ليبيا وثورة المؤامرة ..؟
طه العامري
تعيش ليبيا الأرض والإنسان حالة تشرذم وتمزق وصراع ثقافي واحتراب اجتماعي وكل هذه الصراعات التمزيقية تأتي في سياق المؤامرة التي تعرضت لها ليبيا مثلها مثل بقية الأقطار العربية التي واجهت مخطط ما يسمى بـ( الربيع العربي) .. ليبيا كانت تعيش في حالة استقرار مجتمعي نسبي رغم كل ما قيل عن نظام العقيد/ معمر القذافي غير أن تداعيات الأحداث أثبتت أن نظام العقيد القذافي بكل مآسيه الديكتاتورية كان أرحم على الشعب الليبي من جنة الناتو وثوار الربيع (العبري) وهذا المصطلح المقوس لم أقله هنا جزافا أو رجما بالغيب ، لكني تابعت لقاء أجرته قناة bbc الانجليزية قبل أيام مع المدعو ( برنار هنري ليفي) الذي تحدث مطولاً وبثقة عن دوره في تحرير الشعوب العربية من هيمنة وتسلط الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، كما تحدث الرجل عن علاقة وطيدة مع الأنظمة والإمارات الخليجية مشيرا إلى أن معطيات الأحداث في المنطقة تؤكد على ضرورة إقامة جسور الثقة وتعزيز الشراكة مع الأنظمة ( الثيوقراطية) العربية ، معترفا أن هذه الأنظمة وإن كانت قد ساهمت في إيجاد الجماعات الإسلامية المتطرفة غير أن العمل مع هذه الجماعات أمر ممكن لأنها عانت وتعاني من التهميش الاجتماعي وبالتالي فإن العلاقة مع هذه الجماعات ممكن تهذيبها – حسب الرجل- الذي تحدث مطولاً عن خطورة نظام القذافي وخطابه الفكري الذي كان يحمل عداء تاريخيا للغرب وحضارته رغم كل ما كان يظهره القذافي من مودة لبعض الشخصيات الفكرية والسياسية الغربية.. ليفي قال أن التعاون ممكن مع كل الجماعات المتطرفة في المنطقة بما في ذلك (داعش، والنصرة ، والقاعدة،) لكنه أكد بالمقابل استحالة التعايش مع ( حزب الله ) الذي حسب ليفي يهدد أمن واستقرار المنطقة والمصالح الغربية فيها طالبا من دول الغرب تعزيز تحالفاتها مع الأنظمة العربية الحليفة لها وحدد أنظمة مثل النظام الأردني ، والنظام المغربي ، وطبعا الأنظمة الخليجية ، متأسفا من قيام الجيش في مصر على الإطاحة بالنظام الديمقراطي الذي يمثله ( مرسي ) ..؟! وبالعودة إلى المشهد الليبي الغارق في بحر الدم والاحتراب الأهلي قال ( ليفي) أن لليبيا أهمية استراتيجية لدول حوض المتوسط الأوروبية ولدولة مثل فرنسا، وبما أن نظام القذافي قد شكل حالة قلق للغرب وللعديد من أنظمة عربية مستقرة وقد سعى القذافي لزعزعة استقرار هذه الأنظمة التي تمثل الكثير للغرب وبالتالي فأن رحيل القذافي ونظامه جعل العديد من دول المنطقة الحليفة للغرب تعيش حالة استقرار ..؟ أما فيما يتعلق بالمشهد الليبي فبرر الرجل ما يحدث بالأمر الطبيعي ، مستشهدا بحالة ألمانيا واليابان وايطاليا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وأن ما يحدث اليوم في بعض من دول المنطقة هو أمر طبيعي سيؤدي في النهاية إلى إحداث تحولات نوعية تساهم في استقرار العالم..؟! طبعا من تابع لقاء الرجل سيدرك حجم المؤامرة التي تواجهها المنطقة والمتصلة ليس بالأنظمة وحسب بل بالوجود العربي بحد ذاته ودور هذا الوجود ورسالته ومكانته بين بقية أمم الأرض..هذا من ناحية ومن الأخرى يكشف الرجل عن حجم الغباء الذي ظهر به العرب من أنظمة ونخب وفعاليات ومؤسسات .. للموضوع تتمة .