ماذا حدث؟
نبض
محمد خالد عنتر
العمليات العسكرية لن تتوقف حتى تحرير صنعاء وبقية المحافظات اليمنية من المليشيا الانقلابية.
هكذا قال التحالف السعودي حين شن عدوانه الغاشم على اليمن، وفي تلك الفترة كنت أنا من أول الناس الرافضين لتواجد جماعات مسلحة داخل المؤسسات الحكومية ومرافق الدولة والجامعات الحكومية والخاصة، وكنت أنادي بوسع صوتي رافضاً ومندداً بتلك الظاهرة.
ماذا حدث؟
حدث أن المملكة العجوز خيرتنا بينها وبين تلك الجماعات، وضعتنا أمام مصيرين، الأول: قبولها بكل قبحها وحقدها وجبروتها وظلمها وانتهاجها لنهج الشيطان العالمي.. والآخر: تحمل جور الأقربين حتى تنقشع الغمامة ويزول الألم.
ويا لسهولة هذا الخيار لمن يعرف السعودية وتاريخها النجس وواقعها الخبيث.
ويا لسهولة الاختيار حين رأينا خيرة شباب الأرض يتوافدون إلى الجبهات بكل شغف للنصر، بينما الطرف الآخر يصفق ويهلل لقتلنا كل يوم.
وحين رأينا أن من خرج ليدافع عنا هم شباب تلك الجماعات التي قالت السعودية إنها لن تفاوضها أبداً، بل ستحرر اليمن منها.
سيقول قائل: إن المقال قد ابتعد نوعاً ما عن أول سطر فيه، وأقول أنا: إنما هو مجرد تمهيد لما سأتطرق له الآن.
فالسعودية وبعد عام من القصف الهمجي والخطابات الرنانة بأنها لن تفاوض أصبحت اليوم تتوسل تلك المليشيا لوقف عملياتها العسكرية على الحدود اليمنية –السعودية كي يتمكن الطرفان من التفاوض.
يا للعجب!!..
أين ذهب كل ذلك “الزنط”؟
بعد عام وبضع أيام من العدوان الغاشم والإصرار على عدم الجنح للسلم، والاستمرار بالقصف والقتل والحرق حتى تستسلم الجماعات المسلحة، ها هي السعودية تفاوض.. وتشدد على تهدئة جبهة الحدود التي لم تكن تتوقع ولم نتوقع نحن أنها ستكون بتلك القوة.
بعيداً عن فحوى المفاوضات ومجريات الحوار القائم، وبنود الصلح الذي يحاول الجميع الخروج به.
السعودية لم تعد بتلك الثقة التي دخلت بها الحرب.. لقد تهالك تحالفهم وأصبحوا يبحثون عن مخرج.
ربما سيسخر البعض من حديثي.. لكنه كحديث نوح عن سفينته.
في الأخير كان هو المحق.. وغرق الساخرين في الطوفان، ولم يعد لهم ذكر.
الصامدون في وجه العدو هم المنتصرون.. أما من انبطح للسعودية وأسيادها فهو اليوم كناسة للتاريخ.
سيجرفه طوفان الاحتقار إلى أبعد ما يمكن عن الكرامة.