إرهاصات العُـدْوَان تنفي مزاعمَ التدخل باسم الشرعية
حسن شرف الدين
شهدت الـيَـمَـن حوادثَ أمنيةً متلاحِقةً قُبَيْـلَ وبعدَ ثورة 21 سبتمبر، تبين لاحقاً أنها كانت ضمنَ مخطَّطٍ للعُـدْوَان على الـيَـمَـن، والحيلولة دون تحرُّره من الوصاية الخارجية التي كانت حاضرةً بقوة في ظِلِّ رعاية الدول العشر للمبادرة الخليجية والحوار الوطني، ومشروع الأقلمة الذي كان يُطبَخُ على عَجَلٍ؛ بهدف تقسيم الـيَـمَـن وتمكين الدول المهيمنة من السيطرة على ثرواته وقراره السيادي. وقبل أن يعلنَ السفير السعودي السابق في واشنطن عادل الجبير أن التنسيقَ والتحضيرَ لما أسمي بـ”عاصفة الحزم” كان قبلَ ستة أشهر من بدئها في 26 مارس 2015م، يرى مراقبون أن العُـدْوَان على الـيَـمَـن كان يُرتَّب له قبل ذلك من خلال ترتيبات وعمليات سرية، استُخدم فيها هادي وعلي محسن وآخرون في الداخل، وهدفَ إلَى خلق جُملة من الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية، وبالتالي تهيئة الأجواءِ والظروف لغزو الـيَـمَـن واحتلالها، على غرار الخطة الأَمريكية لاحتلال العراق. فمنذُ تسلّم الفار هادي السلطة عمل بالتنسيق والتخطيط والتنظيم مع ذراع أَمريكا والسعودية الطولى الجنرال علي محسن الأحمر على تفكيك الجيش والوحدات العسكرية والأمنية، كما عمل على محاصَرة وتقييد القدرة العسكرية والصاروخية للجيش الـيَـمَـني. وبحسبِ خبراء عسكريين، فإنَّ هيكلة الجيش الـيَـمَـني التي كان وراءها أَمريكا والسعودية، جاءت ضمن الخطوات التي ساعدت وشجّعت على ضرب الـيَـمَـن عسكرياً، ومحاولة احتلاله، بعد أن حازت دول العُـدْوَان على خارطة الإمكانات العسكرية والبشرية للجيش الـيَـمَـني، التي وفّرها هادي ومحسن وزُمرةٌ من مرتزقة الرياض. قبل ذلك وفي ظل تحالف هادي مع محسن والإخوان، شهدت العاصمةُ صنعاءَ اغتيالاتٍ ممنهجةً بحق قيادات سياسية في حركة أنصار الله أو قريبة منها، طالت الدكتور عبدَالكريم جدبان، الذي اغتيل وهو عضوٌ بمؤتمر الحوار الوطني في عام 2013م. ومثّل اغتيالُ الشهيد جدبان محاولةً لإرباك المشهد السياسي في فترة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، لكن موقف أنصار الله فوّت فرصةَ تفخيخ الحوار، الذي واصل انعقادَ جلساته، حتى الوصول إلَى عُقدة ضمانات تنفيذ المخرجات، التي كانت مَحَـلَّ اعتراض أنصار الله وعدد من المكوّنات السياسية. صبيحة اختتام مؤتمر الحوار، كانت أيادي الغدر، قد سبقت لتغتالَ عقل مؤتمر الحوار عن مكوّن أنصار الله الدكتور أحمد شرف الدين، ولم يكن هدفُ الاغتيال تمريرَ مسودة مخرجات مؤتمر الحوار فحسب، وإنما تعكير العلاقات السياسية، وبثّ الذعر والخوف في أوساط المفكرين والمثقفين من أصحاب الرأي الحر، وصولاً إلَى اغتيال الدكتور أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء محمد عبدالملك المتوكل، والإعلامي الكبير عبدالكريم الخيواني، وما تلا ذلك من عملية إرهابية بشعة تعرض لها جامعَا بدر والحشحوش، أفضت إلَى استشهاد الدكتور العلامة المرتضى بن زيد المحطوري، والعشرات من المصلين. وفي اليوم السابق لتفجيرَي بدر والحشحوش تبنت “داعش” الجريمة الإرهابية والوحشية التي طالت 29 جندياً في محافظة لحج، حيث قام التنظيمُ الإرهابي بذبحهم جميعاً.
لقد عملت قوى الاستكبار منذ عام قبل 26 مارس 2015م للتهيئة لغزو واحتلال الـيَـمَـن على ثلاث محاور، الأول: إرباك المشهد السياسي، والثاني: خلق حالة من الانهيار الأمني وعدم الاستقرار، والثالث: تهيئة الشَّـعْب الـيَـمَـني لاستقبال الغزاة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار.. إلا أن نجاحَ ثورة 21 سبتمبر أربك حساباتهم وأهدافهم.. فقد تمكن الشَّـعْب الـيَـمَـني من قراءة المعطيات والمستجدات على الساحة الـيَـمَـنية، واستطاع بثورته في 21 سبتمبر قطْعَ اليد الطُّوْلَى المتمثلة في علي محسن وفراره إلَى السعودية، ثم استقالة هادي وبحاح وفرارهما إلَى السعودية أيضاً، مما أدى إلَى خَـلْطِ الأوراق وإرباك المخطط العُـدْوَاني، الذي حاول أن يستترَ خلفَ العمليةِ السياسيةِ، وصناعة الفراغِ السياسي والدبلوماسي، والفوضى الأمنية، ثم وجد نفسَه مجبراً على العُـدْوَانِ المباشرِ تحتَ ذرائعَ واهيةٍ، انكشف زيفُها مع يوميات العُـدْوَان.