنساني من استقبال اللاجئين السوريين بالإعفاء من الضرائب للمطاعم الإسلامية مراعاة لمرتاديها من المسلمين .
وحيث والشيء بالشيء يذكر وبضدها تتمايز الأشياء فليس أقل من التواصي بالحق والتواصي بالصبر في تعاملنا مع بعض، إذا لم يكن بالعودة إلى جوهر الإسلام وجادة السلام ووقف نزيف الدماء ونزيف التدمير فعلى الأقل لنرفق بضحايا هذه الحروب الدموية وحروب الحصار والفساد والتهجير والتشريد والإفقار .
تذهب إلى المسجد فلا يخطئ عينيك مشهد عدد الجاثمين انتظاراً للحسنة ،ولا يكاد الإمام يسلم منهياً الصلاة إلا وترتفع أصوات طالبي الثواب فلا يعرف المصلي هل يستمع لصرخات أصحاب الحاجة أم يتوج صلاته بما تيسر من الأدعية .
متسولون عند الجولات وعلى الأرصفة وبوابات المطاعم والبوفيات وطارقون للأبواب ،فضلاً عن الملايين من الفقراء الذين أغلقوا أبوابهم لا يطلبون الناس إلحافا وإنما تحسبهم أغنياء من التعفف .
تلكم المشاهد الظاهرة والخفية تناشد عندنا بقايا الضمير الداعي لطرق أبواب المودة والرحمة تجاه أخوة لنا هم ضحايا أوضاع أضعفت قدرات ملايين الناس على التحمل حيث كل الحروب مفتوحة على مواطنين الله وحده يعرف ما يعتمل في قلوبهم من الأوجاع .
وحيث والإسلام كل لا يتجزأ يجدر التذكير بمسؤوليتنا الدينية والوطنية والإنسانية تجاه بعضنا خاصة في هذا الشهر الذي نكون فيه أحوج لتمثل صفاء النفس وجمال الأخلاق ،وإدراك أن الله يعرف ما يعتمل في القلوب من أوجاع الحاجة إلى الإطعام من الجوع والأمان من الخوف .
إن من التواصي بالحق تذكير بعضنا كيف اقترنت الزكاة بالصلاة وكيف أن الأغنياء بحاجة لأن يروا في رمضان ساتراً للعيوب وماحياً بإذن الله للذنوب .. فلماذا لا يكون جابراً للقلوب مفرجاً عند الكروب .
الأمر يقتضي أن نحمد الله أن بلغنا رمضان ليس لأن ندرك منه الجوع والعطش والمسلسلات ومباريات كوبا أمريكا واليورو 2016 لكرة القدم وإنما أن نتعاون على قسوة الحياة بالصدقة والكرم والمحبة وصفاء النفوس والإيثار في ما تيسر من وقود الطاقة لمواطني المناطق الحارة وثلاجات حفظ الموتى ومراكز الغسيل الكلوي .
ولا يحسبن من بيده أي مستوى من السلطة أن الله غافل أو أن الناس جهلاء عن تجريف كل الأدعياء مما تبقى من مزاعم الانتماء إلى الوطن وإلى المسؤولية وإلى الأخلاق .