لحظة يا زمن..انعكاسات
محمد المساح
بكاء الطفل الصغير كان يصل إلى سمعه متقطعاً.
ولم يكن يدري من أي جهة بالضبط .. يصل إليه صوت البكاء .
وخمن .. أنه يأتيه من حواليه والأبواب المحيطة بمكانه مقفلةً .
ظل البكاء .. مستمراً مع تقطعٍ أحياناً لكنه ظل على وتيرته .
كان في صوت البكاء توسل ملهوف ، وطلب ملحٍ ورجاء .
استمر البكاء فترة وبعدها انقطع تماماً .
الغريب.. تلك الحالة التي أثارت في نفسه العديد من المشاعر .. المتعاطفة والمتسائلة في آن واحد .. حين كان صوت البكاء يصل إلى جدران سمعه .
تتابعت أسئلته خلال السماع ولم يجد لها جواباً .. وحين انقطع صوت البكاء ومرت فترة من الزمن .. ذابت كل تلك التساؤلات كما تذوب شمعة احترقت ضوءاً أو وانتهت.
.. بعد أن توقف هطول المطر ، استرعى نظره وهو يتأمل المحيط متأملاً .. تلك اللحظة المشبعة بالصفاء البديع وذلك الألق اللذين عكستهما جدران الآجر ” الطوب” الأحمر .
وتلك الشفافية الرقراقة اللامعة على سطوح الإسفلت .
وظلت السماء كثيفة الغيوم .. تحجب اللون الأزرق .. والشمس في إجازة لحظية.. الغريب ذلك الضوء الفضي الهادئ والخفيف الناعم الذي غمر وعمَّ الأشياء والكائنات .
.. هو الليل .. فأرحل في مجاهله إذْ أتتك الرغبة في الرحيل .
ليل غائم ، لا قمر .. لا نجوم .
لا تتراجع .. توغل في الغدرة دع قدميك تتحسس سطح الطريق وبتأن .. وأرفع يديك على مستوى الكتف نحو الأمام .. امضي إلى الأمام .. حتى تصل طريق الخيط الأسود .