نفخ النار!!
إبراهيم الحكيم
أرى أن لا نسرف في التوهم، فعدونا عرفناه طوال عام، عدوانه -على الأقل- بلا أخلاق، أو قيم، أو صدق، أو شرف.. والمجتمع الدولي خبَرناه وتأكد لنا أنه مجتمع منافق، وهيئاته سمسار مصالح.. فعلاما التفاؤل؟!.. لا شيء يبعث على التفاؤل عدا ثبات صمودنا بوجه العدوان، والتصدي لمراميه.
حالم أو واهم من يظن للحظة، أن من بقي طوال خمس سنوات ينفخ في كير نار اليمن و”يُوَهِّفُ” لها، وظل يشتري الحطب والخطب لإيقادها، ويسكب عليها شتى صنوف الزيت بلا حساب؛ قد يعمل على إخماد هذه النار أو حتى إخمادها قبل أن تأكل ما أشعلت لأجله وتؤتي رمادها المنشود.
حتى الآن لم ينجز فعلياً تحالف العدوان السعودي الأميركي أهدافه بعد، ولهذا لن يتوقف، حتى وإن توقف شكلياً، وتوقفت مثلاً هجمات طائراته وبوارجه؛ فإن وقف إطلاق النار في اليمن آخر ما يريده تحالف العدوان من وراء كل عملياته ومؤامراته وبذخ إنفاقه على إشعالها منذ بداية 2011.
ما عجز عن تحقيقه تحالف العدوان سياسياً عبر إملاءات وصاية مجلس سفرائه العشرة، وارتهان أدواته في الداخل، ومراكز صنع القرار طوال أربع سنوات عدوانية، عنوانها تفكيك مؤسسات الدولة، وتفخيخ النسيج المجتمعي، وتأجيج الأزمات؛ قد سعى لفرضه بعدوانه العسكري والاقتصادي.
وأكبر إنجاز لهذا العدوان طوال عام، علاوة على دمار مقدرات الدولة، هو إشعال النار في اليمن، وتأمين أسباب، ووسائل دوام اشتعالها لعشرات السنين، تحت الرماد وفوقه، على حد سواء، حتى تحرق كل شيء، وتذيب كل عائق أمام أهدافه غير الخافية، وإن واراها بلافتات خادعة.
نجح تحالف العدوان في مسخ القيم، وحط الأخلاق، وقلب المفاهيم، وفي نسف الثوابت، وإلباس الباطل ثوب الحق، وإلباس الحق ثوب الباطل، وفي بث سموم الأحقاد، وبذر غرس التفرقة والتشرذم، تحت لافتات خادعة وزائفة، قد تتشح الآلام وتتدثر الأحلام لكنها مأفونة بالأوهام.
في المقابل عمد تحالف العدوان إلى إمداد مليشيات فصائل مرتزقته بمخزون أسلحة وذخيرة يكفي لإشعال اليمن عشرات السنين بحروب أهلية لن يتوقف عن تغذيتها علناً وسراً، بالمال والسلاح حتى تنجز أهدافه: تمزيق النسيج المجتمعي لليمن وتقسيمه مذهبياً وطائفياً.
نعم الجسد اليمني قد هدته الأزمات، وصار مثخناً بجراح غائرة في الأذهان والضمائر والصدور، وما لم يفق اليمنيون ويرفضون تنفيذ مرامي تحالف العدوان ومخططاته؛ فإنهم سيتناحرون على استكمال انجاز “التدمير الذاتي” لليمن الكيان والمكان، الإنسان والبنيان، تدميراً يتجاوز الحاضر إلى نسف الماضي والمستقبل معاً.