الشجعان وحدهم يصنعون السلام
عباس غالب
الكلمتان اللتان ألقيتا أمام الحشود المليونية في العاصمة صنعاء بمناسبة مرور عام على الصمود والعدوان السعودي الظالم على اليمن لم تخلـوا من دلالة التأكيد على أهمية وضرورة إقامة السلام، سواء جاء هذا التأكيد على لسان أنصار الله أو في مضامين خطاب المؤتمر الشعبي العام، إذ أن التأكيد على السلام هو المدخل الأساس لوقف الحرب.. وبالتالي فإن حل الإشكالات القائمة والتعقيدات التي صاحبت المشهد خلال عام كامل من الاحتراب هي المسألة الملحة والضرورية في هذا التوقيت.
ولما كان الافرقاء على الساحة الوطنية يرغبون في إقامة السلام.. وهي نفس الرغبة التي تعتمل في صدور بعض الأطراف المعنية بالحرب فإن الواجب يحتم على الجميع اهتبال هذه الفرصة والعمل جدياً بعد كل هذه الفترة الطويلة من الخراب والدمار التجاوب مع دعوات السلام والتفاعل مع الجهود الأممية الأخيرة بإجراء جولة جديدة من الحوار الذي يفضي في نهاية المطاف إلى تسوية عادلة وشاملة لمجمل تلك المشكلات والعودة بالوطن إلى مربع الاستقرار.
وما من شك أنه وعند نهاية كل حرب –مهما طالت- لابد من العودة إلى الحوار وإقامة السلام.. والسلام الذي نعنيه هو سلام الشجعان الذي أشار إليه الزعيم علي عبدالله صالح مؤخرا وليس سلام الاستسلام أو الإملاء أو الضغط، خاصة بعد أن جربت تلك الأطراف جميعها استخدام القوة لفرض قناعاتها وجبروتها دون جدوى!
والحال كذلك فإن السلام ينبغي أن يستوفي شروطه في ضرورة احترام جميع الأطراف لبعضها البعض.. والعمل سوياً و معاً من أجل إيقاف هذا النزيف المريع الذي نلمسه بشكل مباشر في الأوضاع التي آلت إليها اليمن فرداً ومؤسسةً ومجتمع.
ويتضح أن ذلك يتطلب أن ترضخ الأطراف الضالعة في هذه المؤامرة وتذعن إلى صوت العقل.. وبالتالي استئناف الحوار بنوايا صادقة وإعادة ما دمرته الحرب في هذا البلد الصامد.
وبالنظر إلى معطيات المشهد الراهن الذي توجت به إرادة الشعب اليمني بعد مرور عام على العدوان والتماسك العظيم بين أفراده والتعبير الصادق عن الرفض الكامل لكل أشكال و رموز هذا العدوان فإن واجب الأطراف الخارجية وتحديداً الأشقاء في المملكة التأمل ملياً و واقعياً في هذه الإرادة اليمنية بعين مجردة من الاستعلاء الذي كان –ولا يزال– يطبع بعض سلوكيات الأشقاء الذين ظنوا أنهم بهذا العدوان إنما سيتمكنون من اذلال اليمنيين وهو نفس الشعور الذي ساد القوى المشاركة فيه، إذ تصوروا خطاءً بأن الحرب على اليمن ستكون بمثابة نزهة لن تدوم أكثر من أسابيع غير أن تلك الرؤية القاصرة تحولت تحت صمود وبسالة الشعب اليمني إلى مجرد سراب، إذ خرج اليمنيون كالعنقاء من تحت الرماد.. وباتوا رقماً صعباً في الحاضر والمستقبل لا يمكن إغفاله أو تجاوزه، لذلك تبدو حاجة الجميع وفي المقدمة أولئك الذين شنوا العدوان الرضوخ للتسوية وشروط إقامة السلام العادل والشامل الذي ما كانوا في الأساس بحاجة للحرب للوصول إليه باعتبار أن اليمن جزء أساس من منظومة الخليج والوطن العربي ولا يمكن لهذا الطرف أو ذاك القفز عليه مهما استبدت به عظمة القوة.