لحظة يا زمن.. تكييفة مفقودة

محمد المساح

يلوك القات في فمه.. ينفك الفكان، ثم يعاودان الانطباق.. واللسان تتحرك حسب الإيقاع تحاول بجهد شديد الوصول إلى تحديد مذاق القات.. وتحاول جاهدة.. أن يتكور القات، ويتلملم في جدار “البُجْمَة” من الداخل.. وحتى لا يراوغه القات ويذوب وينسل حراً إلى قصبة الحلق.
رغم كل هذا التشديد وأعضاء الفم.. أسناناً وضروساً ولساناً يؤدون المهمة حسب الأوامر الصادرة منه.. كل المحاولات هذه لا تفيد.. أمام هروب القات نحو الداخل.
يركز جيداً ويجمع كل الطاقات ويحشدها تجاه هذه المعضلة التي تستبد به.. يسد على الفكين.. ثم يطبق الشفاه، ويمد أصابعه تتحسس صابرة يتأكد من التكويرة، وأن الأمر جاد حتى لا يظل مثل كل يقوم يلوك ويحشر الفم بالأوراق.. يتلملم في جانب الفم، وينشغل لدقائق.. ثم ينتبه.. أن فمه خانه وانسلت عصارة القات عبر قصبة الحلق وذهبت إلى الأعماق.
كل يوم هكذا.. تذهب الدفعة الأولى.. ويلتفت نحو كيس النايلون ذهب النصف.. والنصف الآخر لا يكفي لإتمام التكييفة.. يلعن الفم والأسنان والفم.. وبعدها القات ومن اخترعه.. بعدها وقد نفخ من الضيق.. يعود ليلقِّمَ الفم أوراقاً جديدة متيقناً من تكوين تكويرة جديدة.. ينشغل قليلاً.. ويجد أن الأمر كالعادة.. أن القات لا يستقر.. بل يظل قليلاً.. ثم يَطْحَسْ إلى أعماقه..
اليوم قرَّرَ.. أن يركز جيداً.. لأن القات أيضاً أغلى من كل يوم.. وما بقي من المرتب حتى ينفض كل الحساب.. ويجد حلاً لفمه الملعون.. وأسنانه وضروسه.
وشددَّ قبل التخزينة.. أن لا ينشغل بأي شيء آخر.. تعطيل الذهن تماماً.
حتى يتمتع بتكييفة تعوضه ما ضاع ويضيع عليه كل يوم.

قد يعجبك ايضا