الأمم المتحدة.. وساطات وحوارات وفشل مستمر
عبدالعزيز الحزي
آخر جديد الأمم المتحدة في رعاية حوارات يديرها مبعوثوها إلى دول في المنطقة هو رعايتها لحوار الكويت بين أطراف يمنية يقودها الوسيط الدولي إسماعيل ولد الشيخ بهدف التوصل إلى اتفاقات تنهي العدوان السعودي على اليمن وإنهاء معاناة أبناء شعبنا بفك الحصار الجوي والبحري والبري الجائر عليه.
وبالرغم من التفاؤل الكبير بشأن الخروج من الأزمة التي طال أمدها بإيجاد حل يفضي إلى إنهاء العدوان ، لكن مع ذلك لا تزال الدول الداخلة في الصراع خاصة نظام آل سعود الذي يستضيف الرئيس المستقيل هادي وفريقه ((شرعية الرياض)) يضع العراقيل أمام المفاوضات فلا تجد سبيلا لها إلى التقدم ولو حتى خطوة واحدة إلى الأمام.
ومن هنا نستطيع أن نقول أنه لا يمكن للمنظمة الدولية التنصل من مسؤولية الفشل في اليمن الآن أو حتى في سوريا الذي يتبنى فيها نظام آل سعود خلافا لليمن المعارضة((معارضة الرياض)) وليبيا أيضا، وقبل ذلك في العراق وأفغانستان ,وأن واحداً من أهم أسباب فشل الأمم المتحدة ومؤسساتها، يعود إلى أن جميع الموظفين الكبار الذين يعملون في هذه المنظمة يجري انتقاؤهم على أساس ولائهم للسياسات الغربية، ولا سيما ولاؤهم للولايات المتحدة.
وبديهي أنه بسبب هذا الولاء يقارب ممثلو الأمم المتحدة الأزمات من منظور المصالح الأمريكية وهذا يقود بالضرورة إلى تبني مواقف أولاً غير واقعية، وثانياً منحازة. وبسبب غياب الواقعية والانحياز تفقد مؤسسات الأمم المتحدة فاعليتها في مواجهة الأزمات وتصطدم بمواقف أطراف تتناقض مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة، وتتحول إلى طرف بدلا من أن تكون وسيطا،وهذا ما يفسر فشل مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى اليمن جمال بن عمر، عندما حاول ، لفت أنظار الولايات المتحدة والأمانة العامة للأمم المتحدة إلى خطورة عمل المنظمة الدولية الحالي فقد منصبه وعاد إلى المواقع الخلفية.
ويبدو أن كل مبعوث أممي إلى بلد يتبنى أجندة وحلول فرضتها دول داخلة في الصراع عظمى أو إقليمية فتدور جولات المفاوضات في الحديث عن تسليم السلطة وتسليم السلاح والجوانب الإنسانية التي صنعت بفعل دعم تلك الدول لإطراف الصراع بالسلاح للاقتتال واستمرار الحرب والسير بهذه الدول إلى الانهيار الكامل أو تفكيكها إلى عدة دويلات فاشلة، لتصبح أرضا خصبة للجماعات الإرهابية وفي الأخير وضعها تحت نظام الوصاية على طريقة “النموذج الناميبي” .
هذه الرسائل، رغم منطقيتها وأهميتها، تعكس التوجهات الغربية، وبالذات الأمريكية ،وهي التوجهات التي لا تنفصل عن دور هذه الدول في دعم الإرهاب والتطرف وحركات الانفصال، ومحاولات إسقاط الأنظمة التي لا تروق لها ولسياساتها، على الرغم من أنها كانت في أوقات سابقة تتعامل مع نفس الأنظمة وتبرر لها كل الإجراءات.
ويبدو أن ولد الشيخ يتعامل مع هذه القضايا وفق الطريقة السعودية التي تعتبر أن حرص الوفد الوطني على تقديم مبادرات وطرح مقبول في مفاوضات الكويت من أجل الوصول إلى حلول تفضي إلى إنهاء الصراع ووقف العدوان دليل ضعف في الموقف وقد يساعد على الضغط على صنعاء لتقديم تنازلات جوهرية يمكن استغلالها لخدمة المشروع الانفصالي.
لكن فات على نظام آل سعود وكل المتآمرين ،على هذا المستوى، في احتفال الذكرى الـ 26 للعيد الوطني 22 مايو الذي اعتبره جل المراقبين بمثابة إعادة تصويب لبوصلة هذا النزاع ورسالة قوية لنظام آل سعود والمجتمع الدولي تؤكد أن الحل لن يكون على حساب اليمن ووحدته الوطنية وسيادته واستقلاله، وأن نظام آل سعود هو الطرف الحقيقي المفروض المقابل لليمن ,وأن استمرار الوفد الوطني في المفاوضات هو على أساس إدراكه أن محاولات ابتعاده عن الواجهة التي يحتلها، لا يساعد على إيجاد الحل الذي يسعى له أبناء شعبنا بكل أطيافه.