ن .. والقلم .. حنين اسمه عبدالولي !!

عبدالرحمن بجاش

بداية أقو ل أن أرض أثيوبيا أو ما تعارفنا عليه (( الحبش )) أو الحبشة, حبها يجري في دمي, لا أدري لم ؟, فلم أعرفها ولم يسبق لي أن زرتها .
ربما هو الإرث التاريخي من تركة النجاشي في أرواحنا جميلا وقد ذهب أصحاب محمد الرسول الأعظم إلى ملك (( لا يظلم عنده أحد )), هو المسيحي الذي وفر البيت الآمن للمضطهدين من أوائل المسلمين, يؤسس أول مبادرة لحقوق الإنسان بعد نبي الله محمد الذي أسس الإسلام به أول منظومة أخلاقية, هي الحرف الأول في كلمة حقوق الإنسان !! .
إلى الحبشة تبع اللاحقون الأولين, لقد تدفق اليمنيون إلى الشاطئ الآخر, فلم يجدوا لا حضنا دافئا يستقبلهم, يعيشون, يتزوجون, ينجبون, يحبون ويُحبون, كان منهم أحمد عبدالولي الذي أنجب محمد عبدالولي, الذي هو رواية لم تكتمل, حنين اسمه الأرضية الأخصب, التي نمت عليه بذرة الإبداع الروائي ابتداء من الأرض الأكثر خصبا بأمطارها, وأرضها, وأعماق إنسانها (( الحبشة )) .
كانت بدايات محمد عبدالولي هناك, لتتذرذر فيما بعد بين حوض الأشراف بتعز, وعدن, ومعهد جوركي للآداب بموسكو, فصنعاء كان لها نصيبها من رواياته ((صنعاء مدينة مفتوحة )), وعلامة روائية (( العم صالح العمراني )), القلعة كانت نقطة روائية هي الأخرى حيث كانت الكلمة بمختلف أشكالها وألوانها تعتقل !!! .
(( شيء اسمه الحنين )) بداية علاقتي بالروائي الأشهر والذي وأدت جسده طائرة الموت ((الداكوتا)) في ذلك النهار (( 28 ابريل 1974م )), لكنها لم تستطع قتل كلمته التي لم تزل حية في أعماق كل من له علاقة بالكلمة .
محمد عبدالولي أو (( الكليس )) كان عمره قصيرا إلى درجة أن أعداء الكلمة أكثروا من اعتقاله ليأخذ حقه من شرف الاعتقال في سبيل الموقف الذي يبدأ بالكلمة وينتهي بها, والرواية أرقى أشكال الأدب إذ تغوص وتنقل الواقع بتفاصيله إلى العقول والقلوب .
عندما تبحر في محيط عبدالولي فتقرأ بلغة الشارع من تلك الحواري في أديس إلى هذه الحواري في تعز والحديدة ووجه أحمد حيدر بطل شيء اسمه الحنين, وسينما طفي لصي, ربما هي بلقيس بتعز, أو بلقيس بصنعاء بالمعنى والمغزى الظاهر والباطن .
عرفت عبدالولي حرفا وليس شخصا بواسطة المساح, وعرفت أحمد حيدر, وكنت كلما شجنت أتعرف عليه ذهبت إلى المعهد القومي لأتفرج على وجه حيدر المتماهي مع وجه محمد أشبع وأعود إلى بيت المساح لأقرا شيء اسمه محمد عبدالولي .
تمر سنويته كالعادة وسط موات حقيقي على صعيد الجبهة الثقافي إلا من حس في نادي القصة يحاول أن يعلن أنه باق وشارع يحاول القعود أن يحييه, ومنتدى التبادل يعطي ما يستطيع, تمنيت لو أنهم احتفوا بالرجل ككلمة في السنوية التي هي مشئومة من الأساس .
التحية لروحه وروح والده وصديقي عباس على البعد, وبالقرب مني سعاد وفتاح, ورده أرسلها إلى المكان الذي تبعثرت فيه الطائرة التي أكرهها .
لله الأمر من قبل ومن بعد.

قد يعجبك ايضا