سورية والانسحاب الروسي وجنيف والفيدرالية المزعومة ..؟!!
طه العامري
يظل بعض العرب رغم كل الدلائل والمعطيات السياسية يجسدون أعلى مراحل حالة ” الغباء السياسي ” إن صح التعبير , وهذا ما نلمسه ونستشفه في عملية قيام روسيا الاتحادية بسحب بعض قواتها من سورية بعد أن أنهت مهمتها , وهي العملية التي راح بعض الفاشلين يصوروها وكأنها ” تخلي روسي ” عن سورية ونظام الرئيس الأسد وهو تبرير يعكس ويجسد فداحة الغباء الذي يتمتع به أصحاب هذا القول الذين يبحثون عن أي موقف ليعملوا على استغلاله وتوظيفه سياسيا وإعلاميا كتعبير عن حالة العجز والفشل الذي تعيشه هذه الأطراف .
الموقف الروسي كان واضحا وصريحا , في هذا الشأن وليس ضبابيا أو بحاجة لتفسيرات , خاصة وهناك قواعد روسية ثابتة في سورية باقية كما هي ولا تغير فيها ولا في أسباب وجودها , الأمر الآخر الذي كان يفترض أن يستوعبه هؤلاء الأغبياء هو ما صدر عن ” واشنطن ” التي أكدت أن لا مصلحة لها في تحديد هوية الدولة السورية القادمة, مؤكدة أن هذا الأمر شأن سوري , الأمر نفسه يتصل بفكرة ومشروع ” الفدرلة ” في سورية وخاصة بعد إعلان أكراد سورية عزمهم إعلان إقليم شمال سورية الكردي كإقليم فيدرالي وهو إعلان سياسي بنظري قبل أن يكون إعلانا واقعيا, لكنه يأتي في سياق ” رد الفعل الكردي ” السوري على تخرصات تركيا ونواياها في شمال سورية .
الدكتورة بثينة شعبان بدورها, نفت فكرة الفيدرالية في سورية ورفضتها رفضا مطلقا ..الموقف الكردي يأتي أيضا في سياق رد الفعل الكردي الذي يعبر عن موقفه من عدم دعوته إلى ” جنيف ” إذن هناك عوامل سياسية وراء كل مفردات الخطاب السائد حول سورية بدءا من انسحاب القوات الروسية وصولا إلى موقف الأكراد في سورية دون أن نغفل ما يجري في ” جنيف السوري ” من تفاعلات سياسية ومواقف الدول الكبرى منها , روسيا طبعا تدرك جيدا متى وكيف تقف إلى جانب حليفها السوري عسكريا , والجيش العربي السوري الذي أنتقل من مربع الدفاع إلى مربع الهجوم في 14 معركة يواجه فيها العصابات المسلحة صار القرار العسكري بيده وبالتالي لا يحتاج لدعم لوجستي عسكري من حليفه الروسي خاصة وقد تم تزويد الجيش العربي السوري بمنظومة متكاملة من أسلحة الدفاع الجوي الحديثة والمتطورة وبالتالي لم يعد هناك ثمة حاجة لوجود الطيران الروسي القتالي , الذي غادر أفواجه ” سورية ” بالتنسيق مع القيادة العربية السورية وبالتالي لم تكن الخطوة الروسية مفاجئة لحليفه السوري ولا لقيادة سورية التي ترتبط بعلاقة استراتيجية متينة مع روسيا الاتحادية وقبلها الاتحاد السوفييتي وهي العلاقة التي لم ترتبط بها أي دولة ولم تصل إلى مرتبتها أي علاقة ربطت روسيا الاتحادية مع دولة خارجية .. بيد أن إعادة الانتشار الروسي- إن جاز التعبير- في سورية خلقت حالة إعلامية سوقها البعض وذهبوا لتصويرها بعيدا عن سياقها كنتاج لحالة الارتباك التي يعاني منها هؤلاء البعض وتعبيرا عن فشل يخيم على عقولهم وهو الفشل الذي يوحي وبوضوح اليوم إلى سقوط كل المشاريع التآمرية على سورية ونظامها عسكريا .
وسياسيا فأن ” جنيف ” السوري ” يوحي بكل مؤشراته بأن من فشل عسكريا لا يمكنه أن يربح سياسيا وهذا ما عبرت عنه كل المعطيات التي تناولت المسار العربي السوري على إثر مغادرة جزء من القوات الجوية الروسية ” دمشق ” .. كما أن تصريحات كبير مفاوضي وفد ” الرياض ” في جنيف عكست حالة التخبط والهزيمة والشعور بالخسران والفشل, حين طالب هذا الوفد وعلى لسان كبير مفاوضيه ” بقتل الرئيس الأسد ” ؟ وكلام كهذا لا يصدر من شخص يبحث عن حلول لوطنه وأزماته ولا يصدر عن شخص سوي يسعى لوقف نزيف الدم في وطنه .
إن سورية الأرض والإنسان والقيادة والقائد , الكل ينتصر ويسجل مراحل انتصاره الفعلي سياسيا وعسكريا وأمنيا , وهذا الذي يجري هنا أو هناك بما في ذلك الخطابات الإعلامية المتصاعدة والحادة لأطراف المؤامرة كل هذا يدل دلالة قطعية على انتصار سورية الوطن والدولة والقيادة والشعب , وأن ملف سورية يوشك أن يغلق وأن خمس سنوات من الحرب والتآمر والإرهاب , كل هذا تبدد وانتهى إلى سراب وأن من أرتكب الجرائم بحق سورية وشعبها سيدفع ثمن جرائمه وأول الثمن هو فشله في الوصول إلى ما خطط له, وهذا انتصار لسورية ولجيشها الصامد الذي ثبت وصنع نصرا هو نصر للأمة وليس لسورية وحسب , فصمود سورية وجيشها أسقط وهم ” الشرق الـأوسط الجديد” وحطم أحلام الصهاينة وبدد أطماع الاستعمار وكل زبانيته ..
وستبقى سورية عربية صامدة موحدة ومقاومة ولن ينال منها الخونة ولا المتآمرون وأذنابهم ..