رأس الحربة في مواجهة العدوان وهزيمته
د. أحمد صالح النهمي
إلى ساحة صنعاء الطاهرة، عاصمة اليمن الموحد توافد أوائل الجمهورية للثانوية العامة من كل محافظات الوطن دون استثناء ليرسموا لوحة يمنية مطرزة بالصمود في وجه العدوان ومرتزقته، والانتصار على مؤامراتهم الخبيثة التي سعت إلى شق الصف الوطني وتمزيق النسيج الاجتماعي والقضاء على مشاعر الوحدة الوطنية وتغذية المناطقية والمذهبية والطائفية…لكن طلابنا كما يقول الأستاذ الدكتور عبدالله الشامي نائب وزير التعليم العالي مثلوا رأس حربة في مواجهة العدوان وهزيمته وكانوا عند مستوى التحدي من خلال الإصرار على مواصلة الدراسة والتحصيل في ظل أجواء العدوان والإرهاب والقتل التي مارسها العدو ضد طلابنا، فكان التحصيل والدراسة وتحقيق التفوق خير وسيلة وأبلغ رد على همجية العدوان.
رأس الحربة في مواجهة العدوان وهزيمته يمكن أن تتسع دائرتها لتشمل كل مواطن يمني حر، رفض العدوان على وطنه، وعمل على مناهضته من موقعه بكل تفان وإخلاص، سواء أكان مجاهدا في جبهات القتال، أو مناضلا في جبهات العمل الحكومي أو الخاص، أو مثابرا في مقاعد العلم وفصول الدراسة، أو سوى ذلك فالجميع يكمل بعضهم بعضا في تعزيز صمود الوطن في وجه أحقر عدوان إجرامي عرفته الإنسانية في تاريخها المعاصر.
ومثلما كانت الحرب ذريعة تلفعت بها بعض المؤسسات الحكومية لتبرير تراجع أدائها وتسرب أفراد مكاتبها ورداءة خدماتها على وجه الإجمال، فقد شكل العدوان على الوطن حافزا كبيرا في أداء بعض المؤسسات الحكومية، وسأخص هنا بالذكر أداء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي استطاعت في فترة وجيزة بقيادة الأستاذ الدكتور عبدالله الشامي أن تنجز في هذه الظروف الاستثنائية ما لم تستطع الوزارة إنجازه في الظروف الطبيعية خلال السنوات الماضية، ومن أهم هذه الإنجازات تطبيق المعايير الموضوعية العلمية على الجامعات الأهلية الخاصة وإلغاء 12 جامعة و 4 كليات جامعية وأكثر من 33 برنامجاً دراسياً بناء على تقرير لجنة أكاديمية متخصصة وإجراءات قانونية عادلة، وهذا نجاح استثنائي، لا سيما إذا ما علمنا أن هذا الملف طرح على أروقة الوزارة أكثر من مرة، ولكنه كان عرضة للإجهاض والتمرير لصالح الجامعات الخاصة والكسب المالي الذي تحققه على حساب القيمة المعرفية والتأهيل العلمي للطالب.
ولأول مرة في تاريخ الجامعات اليمنية تعلن كل من جامعة الحديدة وعمران وذمار وإب وحجة عن وضعها المالي للطلاب والأكاديميين والمجتمع عامة في خطوة تعد البداية الحقيقية للإصلاح والتطوير واضطلاع الجامعات بدورها الريادي في المجتمع لتكون قدوة في مكافحة الفساد واعتماد الوضوح والشفافية في كافة المجالات المالية والأكاديمية والإدارية وتطوير الجانب التعليمي بما يتلاءم مع رسالة الجامعة ودورها التنويري الذي يخدم الطالب الجامعي والمجتمع عموما.
ولأول مرة في تاريخ وزارة التعليم العالي يتم إجراء عملية تصحيح الاختلالات في ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج حيث أسفر تطبيق الأسس والمعايير الواردة في قانون البعثات ولائحته التنفيذية العملية عن التنزيل النهائي لعدد (( 1795 طالبا وطالبة من الربع الأول للعام 2015 م وحتى الربع الأول للعام 2016 م كونهم خريجين أو منقطعين أو متجاوزين للمدة القانونية للإيفاد أو متعثرين لأكثر من عام دراسي، وبذلك تم تحقيق وفر مالي للخزينة العامة بتكلفة إجمالية تجاوزت ستة عشر مليون دولار.
الخلاصة يجب على كل مؤسسات الدولة أن تناهض الحرب العدوانية على الوطن بالسير على خطى وزارة التعليم العالي في إرساء ملامح العمل المؤسسي وتعزيز قيم الشفافية والمساءلة والحصول على المعلومة، وصولا إلى تحقيق الشراكة المجتمعية في الأداء الوظيفي العام وإحلال معايير الكفاءة على سائر المعايير الأخرى في كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة.