خصم دائم للحكومات

صقر الصنيدي –
قبل ستة أعوام  عاد إلى القاعة مصابا ببعض الخدوش ومكسور الفؤاد وطلب من زملائه التضامن معه ضد حراسة الجوازات الذين دخلوا معه في مواجهة بينما كان مندسا بين لاجئين يعانون التعسف والمعاملة الرديئة في أماكن الاحتجاز الخاصة بالمقيمين غير الشرعيين¡ وقد فتحوا له قلوبهم وتحدثوا معه عن آلامهم وتحمس مع قضيتهم ودخل بعراك مع الجنود الذين برروا فيما بعد أنه لم يعرف بنفسه كما أنهم لا يعرفون من البرلمان غير الرئيس .
مطلع الأسبوع كرر النائب أحمد سيف حاشد الطلب من زملائه فقد تعرض للخدوش مجددا وأصيب على مقربة من البرلمان الذي لم يعد يحضر جلساته منذ عامين ومن قاموا بالمهمة هم ايضا جنود يؤكدون عدم علمهم بوجود نائب بين المعتصمين الذين حاولت قوات الشغب فظ اعتصامهم وأضافت  إصابات للجرحى الباحثين عن العلاج خارج البلاد .
في المرة السابقة تضامن معه زملاؤه وأدانوا الحادث لكن عددا◌ٍ منهم تهكم عليه بل أن أحد النواب العسكريين وجه لزميله الجريح سؤالا◌ٍ ممتلئا◌ٍ بالسخرية : في كل عدد تعمل صحيفتك المستقلة “حينها كانت تحمل اسم القبيطة ” مقابلة مع مجنون لكنها لم تعمل مقابلة معك ¿
والغريب أن السؤال لم يجد استنكارا وتجاهله حاشد الممتلئ  حماسا وثورة وحبا للضحايا أينما كانوا. ونائب آخر عاتبه: لماذا ذهبت إلى الجوازات وليس لديك أي تكليف للقيام بهذه المهمة وبالتالي المجلس غير معن◌ُ بالدفاع عنك .
الواضح أن تلك الهجمات كانت نوعا من إظهار الولاء والإخلاص للحكومات السابقة وإن كانت على حساب زميل عزيز لهم تعرض للضيم وواجبهم الأخلاقي والمهني الوقوف جنبه ومعاتبته لاحقا كما ان النواب كانوا أكثر غرورا .
هذه المرة النواب على قلب واحد ليس فيهم من حاول التقليل مما حدث ولم يضيف لزميله إصابة وليس هناك من يريد تقديم حاشد قربانا إلى الحكومة باتهامه بالجنون واجمعوا على الاستنكار وطالبوا بالتحقيق وإطلاعهم على الحقائق .
في حادثة الجوازات لم يقم  رئيس الحكومة بالبحث عن النائب المصاب وزيارته كما عمل رئيس الحكومة الحالية محمد سالم باسندوة  , في السابق ربما بحثوا عنه
ولكن لشأن آخر , في تلك الحادثة لم يتخذ أي إجراء أو حلول للمشكلة هذه المرة وجد الجرحى من يجيب وإن كان ببطء .
لقد حدث شيء من التغيير في السياسة العامة للبلاد وللحكومات وللنواب لكنه لا يصل إلى مستوى التضحية التي قدمها الشعب ولم يجعل من النائب المعارض دوما صديقا للحكومة كما حدث لكثيرين كانوا معارضين بحدة وأصبحوا أنصارا◌ٍ يغضون الطرف عن خلل يرونه أمام أعينهم هربا من غضب الحكومة .
هذا ليس معناه أن حاشد بريء من ممارسة السياسة وتسخير المواقف  , لكنه على اقل تقدير في صف الضحية وإن كان الدليل مبتورا أو غائبا وإن كان يصرف الأنظار عن الضحايا لصالحه كما حدث في قضية الجرحى فقد تحولت مناصرة مصابي الثورة إلى مناصرة القاضي أحمد سيف الجيد جدا في التقصير في واجبه الأساسي وهو عضوية البرلمان فغيابه تجاوز عدد من صوتوا له , مثل حاشد وجودهم ضروري لتتجاوز كل سلطة مسألة الرضا عن النفس وتسمع دوما من يقول لها إنني اعترض , فبدون معارضين الحياة خدعة.

قد يعجبك ايضا