فوارغ

محمد المساح
سيل من الصور تتابع أمام البصر وتمضي . وجوه تعبر الطريق وتغيب يقترب البعيد إلى حد أن البنان على وشك الملامسة.
ويهرب القريب بعيداً ويتبدد كدخان
لا العين تؤرشف الصورة في الذاكرة، ولا الوجوه تترك شحنتها.
تتغوش الصور في سطوح المياه وتتعكر الوجوه في مرآة النظر ويدفع الفضول .. الأصابع.
تجري راكضة تحاول قبض الخيوط فتغوص في السراب.
ما للأشياء تتهرد بالألوان تثير العجب في بدء ظهورها وتتجلى في أشكال وتكوينات مجرد اقتراب الريح تنمحي الألوان وتطير هباء.
وفي الصمت الناطق يتلاشى الكلام . ما للأشياء تفقد بهاءها، ما للوجوه تترك براءتها وتفقد بهجتها.
والأماكن  مالها ترحل بأصحابها في سرحات طويلة لا يعودون منها إلا وقد أصاب الذبول الروح وهد الجسد.
ضجيج وعجاج لا حكمة تريح العقل .. ولا كلام يسر القلب.
ما للموجودات تهرب من جوهرها والأشياء تفقد جودتها.
وأين الفنق والأنق؟. وما للذوق يبتعد، مالها لا تستوى وتطيب.
ما للنفس تنطوي في فضاء أجرد تتلوى في عراء موحش.
ومضى عهد الراحة والقلب الخلي! أين الأغنية التي تطرب القلب قبل الأذان فيتمايل الجسد افتتان لسحر الإيقاع.
مالها الأيام تطوي حبالها عجلى .. يلهث العمر خلفها مقطع الأنفاس ينكفئ على تخومها فوارغ عديمة الجدوى ما للإنساغ تهرب منها عصارتها؟ ما للخواء يسري، أنين مكتوم وظمأ الحنين.
للزمن يا صاحبي نقاطه الاعتراضية لا يستطيع فيها الإنسان يحدد أين مكانه في وسط الزحام.
وفي غمرة هذه الاعتراضات الضبابية تتكثف مشاعر الوحدة والإحساس بالعزلة وكأن به وسط المحيط حيث يدرك انه وحيد بالفعل ولا يعرف أحد أين هو موجود.
لقد مضى أولئك الأسلاف ولم ينسوا إرسال الإشارات الضوئية إلى أصدقائهم المناوبين.
لقد انطلقوا في رحلتهم الطويلة نحو النجوم – إنه الصدى وليس الصوت والويل لمن يكون وحيداً دون أن يرتجف.!.

قد يعجبك ايضا