الأسرة / رجاء الخلقي/ زهور السعيدي
يعتمد الرجال في مجتمعنا غالباً على النساء في تجهيز الطلبات المنزلية وشراء متطلبات رمضان من مواد غذائية ولوازم خاصة وما إلى ذلك .. وفي ظروف كالتي تمر بها بلادنا من حصار بري وبحري وجوي وارتفاع الأسعار أو الغلاء وأوضاع تموينية متأزمة يختلقها بعض التجار باحتكار البضائع وبيعها بأسعار خيالية .. تقف كثير من الأسر اليمنية عاجزة عن توفير متطلباتها.. وحول كيفية مواجهة الأسرة اليمنية لمتطلبات رمضان هذا العام .. ذلك ما سنتعرف عليه من خلال هذا الاستطلاع:
* رغم الظروف القاسية وارتفاع الأسعار التي تمر بها بلادنا ترفض أم محمد يحيى ربة منزل الرضوخ للواقع وتصر بأن تستعد لرمضان وكأن شيئاً لم يكن .. تقول: «رمضان شهر مبارك ومن أفضل الشهور عند الله تعالى والمسلمين, لهذا يجب علينا ألا نقصر فيه في العبادات وكذلك المتطلبات الرمضانية, وعن نفسي قمت بشراء كافة هذه المتطلبات من دقيق وسكر وسمن وجيلي وشربة وغيرها رغم ارتفاع أسعارها إلى الضعف، لكني حريصة على استقبال رمضان وعائلتي كما اعتدنا ذلك قدر الإمكان.
درس قاسٍ
أما الحاجة فاطمة، فقد استفادت من رمضان الماضي حيث أنها مرت بنقس هذه الظروف ولم يتغير شيء .. وتقول: «كنت أجهز كل شهر مبلغاً معيناً وأضعه جانباً واكتب عليه هذا المبلغ خصص لشراء طحين شهر رمضان وكذلك السكر والأرز والزيت وغيرها من المتطلبات الرمضانية وما أن قارب شهر شعبان على الانتهاء حتى خرجت السوق واشتريت احتياجاتي من دون أن اضطر للاستلاف من أحد وفتح باب الدين، فرمضان الماضي علمني درساً قاسياً في حرج الدين والعوز وحرصت ألا يتكرر.
لنعش حياتنا
«رغم الخوف والهلع اللذين نعيشهما هذه الأيام إلا انه لا بد لنا من محاولة أن نعيش حياتنا بصورة طبيعية ونخرج للسوق ونشتري المتطلبات اللازمة للشهر الكريم قدر الإمكان».
هذا ما قالته أم أحمد مهدي، وأضافت: شهر رمضان بحاجة إلى متطلبات غير بقية الأشهر وخاصة هذا العام، حيث أن النهار سيكون طويلاً وشاقاً، ولهذا يحتاج الصائم إلى غذاء مناسب وللإفطار والسحور ما يوجب استعداداً جيداً من جانب ربات البيوت للتمكن من إعداد الطعام المناسب والصحي لأفراد الأسرة من دون إفراط أو تفريط.
الضروري فقط
إجمالاً، اقتصر استعداد الأسر اليمنية لشهر رمضان هذه السنة على اقتناء الضروريات من الاحتياجات الهامة بسبب الوضع المادي المتردي الذي يعيشه أرباب الأسر .. وتقول علية حمادي ، ربة بيت: لم يكن ممكنا إطلاقا شراء الكماليات التي كانت عادة ما تصاحب شهر رمضان المبارك بل اقتصرنا على شراء المستلزمات الضرورية كالقمح والسكر فبسبب الوضع المادي المتردي عموماً وانقطاع أرباب الأسر عن العمل لم يعد هناك مجال للتسوق وشراء الأدوات المنزلية والمقتنيات الرمضانية الأخرى ولم يعد يفكر الناس سوى بآثار الحرب التي طالت كل شيء.
انحسار الإسراف
من جهته يرى الدكتور عبدالسلام أن الظروف العامة للبلاد جراء العدوان والحصار أدت إلى انحسار الإسراف الانفاقي التزامن مع رمضان. ويقول: ألقت الحرب بظلالها المأساوية على حياة الناس ولم تجد الأسر حتى المستلزمات الغذائية الضرورية فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير ولهذا لم تعد الأسر قادرة على شراء أية كماليات كانت تقوم بشرائها وبكميات كبيرة وزائدة عن الحاجة غالباً لدرجة كان الجميع يحذرون مما يسمى «هستريا التسوق» قبيل رمضان.
الأمر نفسه يؤكده تجار المواد الغذائية حيث يقول يحيى العواضي تاجر جملة : كانت السنوات الماضية من كل عام تشهد في هذا الشهر موسما رائعا ومربحا للتجار جميعا حيث كان الجميع يستنفر طاقاته في شراء كل شيء بالجملة وتقوم الأسر بشراء جميع المواد الغذائية اللازمة لها وتضج الأسواق بالمتسوقين وتباع كل البضائع ولكن في هذه السنة الأمر مختلف تماماً فالحركة التجارية تراجعت كثيرا بسبب العدوان السعودي والحصار الجائر على الشعب اليمني ولم تعد هناك قدرة شرائية فقد نزحت معظم الأسر والبعض الآخر بات يبحث عن المواد الضرورية.
نداء للتجار
في حين تشير أمة السلام (ربة منزل) إلى رخص أثمان الفواكه والخضروات بصورة جيدة لا تستطيع شراء كمية كبيرة منها وابقاءها للشهر الكريم بسبب الكهرباء .. وتقول: «سرعان ما تتلف هذه الخضروات باستثناء البصل والبطاط ولهذا سارعت إلى السوق واشتريت كيسين بطاط وبصل لشهر رمضان راجية من الله ألا يصيبها التلف ونظرا لارتفاع درجة الحرارة وعدم توفر الكهرباء لحفظها في الثلاجة.
لكن أمة السلام في الوقت نفسه ترجو من الجهات المختصة في الدولة مراقبة صلاحية السلع في الأسواق وأسعار بيعها خلال رمضان وتقول: «الوطن المسكين وخاصة أرباب الأسر لا يمكنهم تحمل أعباء ارتفاع الأسعار ولا يستطيعون شراء المتطلبات الرمضانية بسعر مضاعف خاصة أن الرواتب مازالت كما هي والمستحقات متوقفة بسبب أوضاع البلاد الراهنة، كما أناشد التجار أن يراعوا الله تعالى والمواطنين المساكين في تجارتهم وألا يرفعوا الأسعار خاصة في شهر رمضان المبارك .
تجهيز المنزل
في المقابل لا تفكر «أم أيمن» بالمتطلبات الرمضانية لاستقبال رمضان ولكنها تهتم بإعداد المنزل وتنظيفه وتغيير أجواء البيت إلى الأفضل، كونها تفضل أن ياتي شهر رمضان وملامح منزلها بحلة جديدة وجذابة.
وتقول: آخر شيء أفكر فيه هو المتطلبات الرمضانية فأنا أشتري كل شهر الطحين والسكر والدقيق والأرز والزيت، وهذا الشهر اشتريت نفس المتطلبات بإضافة الشعيرية والمحلبية فقط، والأهم عندي هو منظر البيت لأشعر بأن رمضان قد دخل منزلنا بالفعل وهذا ما نفعله أنا وبناتي كل عام ولا نضع أية أهمية للحرب أو غيره فما هو مكتوب سوف نلاقيه ونحن راضون بقضاء الله وقدره.
وتستمر الحياة
وعلى الرغم من هذه الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد منذ نحو عام ونصف، يحاول المواطنون التأقلم مع هذا الواقع الكئيب على أمل أن تحل نهاية قريبة للمأساة التي لن تستطيع أبدا أن توقف الحياة التي تستمر مهما بلغت الظروف وتعقيداتها بحسب تأكيد الدكتورة تهاني احمد وهي باحثة اجتماعية.
وتقول الدكتورة تهاني: هذه هي سنة الحياة وسنة الله في خلقه يجب أن تستمر الحياة وتأخذ دورتها الطبيعية بصرف النظر عن طبيعة الصعوبات وحجم التحديات واليمنيون صامدون في وجه العدوان وسيصومون رمضاناً آخر في ظل الحرب والحصار وسيبتهلون إلى الله في أيامه ولياليه المباركات بإزالة الكرب وتبديد المحن وإحلال السلام والأمن من جديد في كل ربوع الوطن الغالي.